العتبة العباسية المقدسة تنظم مؤتمر العميد العلمي العالمي السابع

23-01-2025
عبد الله علاوي
نظمت جمعية العميد العلمية والفكرية وجامعتا الكفيل والعميد التابعتان للعتبة العباسية المقدسة، مؤتمر العميد العلمي العالمي السابع، بعنوان (أمن الأسرة والمجتمع: الهوية والتحديات التقنية)، وتحت شعار (نلتقي في رحاب العميد لنرتقي).
وانطلقت في رحاب العتبة العباسية المقدسة، فعاليات اليوم الأول من مؤتمر العميد العلمي العالمي السابع، وشهدت الفعاليات حضور عدد من أعضاء مجلس إدارة العتبة المقدسة ومسؤوليها، إلى جانب نخبة من الباحثين المحليين والدوليين.
وتضمّن افتتاح المؤتمر كلمة للعتبة العباسية المقدسة ألقاها عضو مجلس إدارتها، الدكتور عباس رشيد الددة الموسوي، قال فيها: «من أجل تطبيق رؤية العتبة العباسية في الحفاظ على البنية المجتمعية، وصون أمنها واستقرارها، والتمسك بهويتها وإحياء كلّ ما من شأنه ترسيخ مبادئ ديننا الحنيف، وبعثها في نفوس أفراد المجتمع، نشرع اليوم برعاية مؤتمر العميد الذي يتناول أمن الأسرة والمجتمع».
مضيفا: «إنّنا نشهد هجمات عنيفة تستهدف الأسس التربوية، وأركان الأخلاق، تحت طائلة ما يفرزها مشهد التواصل الاجتماعي والإعلاميّ، من تهديم وانفتاح وتفسيخ وتخلٍّ عن القيم والمبادئ والأعراف؛ كون الأسرة هي ما يقوم عليه بنيان المجتمع، وإنّ قيم الأبناء الدينية والأخلاقية، إنما تُكتسب أولًا من محيط تلك الأسرة، وتنمو فيها وتُحصّن وتُرسّخ».
وبيّن الددة: «الأسرة اليوم في موضع استهداف مستعر من تيارات مناوئة، واتجاهات همّها الأول هو جرفها عن السبيل القويم، وطمس هويتها الإسلامية، والعزوف بها عن القيم النبيلة، التي رسّخها نبيّنا وعترته الطاهرة (عليهم السلام)، والسير عكس الفطرة والدين الحنيف».
موضحًا: «نلتقي في هذا المؤتمر العلميّ؛ لنمدّه معكم بالعزم والرعاية ليأخذ سبيله إلى مراقي النجاح التي لن تكون إلاّ بالبحث العلميّ والمؤتمرات والملتقيات العلمية؛ إدراكًا منّا جميعًا بمدى أهميّة تفعيل العقل ودوره في رسم المستقبل الزاهر الآمن، فالبحث العلميّ هو حجر الزاوية فيه، وبه تُدام المعرفة، ويكون الاكتشاف، وتتوسّع المدارك، وتُنمّى القدرات، وتُفتح الآفاق المعرفيّة الجديدة، وبه يُرفع مستوى الوعي ممّا يسهم في تنمية الفرد وتطويره وحلّ مشاكله، إلى جانب سعيه لصناعة تجمّعات بشريّة تدعم العلائق العلميّة، وتمتّن الأواصر البحثية، وترصّن جودته من خلال مجسّات التحكيم العلميّ ومن خلال المراجعة والمباحثة والتقييم».
وتابع: «من فضائل البحث العلمي، إنّه يسعى لتحسين جوانب الحياة المختلفة، ونشر البحوث العلمية هو ركيزة ذلك التحسين ومفتاحه، وإنّ المؤتمرات العلمية هي وسيلة النشر العلمي الأسرع، والأكثر فاعلية؛ بسبب تنوع الحضور، وما يرافقهم من وسائل إعلام، وتعريف المشهد العلميّ والأكاديمي بالباحثين وتخصصاتهم وما وصلوا إليه في حقل المعرفة، والخبرة، وتوثيق الملكيات الفكرية والحقوق العلمية لأصحاب البحوث والدراسات، إلى جانب الوقوف عن كثب على الصعوبات والتحديات في جوانب المعرفة والعلم».
