معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف انعكاس لهوية المدينة وصرح قرآني معطاء

31-01-2025
خالد الثرواني
خالد الثرواني
يعدّ معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف واحدًا من تشكيلات المجمع العلمي للقرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة، وللمعهد دور محوري في نشر الثقافة القرآنية في المدينة المقدسة والمدن المجاورة، مستثمرا وجوده في حاضرة العلم والعلماء، ناهلا من عطاء الحوزة العلمية ليغمر المؤمنين في محافظات متعددة بعلوم القرآن الكريم.
مدير المعهد السيد مهند الميّالي، قال: «إنّ المعهد تأسس نهاية عام (2016)، وكان يحمل منذ بدايته رؤى عميقة وعملًا متقنًا في إطار إبراز المعارف القرآنية من جهة، وتطوير الأداء الإقرائي في حفظ القرآن الكريم وتلاوته.
من جهة أخرى، باشر المعهد نشاطاته بإقامة دورات الحفظ والتلاوة والتفسير، واستمر بعمله حتى أنه خصص ملفاً خاصاً بطلبة الحوزة العلمية عبر المشروع القرآني لطلبة العلوم الدينية الذي بدأ العمل به منذ بداية التأسيس، إضافة إلى المهام والأعمال الأخرى.
كذلك يهتم المعهد حينها بالمعارف القرآنية، إضافة إلى الأنشطة البحثية، إذ أنّ المعهد يمتلك رؤية وطموحًا كبيرين في ما يخصّ مجال البحث والتأليف، وإقامة الدورات الفكرية؛ كونه في حاضنة العلم والعلماء النجف الأشرف، واستمرت هذه الدورات والأنشطة برعاية ودعم من سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي».
وأضاف: «يهتم المعهد في تحفيظ القرآن الكريم ضمن إطار الإرشاد القرآني لما يحمله كتاب الله العزيز من معانٍ إرشادية وأخلاقية، فأنشأنا وحدة تحت مسمى وحدة التحفيظ والإرشاد القرآني، وعبر هذا الاهتمام أتم طلابنا حفظ القرآن الكريم كاملا».
المشروع القرآني في الجامعات
وحول الأنشطة والفعاليات المركزية على مستوى الفضاء الوطني، بيّن الميالي: «إنّ المعهد نظم دورات صيفية بدءًا بمحافظة النجف، ومن ثم توسع إلى محافظات القادسية، وواسط، وميسان، وكركوك، وصلاح الدين، واستمرت الأنشطة والاحتفالات على نحو مستمر شيئًا فشيئًا، بعد ذلك فتحت فروع للمعهد، الفرع الأول كان في قضاء الحمزة الشرقي، والثاني في محافظة الديوانية، وهو الآن قيد التأسيس، وهناك فروع أخرى ستأتي تباعا، فضلًا عن تنفيذ الأنشطة في المناسبات الدينية والوطنية».
وتابع: «أهم المشاريع التي عمل عليها المعهد منذ تأسيسه هو المشروع القرآني لطلبة الجامعات العراقية، وهو مشروع رافق المعهد طوال تسع سنوات على التوالي، وجاء المشروع في إطار اهتمام المعهد بشريحة الشباب ورعايتهم قرآنيا، وتقديم المعارف الدينية عامة، والمعارف القرآنية خاصة، وكان لهذا المشروع الأثر البالغ في نفوس الشباب عبر أنشطة غير تقليدية مثل: الذهاب إلى الأقسام الداخلية، وإقامة جلسات الحوار، والاستماع لوجهات نظرهم ورؤاهم فيما يخصّ الدين، وذلك بعد اختيار أساتذة من الحوزة العلمية وفضلائها وطلبتها لمحاورة هؤلاء الشباب والاستماع لهم ورعايتهم، وتقديم الدعم المعنوي لهم بكل أنواعه وصنوفه، فضلا عن الدعم الديني في ما يخصّ تعزيز الهويات الدينية والثقافية والوطنية لدى الطلبة».
مؤكدا: «لمسنا أثرا كبيرا لهذا المشروع في أذهان الشباب عامة والشباب القرآني عبر إقامة المسابقات القرآنية في الحفظ والتلاوة أو المسابقات البحثية لطلبة أقسام علوم القرآن الكريم، فضلا على أنّ المشروع توسع من جامعة الكوفة إلى كل طلبة الجامعات في النجف الأشرف، مثل: جامعات الكفيل، والفرات الأوسط التقنية، وجامعة الإمام الصادق، وجامعة جابر بن حيان للعلوم الطبية، والشيخ الطوسي، والجامعة الإسلامية والقادسية والمثنى، وهناك جامعات أخرى تأتي تباعا لتغطيتها والإفادة منها».
