المخيم الحسيني شاهد حي على بشاعة الجريمة الوحشية ضد آل المصطفى (عليهم السلام)

01-08-2024
خاص صدى الروضتين
عشرات الأمتار تلك هي التي تفصل ما بين المرقد الحسيني الشريف أو مصرع الامام الحسين (عليه السلام) إن صح التعبير وما بين المخيم الحسيني الذي يعد مركز القيادة العسكرية والإعلامية وساحة الجهاد الأولى التي انطلقت منها تلك الصرخة المدوية (هيهات منا الذلة)، فلولا وجود المخيم الحسيني لما استعرت الضمائر الشريفة بنور البصيرة والتبصر والهداية لما جرى في ملحمة اللطف لسنة 61 للهجرة، حينما التقى المعسكران على أديم كربلاء الشهادة فمن جهة معسكر يمثله الامام الحسين (عليه السلام) رغم قلة عددهم الاثنين والسبعين، ويقابله في الطرف الآخر جيش عبيد الله بن زياد البالغ عددهم عشرات الآلاف.
لذا كان الأجدى بنا أن نكون منصفين ونعيد إلى الأذهان ما سجله التاريخ يوم حرق الخيام وفرار الفاطميات من مكان إلى مكان وسحق الأطفال وترويعهم وما إلى ذلك من الأمور الأخرى التي تصب في خانة الكشف عن الدور الذي اضطلع به المخيم الحسيني واليكم ما جاء على لسان من تحدثنا إليهم بهذا الخصوص.
ترويع وعطش وسبي
في البداية تحدث إلينا الاعلامي السيد رائد العسلي، قال: "من بين الصور المؤلمة التي تتبادر إلى المخيلة، وأنت تطالع شواهد المخيم الحسيني صاحب تلك المواقف الثابتة، التي كانت تعتمر قلوب الموجودين هناك يوم كان النزال، وما تعرضوا له من ألوان الظلم والاضطهاد والترويع والعطش والسبي، ناهيك عن ما شكله المخيم الحسيني من وسيلة إعلام حرة، أحال المعركة من خندق الخاسر في الحسابات العسكرية إلى المنتصر في خانة المبادئ والمثل العليا التي أذنه بها الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، ومن هنا نكاد ان نستجمع معطيات ومعاني اقلها مناصرة القضية التي نؤمن بها وندافع عنها وان نتسلح بالإمكانات المتاحة، وان يكون للمرأة دور أكبر مما هو عليه الان، وهذا شرح مقتضب وبسيط لما يكتنزه المخيم الحسيني وما يحتويه من وجهة نظري الخاصة".
مخيم الحسين رمز لصمود النساء وفضيحة لأعداء أهل بيت النبوة
الحاج مزهر الحياوي من أهالي الحي قال بالحرف الواحد: ان "المخيم الحسيني له رمز مهم في تاريخ صمود الأسرة العلوية، والأمر لا يتعلق ببعض الأمتار هنا أو هناك، ولكن نستدل عبر ذلك الأثر قساوة الجريمة التي ارتكبها بنو أمية ضد الأطفال والنساء من آل النبي المصطفى (صلوات الله عليهم اجمعين)، ونحن إذ نستذكر ذلك الصرح الايماني لنستل منه العظة والعبرة، على ان العزيمة والإصرار هي عنوان المؤمن ودالته المؤكدة للنجاة من التزلف والذل والهوان، ولا ضير ان تتعرض إلى المهالك أو الموت في سبيل القضية العادلة، وربما كنا والى أوقات قريبة جدا في صلب هذه الثقافة المجرمة، التي كان يصدرها الينا طاغية العصر صدام الذي يتوعد العراقيين بالحرق والتهجير والقتل والتعذيب، وهذا نموذج حي لأهم معاني النهج الحسيني الثائر ومشاعل هدايته للشعب العراقي حتى جعلته في ركب المضحين".
دموعي تكشف زيف الرافضين لنهضة الحسين ومواساتنا لزينب(ع)
أما الحاجة أم رباب امرأه عراقية مسنة من أهالي الشطرة قالت: "منذ نعومة أظافري وانى في تماس مباشر مع حالة الوفود الى كربلاء وباستمرار أيام الزيارات وتعزي سبب تلك الزيارة إلى التبرك وتذكار مصيبة السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) ومعاناتها وفرارها يوم العاشر من محرم الحرام، ومن ثم تحملها السبي وذلة الأعداء أنها مصيبة لا يتحملها الرجال الأشداء فكيف بزينب (عليها السلام)، وهي امرأة ومخدرة، وترى قاتل أخوتها أمام ناظرها".