مشيرًا إلى: «دور النقاش والمداخلات في المؤتمرات يأتي ليفتح آفاقًا جديدة، وزوايا كانت تحت الظل، سواء أمام الباحث أو أمام الآخرين؛ إذ تنبّههم إلى مجالات بالإمكان دراستها، واطلاع الجميع على المستجدات في حقول المعرفة، والمتغيرات والتطورات».
بعدها جاءت كلمة اللجنة التحضيرية ألقاها الدكتور كريم حسين وجاء فيها:
«الأمن الاجتماعي صار من المطالب الأساسية الملحّة التي تنتظر الدراسات المعمّقة المستوعبة لتحدّيات هذا العصر المستشرفة لآفاق المستقبل، والواعدة بوضع الحلول والمرشدة إلى سبل العلاج لكثير من الأدواء والمشكلات التي طرأت بعد الثورة التقنية والإنجازات العلمية في مجالات الاتصال والرقميات والذكاء الاصطناعي، وهي إنجازات أحدثت انتقالات نوعية في الحياة الاقتصادية والعمرانية والإدارية، وأسهمت في تطوير وسائل التواصل الاجتماعي، وقدّمت للمجتمع خدمات جليلة، غير أنّ هذا التطور العلمي قد سخّرته جهات ومؤسّسات معادية للإسلام لبثّ الأفكار والعادات والممارسات التي تمزّق الأسرة، وتحرف الفرد وتنخر المجتمع، فصار من الحتمي أن يعي المخلصون المؤمنون بقيم الإسلام وتعاليمه القويمة السمحة هذه المآرب، ويفطنوا إلى وسائل أعداء الإسلام المبطنة لتخريب المجتمع، ومحاولاتهم إشاعة الظواهر المخلّة بالآداب والسلوك والمخالفة لقيم الإسلام».
وواصل القول: «صار من الحتمي أيضًا أن نحصّن الأسرة والفرد في مجتمعنا الإسلاميّ، بما يجعلهم في أمن وأمان من الانحرافات والارتدادات التي لا ترضي الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم (صلّى الله عليه وآله)؛ لنبقى على المنهج القويم لنبيّنا وأئمّتنا المعصومين (عليهم السلام) في رعاية الأسرة والمجتمع، وتحصينهما من غوائل الانحراف وعواقب الانسلاخ عن مسارات هذا المنهج القويم».
وتابع: «لا شكّ في أنّ بحوث مؤتمر العميد العالمي السابع ستكشف عن مسارين: مسار أعداء الدين لتخريب الأسرة والمجتمع، ومسار منهج الإسلام في تحصينهما، وستضع الرؤى لتفادي مضار المسار الأول، وترشد إلى المنارات المضيئة للاهتداء بأنوار المنهج الإسلامي، وستضع الحلول الناجعة للمشكلات الناجمة عن سوء تسخير وسائل التطوّر العلميّ بتقنياته المستحدثة».
وأضاف: «وصلت إلى اللجنة التحضيرية سبعة وسبعون بحثًا، خضعت للتقويم العلمي من قبل خبيرين أو ثلاثة، فقُبل منها واحد وثلاثون بحثًا، غير أنّ الوقت المحدّد للمؤتمر لا يسمح إلا بإلقاء أربعة وعشرين بحثًا سيشنّف الباحثون أسماعكم، ويخاطبون عقولكم بملخّصات لها، وصار هذا المؤتمر قبلة لتوجّه الباحثين في العالم صوب كربلاء المقدسة، فاستقطبت في هذا العام باحثين من بريطانيا، وفرنسا، وكندا، وماليزيا، وإيران، ومصر، والمغرب، ولبنان، وسوريا، والجزائر، وتونس، وليبيا، والبحرين.
وتوزّع المؤتمر على خمسة محاور:
الأول: أمن الأسرة والمجتمع، قراءات اجتماعية ونفسية وتربوية.
