"المسؤولية الدولية تجاه الإبادة الجماعية".. عنوانًا لمؤتمر في فرنسا
04-11-2024
صدى الروضتين
بهدف تسليط الضوء على الجرائم التي ارتكبتها العصابات الإرهابية بحقّ الشعب العراقيّ، نظّمت العتبة المقدسة متمثلةً بالمركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف التابع لها، مؤتمراً دولياً في فرنسا تحت عنوان: (المسؤولية الدولية تجاه الإبادة الجماعية)، بحضور وفد من العتبة المقدسة، وعدد من الشخصيّات الحكومية والأكاديمية، ومختصين دوليين.
وضمّ وفد العتبة المقدّسة الذي ترأّسه عضو مجلس إدارتها السيد جواد الحسناوي، كلّاً من رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية السيد عقيل الياسري، ومدير المركز العراقيّ لتوثيق جرائم التطرّف الدكتور عباس القريشي.
أُقيم المؤتمر بالتعاون مع أكاديمية "جيوبولتيك" الفرنسية، ليناقش المسؤولية الدولية في الحد من جرائم الإبادة الجماعية ومواجهتها.
واستُهل المؤتمر بكلمة لرئيس أكاديمية الجغرافيا السياسية بباريس (AGP) الدكتور علي رستبين، تطرق خلالها إلى مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة جرائم الإبادة الجماعية، أعقبتها كلمة لسفير جمهورية العراق لدى فرنسا، السيد وديع بتي، تناول فيها جرائم داعش الإرهابي ضد الشعب العراقي، تلتها مناقشة بحث بعنوان (دور الدستور العراقي في تعزيز السلام) قدّمه رئيس المحكمة الاتحادية العليا العراقية السيد جاسم محمد العميري، عبر دائرة إلكترونية مغلقة، ناقش خلاله دور الدستور العراقيّ بتعزيز السلم المجتمعي، وشدد رئيس المحكمة الاتحادية في مقدمة بحثه على أهمية الاعتراف بالقيم الإنسانية لأعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية، باعتباره أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، مؤكداً أن "الاعتداء على تلك القيم والحقوق، وعدم الاعتراف بها أدى إلى أعمال همجية عدوانية أثارت غضب الضمير الإنساني"، مستعرضاً تطور القوانين والمواثيق الدولية التي وضعت لمواجهة الجرائم ضد الإنسانية، ومنها عمليات الإبادة الجماعية، التي عرفها بأنها أيّ من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية، أو عنصرية، أو دينية عن طريق قتل أعضاء من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي، أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، أو إخضاع الجماعة ـ عمداً ـ لظروف معيشية يراد بها تدميرها كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الأطفال داخل الجماعة، أو نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
وأشار إلى وجوب التزام الدول بتطبيق المعايير الأساسية والمبادئ التي يرتكز عليها القانون الدولي، وتطوير التعاون الدولي، لإيجاد استراتيجيات وقائية فعالة، واصفاً ذلك بأنه جزء لا يتجزأ من الجهود الدولية لمنع تكرار ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في المستقبل، وضمان أن مرتكبي هذه الجرائم سوف يواجهون العدالة، وينالون جزاءهم العادل بدون استثناء، مؤكدا أن جريمة الإبادة الجماعية حكمها الشرعي مستمد من العرف الدولي، إذ لا يمكن أن يستدل عليه في النصوص المكتوبة كما هو الوضع في القوانين العقابية الداخلية، وتتميز كذلك بأنها جريمة عالمية العقاب، أي إن لكل الدول الحق في عقاب مرتكبها دون النظر إلى جنسيته، أو إلى مكان ارتكابه للجريمة.
وقال السيد جاسم محمد العميري: إن المحكمة الاتحادية العراقية العليا باعتبارها هيئة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً، تسعى ومن خلال القرارات التي تتخذها، أن يكون البناء الديمقراطي في العراق بناءً صحيحاً من أجل الوصول إلى ديمقراطية الشعب، وليس ديمقراطية الحكام، وبناء مؤسسات دستورية بشكلها الصحيح، والحفاظ على الحقوق والحريات لعامة الشعب العراقي، ومنع السلطتين التشريعية والتنفيذية من التجاوز على تلك الحقوق والحريات من أجل تحقيق مبدأ سيادة القانون، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، منطلقين في كل ذلك من مبدأ أساسي هو أن الشعب هو الذي يملك جميع السلطات، وأن الحكام يمارسون تلك السلطات نيابة عنه، وبالتالي لا يجوز استخدام حق الشعب في ظلم الشعب واستبداده.
وشهد المؤتمر كلمة للعتبة العباسية المقدسة ألقاها رئيس الوفد السيد جواد الحسناوي، وجاءت بعدها كلمة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية ألقاها رئيس القسم السيد عقيل الياسري، وجاء فيها: "إنّ المؤتمر يُعدّ خطوة من العتبة العباسيّة المقدّسة لمناهضة جرائم الإبادة الجماعية، ورسالة إلى العالم للوقوف ضد هذه الجرائم التي تُرتكب بحق البشرية".
وأضاف: "شهد المؤتمر مناقشات عديدة من قبل المختصين، وتم طرح دراسات تخصّصية في هذا المجال، حيث قدّم مدير المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف الدكتور عباس القريشي بحثاً عن جهود المركز في توثيق هذه الجرائم".
