سلسلة الرسائل الجامعية القرآنية رافد جديد ينبثق من المجمع العلمي لإرواء المكتبة الإسلامية
17-12-2024
خالد الثرواني
يُقدّم المجمَع العلمي للقرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة ممثلا بمركز الدراسات والبحوث القرآنية عددًا من الاصدارات التي تركز على دراسة وتفسير القرآن الكريم وفقاً لتراث أهل البيت (عليهم السلام)؛ وذلك ضمن سلسلة الرسائل الجامعية القرآنية المتضمنة رسائل ماجستير وأطاريح الدكتوراه الجامعية؛ وذلك لتعزيز المعرفة الأكاديمية بالقراءات القرآنية وتقديم دراسات تحليلية معمقة.
يقول رئيس المجمَع العلميّ الدكتور مشتاق العلي: «دأبنا على طباعة عنوانات قرآنية ضمن (سلسلة الرسائل الجامعيّة القرآنيّة)؛ لتكون مرجعًا فكريًّا يستفيد منه الباحثون على وفق تخصّصاتهم العلميّة القرآنيّة»، مشيراً إلى أنّ: «المجمَع العلميّ يولي اهتماماً كبيراً بضرورة طباعة الرسائل القرآنيّة؛ نظرًا لما تحقّقه من إفادةٍ للباحثين».
من جهته، يبيّن مدير مركز الدراسات والبحوث القرآنية الدكتور سعيد الوناس: «إنّ الهدف الأساس من طباعة هذه الرسائل الجامعيّة، هو عرض آراء الباحثين وتحليلاتهم واستنتاجاتهم في علوم القرآن الكريم وتفسيره، ليطّلع القرّاء عليها والشروع بتضمينها؛ لتكون ضمن مصادرهم العلميّة القرآنيّة؛ لما فيها من دقّة التحليل وعمق المعاني».
ويكمل الدكتور مشتاق العلي بالقول: «المجمع العلمي للقرآن الكريم، يحرص على إصدار السلسلة التعريفية التي تُعنى بالرسائل الجامعية والتي تبحث في الشؤون القرآنية المستندة إلى مرويات أهل البيت (عليهم السلام) وأحاديثهم وسيرتهم وسننهم؛ لما فيها من علم جمّ ينفع الناس في دنياهم لآخرتهم، فأهل البيت هم الرحمة المزجاة، وهم الذين فسّروا القرآن الكريم وبيّنوه بأقرب الموارد وأعذب المناهل إلى مراد الله (عزّ وجل)، لذا انبرت طائفة من الباحثين الجامعيين بجهودهم المضنية، من أجل نشر كلام أهل البيت (عليهم السلام) التفسيري؛ وذلك بالقراءة المتمعنة الواعية في ما كانوا فيه طلبة علم في علوم القرآن وتفسيره، فقد كانت لهم لفتاتٌ وسوانح في تدوين تلك المرويات والأحاديث، وتحليلها وربطها بالآيات القرآنية؛ من أجل بيان المقاصد الحقيقية لكلام الله ومراده».
ويضيف: «في هذا الوعاء العلمي تولّى المجمع إصدار كتاب عن (أسباب النزول عند الإمامية)؛ ليكون ثمرة يانعة، وقطرة من غيداق علوم أهل البيت (عليهم السلام)؛ إذ اخترنا هذه الرسالة لما فيها من نواهل علمية ومنهج سليم حين المتح من مور الراسخين في العلم، لافتا الى أنّ: «أسباب النزول عند الإمامية لم تحظ عند الدارسين والباحثين فيما مضى من السنين؛ وذلك لأسباب كثيرة منعت من ظهورها أو تدوينها في كتب العامة».
ويشير العلي إلى أنّه: «لمّا كان نزول الآية داخلًا في إطار ممكن الوجود، ولا بدّ لممكن الوجود من علة مؤلفة من سبب ومقتضى وشرط عدم مانع، فالقرآن الكريم نزل بسبب، ولمّا كانت روايات أسباب النزول هي من المأثور الذي يفترض أن يكون صادرًا عن الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو عن أحد الأئمة الهداة (عليهم السلام)، أو عن أحد الصحابة الذين عاصروا التنزيل، الأمر الذي يشكل خطورة في هذا الباب؛ إذ أصبح من الضروري التحرز منه، فليس كلّ الروايات على الدرجة نفسها من الحصانة، لهذا اتجهت جهود العلماء إلى محاولة تنقيتها ممّا علق بها، وهذا الأمر لا يعني بالضرورة أن لا قيمة لأسباب النزول في التفسير، بل الأمر خلاف ذلك تمامًا، غاية ما في الأمر ضرورة توخي الحذر والحيطة في الوثوق بها؛ وهذا ما حاولت تأكيده هذه الرسالة، لذلك ارتأى المجمع العلمي أن يبيّن أهمية هذا العلم - علم أسباب النزول -، ولكي نضعه في موضعه من هذه السلسلة المباركة: سلسلة (الرسائل الجامعية القرآنية) التي يروم المجمع بها الحفاظ على جهود هؤلاء الباحثين، ونشرها وإذاعتها».
