جمعية العميد العلمية والفكرية تنظمُ مؤتمرها السابع
05-02-2025
منتظر العامري
تواجه الأسرة العراقية تحدّيات متزايدة؛ نتيجة التطور التكنولوجي السريع، وتأثير على سلوكيات الأفراد، ما يبرز الحاجة إلى منصات حوارية تجمع الخبراء والباحثين لمناقشة هذه القضايا، وإيجاد الحلول المناسبة.
وفي هذا الإطار، تبنّت العتبة العباسية المقدسة رعاية مؤتمر العميد العلمي السابع الذي تنظمه جمعية العميد العلمية والفكرية بالتعاون مع جامعتي الكفيل والعميد بعنوان (أمن الأسرة والمجتمع: الهُوية والتحديات التقنية)، وحمل شعار (نلتقي في رحاب العميد لنرتقي).
ويقول رئيس الجمعية الدكتور رياض العميدي: «إنّ المؤتمر يتناول موضوعات أمن الأسرة والمجتمع عبر قراءات اجتماعية ونفسية وتربوية، بالإضافة إلى الأمن المعرفي والثقافي، والدين والتراث، إلى جانب البحوث المدونة باللغة الإنجليزية»، مضيفا: «بلغ مجموع البحوث التي استُلمت (77) بحثًا، مرت على مراحل التقويم المختلفة، باستخدام برنامج الاستلال العالميTurnitin، بالإضافة إلى برنامجي التقويم الفكري والعلمي، حيث قُبل منها (31) بحثًا، بعضها رُشح للإلقاء، وبعضها للنشر ضمن وقائع المؤتمر».
منصة مهمة للباحثين
لا يمكن مواجهة الخطط الممنهجة إلا بخطط ممنهجة ومدروسة؛ إذ يحتاج الأمر دعوة جدية ومنصة حقيقية للمختصين لطرح المشاكل والمعالجات، وفي هذا السياق، أكد الدكتور جعفر محمد أيوب، الباحث المشارك من مملكة البحرين: «إنّ المؤتمر يشكل منصة مهمة للباحثين نظراً للموضوع الذي جمعنا من أجله، وقد أوجد مكانة رفيعة تأخذ مأخذها من أنفسنا، كما أنه فرصة ثمينة للقاء الباحثين من مختلف أنحاء العالم العربي والغربي». مضيفاً: «نحن نعيش في عصر انفجار المعلومات والتطور المعرفي، وهذا بدوره يؤثر بشكل واضح على الأسرة، ولا بد من أن تدخل الأسرة في العالم المعلوماتي والرقمي، وإلا ستحدث فجوة رقمية، فقد انتهى عصر التربية الكلاسيكية».
التحديات الرقمية والعنف الرقمي
لقد غيّر التطور التكنولوجي الهائل الذي نشهده اليوم أنماط حياتنا على نحوٍ جذري، ومع ذلك، فإن هذا التطور يأتي مصحوباً بتحديات جديدة، أبرزها العنف الرقمي، وفي هذا الصدد، تقول الصحفية المختصة في الإعلام والاتصال الدكتورة هدى الحاج قاسم من جمهورية تونس: «العالم اليوم يواجه العنف الرقمي بشكل واضح، والخطير في الأمر هو أنّ المشكلة تتفاقم يوماً بعد آخر».
وتابعت: «إنّ منظمة اليونسكو بدأت التحذير من العنف الرقمي منذ سنة (2017) عبر دراسات عدة، ولكنها ركزت على جنس الإناث»، فيما أشارت إلى أنّ: «العتبة العباسية المقدسة سباقة دوما، ولكن هذا المؤتمر مميز؛ لأنه يحاول إيجاد حلول حقيقية للأسرة والمجتمع عبر البحوث المهمة المشاركة»، مؤكدة على إخضاع: «الأبحاث المشاركة للتدقيق على مدى أسابيع طويلة، وهذا ما يؤكد جدية اللجان التي اختارتها ملاكات العتبة العباسية المقدسة»، منوّهة إلى أنّ: «هذا المؤتمر حقق حلمها الروحي في زيارة مدينة كربلاء المقدسة والتجول في أروقتها».
