صيانة متقنة لباب قبلة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)

19-12-2024
منتظر العامري
أعمال فنية معقدة وزخارف متنوعة تلتقي في باب قبلة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام)، ذلك الباب الذي يُعدّ تحفة معمارية إسلامية تشد الأنظار بجمالها وتفاصيلها الدقيقة، تعكس مستوى المهارة الحرفية التي وصلت إليها ملاكات العتبة العباسية المقدسة.
وبعد توجيه سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية السيّد أحمد الصافي (دام عزه) شرعت ملاكات قسم صناعة شبابيك الأضرحة الشريفة وأبوابها بعملية ترميم شاملة لأحد أهم أبواب العتبة المقدسة المهمة.
وقال رئيس القسم السيد ناظم جاسم الغرابي: "إنّ باب قبلة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) يشكل مدخلاً رئيساً إلى الحرم المطهر، وقد تعرّض مع مرور الزمن وتعاقب السنين إلى بعض التلف والتآكل، مما استدعى إجراء صيانة دقيقة وعناية فائقة لجميع مفاصله وأجزائه".
رحلة الترميم
بدأت عملية الترميم بتفكيك الباب بالكامل، ونقله إلى قسم صناعة شبابيك الأضرحة الشريفة وأبوابها، وفقًا لرئيس القسم الّذي بيّن: إنّ "ملاكات القسم وضعت بابا مؤقّتا بديلًا عن الأول؛ لحين إكمال أعمال الصيانة التي يجريها فريق من الحرفيين المهرة عبر ترميم الأجزاء التالفة وتجديد الزخارف والنقوش التي تزيّن الباب، وقد استخدمت في هذه العملية مواد عالية الجودة، أبرزها الذهب عيار (24)، إذ استُخدم ما يقارب (2 كغم) من المعدن الأصفر في عملية طلاء الأجزاء المعدنية، مما أعطى الباب لمعاناً وبريقاً خاصاً.
تفاصيل دقيقة وهندسة متقنة
لم تقتصر عملية الترميم على الأجزاء الظاهرة من الباب، بل شملت أيضًا الأجزاء الداخلية والهيكل الأساسي، فقد فُحِص كل جزء بدقة، واستبدلت الأجزاء التالفة بأخرى جديدة، ويوضح الغرابي حول ذلك أنّ "ملاكات القسم عملت على إصلاح قطع المينا المتضرّرة، وصيانة النقوش والزخرفة الموجودة على الباب، واستخدام معدن الستانليس ستيل في عمل قواعد الباب التي تبلغ أبعادها (3.68م ارتفاعاً و1.5م عرضاً)، مشيراً إلى: أن "القسم سيعمل على تغليف واجهة الباب بالزجاج المقسّى للمحافظة عليه".
من جانبه، يقول معاون رئيس القسم المهندس حسام محمد جواد ذيبان: إن "ملاكات القسم استبدلت قواعد الباب المصنوعة من معدن النحاس الأصفر (البراص) المطلي بمعدن النيكل؛ كونها متعرضة للتآكل والصدأ على مدار السنين الماضية بقواعد جديدة مصنوعة من معدن الستانليس ستيل الذي يعرف بكفاءته العالية لمقاومة العوامل الخارجية"، لافتا الى: أن "شعبة النجارة أجرت صيانة لبعض الأجزاء الخشبية بواسطة إضافة قطع خشبية للأماكن المتعرضة للتلف".
عودة إلى الحرم المطهر
بعد الانتهاء من أعمال الترميم، سيعاد تركيب الباب في مكانه الأصلي في الحرم المطهر، ليعود مجدداً ويستقبل الزوار والمؤمنين بهيبته ورونقه الأصلي.
ويؤكد الغرابي: إنّ "نسبة إنجاز أعمال الصيانة في باب قبلة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وصلت إلى (75 بالمئة)، وستنصب وتعود إلى مكانها الأصلي في الحرم المطهّر بعد الانتهاء من تلك الأعمال".
وتعدُّ العملية جزءاً من جهود العتبة العباسية المقدسة للحفاظ على التراث الإسلامي والعراقي، وإبراز قيمة الأماكن الدينية والتاريخية.
بدوره يقول المؤرخ سعيد زميزم: إنّ "باب قبلة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) يُعدّ أحد أهم المداخل إلى الحرم المطهر، وله رمزية دينية كبيرة لدى المسلمين، وقد شهد هذا الباب على مر العصور العديد من الأحداث التاريخية الهامة، مما يزيد من أهميته التاريخية والدينية".
إنّ عملية ترميم باب القبلة الشريف هي مثال حي على الاهتمام الذي توليه العتبة العباسية المقدسة للتراث الإسلامي، وحرصها الحفاظ على هذه المعالم الدينية والتاريخية للأجيال.