كما أصدر المجمع العلمي أطروحة بعنوان (القراءات القرآنيّة المفسّرة في تراث الإماميّة - دراسة تحليليّة)، وتضمّنت فصولًا ومباحثَ كشفت أهمّيّة القراءات معرفيًّا؛ عبر مراحل من التنقيب والتّقصّي والتّحقيق والتّدقيق؛ وصولًا إلى المعرفة النّافعة المقرونة ببيان الأدلّة وإثباتها بالقرائن الفكريّة.
وتسعى الأطروحة لسدّ ثغرة الافتقار إلى دراسة أكاديميّة تختصّ بالقراءات القرآنيّة المفسّرة عند أهل البيت (عليهم السّلام)، ولإبراز التّراث القرآني عندهم (عليهم السّلام)؛ لأنّ الدّراسات الإسلاميّة المعاصرة أقصت دراسة القراءات المفسِّرة الواردة عنهم (عليهم السلام)، كما تسعى لدفع الاتّهامات الّتي وجّهها من لا حريجة له بالدّين لمذهب أهل البيت(عليهم السّلام)، عبر الإجابة عن مجموعة من الأسئلة والإشكاليّات المعرفيّة الّتي تكوِّن بمجموعها فرضيّات؛ مثل: هل تعدّ القراءة المفسّرة نصًّا قرآنيًّا أو تفسيريًّا، أو قرآنياً؟ وما منابع القراءة المفسّرة ومرجعيّاتها في تراث الإماميّة؟ وما مجالات القراءة المفسّرة وعلاقتها بالمصطلحات القريبة، وأثرها في المعنى التّفسيريّ؟
وتهدف هذه الفرضيات والإشكالات المعرفيّة الى تنزيه القرآن الكريم من ادّعاءات تحريفه، والتّأصيل لمفهوم القراءة المفسّرة، وتتبّع مسار ظهور القول بعلاقة القراءات المفسّرة بتحريف القرآن الكريم وغيرها من الأهداف؛ لذلك خُصّصت هذه الدّراسة للتّعريف بالقراءات المفسّرة، والإجابة عن الإشكالات الّتي ذُكِرت آنفًا؛ لتأخذ حيّزها في ضمن المكتبة القرآنيّة؛ لينتفع منها الدّارسون والباحثون والقرّاء.
وأصدر المجمَع العلميّ أيضا، كتابا توسّم بـ(الأصول القرآنيّة في بناء الذات وتطويرها عند أهل البيت عليهم السلام)، والكتاب الموسوم بـ(توظيف القواعد الأصوليّة في تفسير النصّ القرآنيّ عند الإماميّة - عرضٌ وتحليلٌ).
وحول الكتاب الأخير، يقول رئيس المجمع العلميّ الدكتور مشتاق العلي: «إنّ غاية المجمع العلميّ للقرآن الكريم تكرّست في رفد الباحثين المختصين بالشأن القرآنيّ بالمزيد من الدراسات القرآنيّة التي جادت بها جامعاتنا العراقيّة وجاءت موافقةً لشعار المجمع العلميّ وهو (قرآنيو الثقلين)، وكتبتها أقلام مميّزة»، مضيفا: «لعلّ من بين الغايات التي يبتغيها المجمع العلمي للقرآن الكريم بحرصٍ وعنايةٍ هي توسيع دائرة الوعي للباحثين من خلال اطّلاعهم على الحقائق المعرفيّة القرآنيّة التي تستمد أصولها من معارف أهل البيت (عليهم السلام)؛ لذلك تكلّل السعي بتوجيه وعي الباحث نحو الموضوعات الفاعلة والمتخصصة في الشأن القرآنيّ».
بدوره، يبيّن مدير مركز الدراسات والبحوث القرآنية الدكتور سعيد حميد الوناس: «إنّ الغاية من هذا السعي هي استقطاب العقول النيّرة في تبني الدراسات القرآنيّة وفسح المجال لها في أن تنهض نحو دراسات قرآنيّة معمّقة ونافعة لأهل الاختصاص وللمثقفين بنحوٍ عام، مضيفا: «إن قواعد الأصول تُوظّف في فهم النصّ القرآنيّ وتفسيره؛ لذلك بيّن الكتاب كيفيّة توظيف القواعد الأصوليّة عند المفسّرين في كشف المعاني القرآنيّة، والباحث بهذا الصنيع قد أوضح أثر علماء الأصول في تأسيس مجموعة من القواعد التي أسهمت في استكناه النصّ القرآنيّ وكشف دلالاته».