وتابع: "استعرضنا فيلماً وثائقياً عن مجزرة سبايكر التي حدثت في العراق قبل عقد من الزمن، والتي راح ضحيّتها عدد من العراقيين على يد عصابات داعش الإجرامية".
وقدّم بعدها مدير المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف الدكتور عباس القريشي بحثًا ناقش فيه جهود المركز في توثيق جرائم الإبادة الجماعية في العراق.
كما وقدّم الخبير القانوني السيد سعد سلطان حسين بحثًا عن جرائم داعش ضد الشيعة التركمان، وتلاه بحث بعنوان (أسقطت الأثار ولم تهدم الهوية.. دراسة في إيديولوجيا داعش التدميرية) للدكتور رائد عبيس، فيما قدّم الدكتور قيس ناصر بحثًا بعنوان (جرائم الإرهاب ضد الأقليات الدينية في العراق: الشبك أنموذجًا).
وتضمن المؤتمر مناقشة مجموعة من البحوث، إذ قدم الأمين العام لأكاديمية الجغرافيا السياسية البروفيسور كريستوف ريفيار، بحثًا بعنوان (مؤهلات وخصائص الإبادة الجماعية: التاريخ والقانون)، وفيما ناقش السكرتير العام لأكاديمية الجيوبولتك السيد لكرستوف رافارد بحثًا بعنوان (تصنيف وخصائص الجرائم)، أمّا المستشار القانوني والباحث الدكتور علي اليعقوبي من جامعة الشعب فقد قدم بحثًا حول التحديات التشريعية العراقية أمام تدويل جرائم داعش دوليًا.
وألقى مدير معهد زغرب للجغرافيا السياسية والأبحاث الاستراتيجية السيد يوري جورج فوجيتش والباحث في أكاديمية باريس للجغرافيا السياسية بحثًا بعنوان (برنامج تعليم الدولة الإسلامية)، وقدم الباحث في أكاديمية باريس للجغرافيا السياسية (AGP)الدكتور محمد القريشي الذي قدّم بحثًا بعنوان (مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة الإبادة الجماعية بين الدولتين، الإنكار، توازن ذاكرة، وتنافس التضحيات).
وعُرض خلال فعاليات المؤتمر فيلم عن مجزرة سبايكر، التي وقعت يومي 12/13 حزيران 2014، بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة تكريت.
وتحرص العتبة العباسية المقدسة على تنظيم الأنشطة التي من شأنها خدمة الصالح العام والإنسانية جمعاء، والتواصل مع المتخصّصين في مختلف بلدان العالم، واستثمار خبراتهم لإيجاد الحلول الناجعة وتقديم الفائدة للمجتمعات.
كما بحث وفد العتبة العبّاسية المقدّسة مع السفير العراقيّ في فرنسا، الدكتور وديع بتي، سبل التعاون الثقافيّ والإنسانيّ بين الجانبين.
وأكّد رئيس وفد العتبة المقدّسة، السيد جواد الحسناوي: أن "الوفد بحث مع السفير العراقيّ في باريس، سبل تعزيز أواصر التعاون الثقافيّ والإنسانيّ بين العتبة العبّاسية والمؤسّسات الرسمية، بهدف نشر الوعي حول الجرائم التي تعرّض لها الشعب العراقيّ بمختلف أطيافه وقوميّاته، على يد الجماعات الإرهابية".
وأوضح: "شهد اللقاء استعراض الدور الذي يُمكن أن تؤدّيه المنظّمات الدولية في دعم الجهود العراقيّة، لتوثيق الجرائم التي ارتُكِبت بحقّ الشعب العراقيّ".
من جانبه، أشار مدير المركز العراقيّ لتوثيق جرائم التطرّف التابع لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العبّاسية الدكتور عباس القريشي، إلى أن "اللقاء يمثّل خطوةً مهمّة في إيجاد الفرص للمشاركة في المحافل الدولية، ونقل المآسي التي عانى منها العراق، وتقديم الأدلّة للجهات الدولية المعنيّة لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، فضلاً عن تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية والدمار الذي خلّفه التطرّف".
كما عرض قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة فيلماً وثائقياً يوثِّق مجزرة سبايكر، الفيلم الذي أنتجه المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف التابع للقسم، يوثِّق واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ المعاصر.
وشهد عرض الفيلم حضور شخصيّات بارزة من مختلف دول العالم، من بينهم ممثلون عن منظمات حقوق الإنسان.
وقال مدير المركز الدكتور عباس القريشي: "يوثِّق الفيلم تفاصيل مجزرة سبايكر التي وقعت في العراق عام 2014م، حيث تم إعدام ما يقرب من (2157) جندياً عراقياً على يد عصابات متطرفة وتكفيرية في قاعدة سبايكر العسكرية في تكريت، وقد تم عرضه بالتعاون مع أكاديمية (جيوبولتك) في فرنسا".
وأضاف: "يهدف الفيلم إلى تسليط الضوء على الفظائع التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية، والدعوة إلى محاسبة الجناة أمام العدالة الدولية".
ومن الجدير بالذكر أنّ هذا الفيلم يُعد جزءًا من جهود العتبة العباسية المقدسة لتوثيق الجرائم ضد الإنسانية، وتقديمها للعالم كجزء من التوعية والتثقيف حول الإرهاب والتطرف.