ولفت الميّالي الى أنّ: «قرابة ستة آلاف طالب في عدد من الجامعات اشتركوا في المسابقة الكتبية بجوائز مختلفة منها مالية، وأخرى زيارات لبيت الله الحرام والمراقد المقدسة، فضلا عن مئة جائزة الكترونية وجوائز معنوية، وهذا يدلّ على الاهتمام البالغ من قِبَلِ المجمع العلمي القرآن الكريم بشريحة طلبة الجامعات»، مشيرا الى: «وجود معايير للأنشطة وتحليل لبياناتها والإفادة منها في الأنشطة خلال الأعوام المستقبلية، وذلك عبر لجنة خاصة بالجودة وتقويم الأداء».
الأول من نوعه في العراق
وأشار إلى: «هناك مشروع خاص أطلق قبل عام وهو المشروع الوطني لتطوير الملاكات القرآنية في العراق، وهو مشروع رائد في تخصصه والأول من نوعه على مستوى العراق، يستهدف القيادات العليا في المؤسسات القرآنية الفاعلة لتقام لهم دورات فكرية بالنجف الأشرف، وهناك مشروع آخر خاص بمعلمي ومدرسي التربية الإسلامية يُقام للعام الثالث على التوالي عبر إقامة دورات للمعلمين والمدرسين لأكثر من عشرة أيام بواقع (30) ساعة تدريبية، وهذه الدورات تطورهم في مجال قراءة القرآن الكريم بالشكل الصحيح وتعليم طرائق التدريس، وأيضا تعليم القصص القرآني والمعارف الدينية والقرآنية وتحديات الشباب المعاصرة الذين هم تحت سن المراهقة في المدارس، وبعد ذلك ينطلقون إلى المدارس ليقيموا الأنشطة القرآنية والدينية داخل المدارس الأكاديمية، وهنالك خطط وبرامج جديدة للأيام المقبلة وتحديدا في شهر رمضان المبارك؛ إذ أنّ هناك استعدادًا كبيرًا من قبل العتبة العباسية المقدسة لهذا الشهر المبارك عبر إقامة الختمات والبرامج القرآنية مثل برنامج (يبلغون)؛ إذ يرسل المعهد أكثر من (70) مبلغا ليبلغوا في (12) محافظة عراقية بدءًا من محافظة البصرة جنوبا، وانتهاء بمحافظة نينوى شمالا لمدة (21) يوماً».
من حاضرة العلم
استثمر معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف وجوده في حاضرة العلم وقرب باب علم مدينة رسول الله (صلوات الله عليهما) القرآن الناطق العامل بالقرآن الكريم، والعالم بتأويله وتفسيره، كما كان لقربه من الحوزة العلمية الأثر في البرامج والفعاليات التي أطلقها المجمع العلمي للقرآن الكريم ممثلا بالمعهد.
يقول معاون مدير المعهد الشيخ قدامة الخضيري: «إنّ معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف استثمر البيئة العلمية للمدينة وجوار أمير المؤمنين (سلام الله عليه)؛ إذ انعكس ذلك عبر وجود طلبة العلم من شتى بقاع العالم، واستفاد من تلك الخبرات، كذلك أضاف إضافة نوعية لبعض الجوانب العلمية والدينية؛ فالحوزة العلمية في النجف الأشرف مهتمة اهتماما بالغًا في الفقه والأصول، وكذلك تلاوة القرآن، كما استطاع المعهد تقديم الدورات، وإشاعة الثقافة القرآنية لطلبة العلوم الدينية؛ كون علوم القرآن الكريم من المعارف الموجودة في الحوزة العلمية».
وفي محور آخر، يشير الخضيري الى أنّ: «معهد القرآن الكريم في النجف الأشرف رصد المشكلات الاجتماعية الدخيلة، وهو يحاول أن يعالجها عبر الاستناد إلى الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة من خلال المحاضرات التي تمتد لـ(21) ليلة، عبر (70) مبلغا في (12) محافظة؛ وذلك خلال شهر رمضان المبارك؛ لإشاعة الثقافة القرآنية وشرح روايات أهل البيت (عليه السلام) التي تعالج المشكلات الدخيلة».
ويضيف أنّ: «المعهد استثمر المناسبات الدينية مثل ولادات أهل البيت (عليهم سلام) ومآتمهم، كما يحاول إدامة هذه البرامج لتعريف الشباب من حفاظ القرآن الكريم، وكذلك المنتسبون للمعهد؛ لترسيخ ثقافة احياء مناسبات أهل البيت (سلام الله عليهم)».