الإعلان الأول للحرب على الحسين (عليه السلام)

28-07-2024
امونة جبار الحلفيي
وبعد كل تلك القرون يأتي من يسأل:
ماذا حدث، ولماذا حدث؟ أليس من الممكن كان ألا يحدث؟ وما هي دوافع وأسباب ثورة الحسين (عليه السلام)؟
ولنفترض أننا عرضنا القضية التاريخية وسرنا خطوة خطوة فمن الغباء أن ننظر إلى الصراع وكأنه صراع شخصي بين شخص وشخص، بين يزيد والحسين والفارق له حرمة.
لا يمكن المقاربة بين الحسين (عليه السلام) وخصمه، الصراع ديني، مذهبي، فكري، بين جنة ونار، ويزيد بن معاوية يعرف قبل غيره أن الحكم دون إقرار الحسين بن علي (عليه السلام) وبيعته لحكمه لا يعد حكما، كل ما يحتاجه هو بيعة الحسين (عليه السلام)، والقضية الأهم التي تدور في رأس الحاكم الجديد، هي أن الحسين (عليه السلام) سيرفض الفكرة تماما وسيواجه الأمر بما يمتلك من إيمان بدينه وعقيدته وقداسة مكانته.
كان البيان الأول عبارة عن أمر ملكي صادر من يزيد إلى عامله على المدينة، عليه أن يبدأ بالإمام الحسين (عليه السلام)، ويأخذ منه البيعة دون هوادة أو تأخير فإن أبى يضرب عنقه ويبعث برأسه إلى يزيد.
هناك إصرار على حز الرأس وإرساله إلى القصر الملكي، لا أحد يأتي ساعيا ليبرر ساحة يزيد من قتل الحسين (عليه السلام) ورمي الجريمة في بعض الرقاب الأخرى.
أما الوالي فقد بعث إلى الحسين (عليه السلام) في نفس الساعة التي وصل بها الكتاب للحضور أمام الوالي.
لا سبيل للتهاون في الأمر، وفي المدينة ولاة ترتبط مصالحهم بالسلطة والحكومة ومثل ما يشعر يزيد بخطر الحسين (عليه السلام) هم أيضا يشعرون بنفس حساسية الموضوع وإذا كان لديه الحقد بما يكفي فلديهم أيضا من الحقد ما يفيض.
البيان الأول للحرب أشعل التواريخ قراءات وتحاليل ودلالات مستمرة إلى اليوم، وكل له رأي، وأغلب المصادر التاريخية تكرر عبارة اضرب عنقه، وابعث إليّ برأسه، بدأت المواجهة، استدعى الوليد بن عتبة والي المدينة الإمام الحسين (عليه السلام)، من هنا كان منطلق كربلاء من هنا أعد السيف والعطش، كان مروان يحث الوالي على قتل الحسين (عليه السلام)، وحينها قرر الرحيل إلى كربلاء لتبدأ رحلة الثورة ضد الظلم والفساد والانحراف، من يمتلك الموقف لا بد أنه يمتلك الرأي، والتحليل وقراءة العرش الأموي وهذا يدل على المزيد من الآراء والاقوال في حق يزيد بن معاوية، والرأي يكشف عن منظور الإمام (عليه السلام) تجاه شخصية يزيد المشهور بالمجون والاستهتار بالدين وعدم أهليته للخلافة، إلى غيرها من أسباب رفض الإمام الحسين(عليه السلام) لبيعة يزيد
نحن غير معنيين بمن يرى أن في أقوال الحسين سياسة أو مصلحة خاصة -لا سمح الله-، بل ننظر إلى كل رأي على أنه رأي إمام معصوم لا يمكن قراءته إلا على هذه الصورة (يقين الإمام المعصوم) قال عن يزيد كثيراً سنستخلص من الرأي ما يكفي، يعني يزيد نظر إليه الحسين نظرة فاسق على أنه فاسق شرير لا يؤتمن على الأمة وقاتل النفس المحترمة، وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة براعٍ مثل يزيد، وقد صار بنو هاشم وجميع أفراد الأسرة النبوية على منهج الإمام الحسين (عليه السلام) برفض بيعة يزيد، وعد بعض الرواة أن دعوة أهل الكوفة إلى الحسين (عليه السلام) هي السبب الرئيسي لثورة الحسين (عليه السلام) ونهضته.
ويعني نحن على يقين أنه لم يكن السبب الرئيسي بمعنى لو لم تدعه الكوفة لما نهض، لا هو ينهض بالكوفة أو دونها، امتنع عن مبايعة يزيد اتجهت الأنظار له بوصفه المؤهل للقيادة والإمامة، وكان أهل الكوفة أكثر ميلا لأهل البيت الأطهار (عليهم السلام)، فقد عاشوا فترة في ظل حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وتعامل معهم معاوية بحدية وقسوة وشدة وغلظة وغضب.
وقد اشتد غضب أهل الكوفة على الحكم الأموي واشد نقمة على يزيد واجتمع أهل الكوفة في بيت سليمان بن صرد الخزاعي لتدارس الأمر، وهو رجل صحابي من سادات العرب ووجهاء الشيعة في الكوفة وكان من الموالين لأمير المؤمنين (عليه السلام) ورأوا في نهاية الاجتماع، حث الإمام الحسين (عليه السلام) على المجيء للكوفة ليتولى القيادة، والحكم واستعدادهم لنصرته والوقوف معه ورفض البيعة.
يظهر سبب الاجتماع في الكوفة هو لأن الشيعة عرفوا ما دار مع الحسين (عليه السلام) في المدينة عرفوا بخروجه إلى مكة فكتبوا إليه هو والمسيب بن نخبة الفزاري والمسيب من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) شارك بالقادسية، لكنه لم يشترك في واقعة الطف وكان من التوابين ومعه عبد الله بن سعد الأسدي الأزدي وعبد الله بن وائل التميمي ورفاعي بن شداد البجلي، وفي معركة عين الوردة حمل الراية بعد مقتل سليمان بن صرد، وقاتل حتى استشهد، ورفاع بن الشداد البجلي من خيار أصحاب علي (عليه السلام)، ذكر المؤرخون أن الإمام الحسين (عليه السلام) بعدما اتخذ قراره بالذهاب إلى الكوفة طلب من زعماء أهل البصرة نصرته كتب الحسين (عليه السلام)، مع مولى يقال له سليمان بنسخة إلى رؤساء الأخماس في البصرة فكتب إلى مالك بن مسمع البصري البكري وإلى الأحنف بن قيس الرجل الذي أسلم في عهد النبي(صلى الله عليه واله وسلم)، كان من قادة أمير المؤمنين وكتب إلى المنذر بن الجارود، هذا الرجل أخبر ابن زياد عن الرسالة وسلم سليمان رسول الإمام الحسين إليه، أما يزيد بن مسعود النهشلي استجاب لدعوة الإمام الحسين (عليه السلام) وأعلن استعداده لنصرته وجمع القبائل الموالية كقبيلة بني تميم وبني حنظلة وقبيلة بني سعد..