أهمية الحوار الأسري
إنّ التغيرات السريعة في المجتمع، واختلاف القيم بين الأجيال، وتأثير التكنولوجيا على عادات التواصل، كلها عوامل تسهم في تراجع الحوار العائلي، بحسب الدكتور علي بن مبارك من تونس أحد الباحثين المشاركين في المؤتمر؛ إذ أكّد أنّ: «الأسرة تعاني اليوم من غياب الحوار بين أفرادها، مما يؤدي إلى غياب الانسجام والتعاون، وهذا يُعدّ تطوراً خطيراً على مستوى العالم؛ لأنّ الأسرة هي النواة التي تشكل المجتمع»، متابعاً: «وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص أدت إلى فتور العلاقة بين أفراد الأسرة، وقللت من الدور التربوي والأخلاقي والقيمي والتوجيهي الذي كان يقوم به الوالدان تجاه أبنائهما».
ويضيف ابن مبارك: «العتبة العباسية المقدسة أوجدت عبر هذا المؤتمر الحلول لكل هذه المشاكل من خلال دعوتها للباحثين من جميع أنحاء العالم؛ حيث وضعت النقاط على الحروف على وفق دراسات ومعالجات قابلة للتحقيق على أرض الواقع، قدمناها واستمعنا لها من المنصة»، مؤكدًا أنّ: «التقنيات تحتاج إلى طرق في استخدامها والاستفادة منها، وإلا فإنّ الإنترنت شديد الخطورة لمن لا يعرف كيفية استعماله، ولهذا يجب تدريب الأبناء على استخدامه، ولتحقيق ذلك يجب أن يتشكل فريق قادر على تدريب الأبناء والعوائل لحماية المجتمع من تجويفٍ لا يُحمد الوقوع فيه»، مشيراً إلى أنّ: «المؤتمر يرتقي إلى القمة؛ نظراً لما سمع ورأى، وأن العتبة المقدسة تعمل على الارتقاء بالعالم أجمع عبر تركيزها على حلّ المشاكل الجوهرية التي يعاني منها المجتمع الإنساني على نحوٍ عام».
البحوث المشاركة وسُبل مواجهة التحديات
يقول رئيس الجلسة البحثية الأستاذ الدكتور سرحان جفات سلمان: «إنّ البحوث المشاركة تناولت سبل مقاومة إمكانات الانحراف للأسر المسلمة - لا سمح الله - إذ اتجه الحديث في البحوث الى اتجاهين: الأول هو تشخيص ملامح الانحراف، والآخر هو معالجة ملامح الانحراف للأسر المسلمة»، مضيفًا: «الأسر المسلمة مهددة بأنماط من المشكلات التي يسببها العالم الرقمي، وهذه المشكلات جديدة على مجتمعنا، وتحتاج إلى رؤية جديدة». ويوضح سلمان: «إنّ العالم أصبح قرية صغيرة أو أسرة واحدة، وكأن الخصوصية والحدود ألغيت، والمحرمات أصبحت شبه طبيعية في العالم، وهذا المؤتمر جاء ليسهم في تحقيق أمننا المعرفي لحياتنا اليومية»، مشيرا إلى أنّ: «العتبة العباسية المقدسة لها الريادة دوما في المؤتمرات والفعاليات التي تسهم بإثراء حركة المجتمع الرسالي الرباني، وتقف بوجه حركات التغيير السلبي التي تحارب قيمنا الأخلاقية والإسلامية الرفيعة».
وبحسب آراء المشاركين، يبرز مؤتمر العميد العلمي السابع الذي نظمته العتبة العباسية المقدسة كمنصة مهمة تجمع الباحثين والخبراء لمناقشة أهم القضايا التي تواجه الأسرة والمجتمع في ظلّ التحديات التقنية والرقمية، فيما يشير القائمون على مؤتمر العميد السابع الى أنّ: «هذا المؤتمر لم يكن فقط فرصة لتبادل الأفكار والحلول، بل لتكريس الجهود نحو بناء مجتمع أكثر استقراراً وأمناً».