المحور الثاني: الأمن والتقانة.
المحور الثالث: الأمن المعرفي والثقافي.
المحور الرابع: الدين والتراث.
المحور الخامس: البحوث المدوّنة باللغة الإنجليزية.
لتأتي كلمة الوفود المشاركة التي ألقاها الدكتور علي بن مبارك من تونس وأوضح فيها:
«مشاركتنا في مؤتمر العميد تمنحنا مزيدًا من المعرفة وسعة في الاطلاع، عبر بحوثه التي تتناول موضوعات تمنحه طاقات فكرية تراكمية تزيده رصانة وموضوعية؛ لأنّ الفكر والعلم حصاد جهود المفكرين في العالم، وليست جهود فرد أو بلد أو قومية».
مضيفا: «مؤتمرات العميد استقطبت العلماء من بقاع العالم؛ ليقدموا عطاءهم العلمي في مجالات حيوية متعددة، تعالج احتياجات المجتمع ومتطلبات بنائه بناءً إسلاميًّا رصينًا يدرأ عن المسلمين مخاطر المناوئين للإسلام، ويقيهم شرور أعدائه».
وبيّن ابن مبارك: «الملتقيات والمؤتمرات العلمية هي محطات نلتقي فيها لتبادل الآراء وإلقاء البحوث ومحاورة العلماء والاستئناس بمقالاتهم واستنتاجاتهم، وتزداد أهمية هذه اللقاءات بانعقادها في رحاب العميد لنرتقي عبر مشاركتنا في خدمة مجتمعاتنا».
بعدها عُرض فيلم وثائقي بعنوان (سبع سنبلات خضر)، تناول النسخ السابقة من المؤتمر بدءًا من كلمة المتولي الشرعي للعتبة المقدسة السيد أحمد الصافي، وصولًا لآلية اختيار البحوث، إلى جانب تحضيرات النسخة الحالية واستعداداتها.
وشهد المؤتمر عبر جلساته البحثية إلقاء عدد من البحوث باللغتين العربية والإنجليزية، ناقشت موضوعات متعددة، منها: القراءات الاجتماعية والنفسية، وأمن الأسرة والمجتمع، والدين والتراث، والأمن الفكري.
وقال رئيس جمعية العميد الدكتور رياض العميدي:
«المؤتمر تناول موضوعات أمن الأسرة والمجتمع، وقراءاتٍ اجتماعية ونفسية وتربوية، والأمن المعرفي والثقافي، والدين والتراث، بالإضافة إلى البحوث المدونة باللغة الإنجليزية».
مضيفا: «مجموع البحوث التي استلمت (77) بحثاً، دققت على مراحل التقويم المختلفة، من حيث برنامج الاستلال العالمي (Turnitin)، إضافةً إلى برنامج التقويم الفكري والتقويم العلمي، وقبل منها (31) بحثاً، بعضها رشحت للإلقاء، وبعضها رشّحت للنشر ضمن وقائع المؤتمر».
وتابع: «الباحثون المشاركون في المؤتمر يمثلون مختلف الجامعات العراقية، والهيئات التعليمية والتربوية، إضافة إلى المشاركات الخارجية المتميّزة من فرنسا، وكندا، وماليزيا، ومصر، وسوريا، ولبنان، والأردن، وإيران، وتونس، والجزائر، والمغرب، وليبيا، بالإضافة إلى البحرين».
من جانبه، بيّن رئيس قسم الدراسات المجتمعية في الجمعية الدكتور محمد حسن جابر:
«بحوث المؤتمر ناقشت قضايا مختلفة تتعلق بأمن الأسرة والمجتمع، حيث شهدت الجلسات البحثية تفاعلاً كبيراً، مما يعكس اهتمام الباحثين والحضور بمعالجة التحديات والمخاطر التي تهدد استقرار الأسرة والمجتمع».
مضيفا: «العتبة العباسية وجمعية العميد تواصلان دورهما الاجتماعي عبر تشخيص القضايا المجتمعية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأسرة والتهديدات التي تواجهها، والعمل على معالجتها».