واختتمت الحاجة رباب حديثها معنا وهي تكفكف ما تبقى من نزيف مقلتيها على مصيبة زينب وأخيها الحسين (عليهما السلام).
ملحمة تاريخية خالدة بخلود الحسين في قلوب الشيعة
الأستاذ جعفر جميل يعمل في سلك التعليم وهو من اهالي محافظة النجف الأشرف، قال: "بالتأكيد الأثر التاريخي له ملامح مضيئة ومهمة وهو تجسير حقيقي ما بين صور الماضي البعيد والحاضر الراهن.
بمعنى اخر أن المخيم الحسيني هو قضية ومدرسة نستلهم منها ما عجزت عنه آلاف الكتب والمجلدات، فالحدث موجع ومؤلم لكل المنصفين وعشاق الاعتدال، وألا كيف تصف لي حال امرأة وهي تشاهد أخوتها مجزرين ومقطعي الرؤوس وصرعى وليس لديها من ناصر أو معين سوى الله سبحانه وتعالى، وهنا قد تتجلى حالة الإيمان الحقيقي والاطمئنان والسكينة التي كانت هي السمة الغالبة على عقيلة بني هاشم (ع) حيث تقبلت المصيبة واستوعبت الدرس على انه بوجه الله سبحانه وتعالى وما عليها إلا الصبر والاحتساب، إذن هذا هو دور المخيم الحسيني ليكمل المسيرة ويعزز النهضة بعنوان الصمود والبقاء على الثوابت الدينية والإنسانية التي لا تقهر مهما تمادى صولجان الكفر والإلحاد".
المخيم انتصار لله والرسالة المحمدية وكشف لتعرية الباطل
الأديب عدنان عباس سلطان، قال: إن "من يقلل من شأن المخيم الحسيني لا يدرك حقيقة النهضة الحسينية جملة وتفصيلا حينما عزم الامام الحسين (عليه السلام) ان يصطحب الأطفال والنسوة إلى ساحة المعركة وهو يدرك تماما بان المنازلة قائمة لا محال وليس هناك من مفر للمواجهة ألا انه كان أمام خيار الانصياع إلى الثوابت وبين الارتهان إلى أمر السماء وهي تحثه على رفض الظلم ومواجهة العابثين بشريعة الله سبحانه وتعالى، أما من حيث الأدوار التي كان يراهن عليها أبو الشهداء ليخرج عياله ونساءه وال بيته الى ساحات الموت والفناء".
ويضيف: "القضية هنا ابعد من سيناريوهات التوفيق ما بين معاني الارض والسماء، لاسيما في جوانبها الإنسانية والتعبوية والتعبدية ومدى تأثيرها وحضورها، وهذا ما لمسناه ونحن نواكب مسار الثورة الحسينية من واقعة الطف الحسيني ومصارع أهل بيت النبوة وأصحابهم (صلوات الله عليهم اجمعين) إلى مشهد حرق المخيم ودورة السبي والتهجير من بلد إلى بلد، ومن ثم النهضة الزينبية التي جاءت ليبدأ فصل جديد من فصول الثورة الحسينية الخالدة، وربما تكون أحداث الشام وما جرى في مجلس يزيد هي الشرارة التي أزالت حكمه من على وجه الأرض".
ويكمل سلطان: "الخطاب الزينبي أفحم العقول واللباب والأفئدة وأدمى العيون وفضح الزيف والأداء، وآنذاك اتضحت معالم فلسفة إخراج المرأة عن دورها التقليدي وان تكون على المحك في ساحة الجهاد الأصغر فكان أبو الأحرار محقا يوم لم يصغ لأراء المعارضين وأصر على ضرورة اصطحاب عياله إلى ساحة النزال؛ لأنه كمن يرى ما لا يراه غيره في ضرورة استنفاد كل الخيارات المتاحة وتسخير كل الطاقات المادية والمعنوية والإعلامية، وهذا هو العامل الأساس والعنصر الفاعل الذي قلب الموازين وبدد التكهنات وفرض النظريات المستحدث آنذاك يوم انتصر الدم على السيف".