لإرساء العدالة الإنسانيّة عبر النهضة الحسينية.. جامعة بغداد تحتضن المؤتمر الحسيني الثاني عشر
22-05-2024
علي طعمة
لأجل الإسهام في تعزيز الفهم العميق لنهضة الإمام الحسين (عليه السلام) ودورها في نهضة المجتمعات، نظم قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة في العتبة العباسيّة المقدّسة، بالتعاون مع كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانية في جامعة بغداد/ قسم اللّغة العربيّة، فعاليّات المؤتمر الحسيني الثاني عشر بالتعاون مع جامعة بغداد، تحت شعار (واقعة الطف المنار الثوري في المنظومة الأخلاقيّة معيارًا ومنطلقًا نهضويًا لإرساء العدالة الإنسانيّة).
وانطلقت الفعاليّات بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم، أعقبها عزف النشيد الوطني، وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق الأبرار، ثم كلمة عميد كلية التربية ابن رشد للعلوم الإنسانيّة الدكتور علاوي سادر جازع.
وجاءت بعد ذلك كلمة العتبة العباسيّة المقدّسة ألقاها رئيس قسم الفعاليّات والأنشطة في جمعيّة العميد الدكتور علي كاظم المصلاوي، وجاء فيها:
"ترحّب الأمانة العامة للعتبة العبّاسية المقدّسة ممثّلةً بمتولّيها الشرعي سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، والأمين العام السيد مصطفى آل ضياء الدين (دام تأييده) ومنتسبيها كافة، بالحضور الكريم من السادة والمشايخ الفضلاء، ومن أساتيذ الجامعات العراقية الموقّرين ومن الباحثين والمشاركين الكرام، في المؤتمر الحسينيّ الثاني عشر المبارك، الذي يقام تحت شعار (واقعة الطفّ منار ثوري في المنظومة الأخلاقية ومعيار قيمي ومنطلق نهضوي لإرساء العدالة الإنسانية)، والذي يقيمه قسم اللغة العربية في كلّية التربية ابن رشد/ جامعة بغداد".
وأضاف: "حين ترعى العتبة العبّاسية المقدسة هذه المؤتمرات فإنَّها تنطلق من إيمانها العميق بضرورة إحياء ذكر أهل البيت (عليهم السلام)، وتقديم صورٍ حيّة معبّرة عنهم يستلهمون منها العبر والدروس لتفيد في تغيير الواقع وصنع المستقبل الزاهر والواعد".
وأوضح: "هذا المؤتمر بموضوعه الخاصّ بالإمام الحسين (عليه السلام) وثورته المتجدّدة ضدّ الفساد والظلم والانحراف عن الإسلام، فإنه يقدّم النموذج الأمثل للتضحية والفداء، ومقارعة الظلم وعدم الرضوخ له والسكوت عنه، حتى لو أدّى ذلك إلى التضحية بالنفس والجود بها".
وبيّن: "إن المشروع الذي تبنّاه الإمام الحسين (عليه السلام) عبر ثورته المباركة، هو مشروع نهضوي أخلاقي، أصبح هذا المشروع مع الوعي به معياراً قيمياً ومنطلقاً نهضوياً لإرساء العدالة الإنسانية، إذ أصبحت المشاريع الأُخَر تقاس به وتنطلق من مبادئه العُليا، فالحسين(عليه السلام) كما نؤمن جاء للبشرية جمعاء، وإن ثورته المباركة هدية ومنار من السماء نتّعظ بها ونستعبر، ولم يكن الحسين(عليه السلام) ولا سيكون لفئةٍ أو طائفةٍ معيّنة، لذا حرص القائمون على المؤتمر وأحسنوا بيان هذه الجنبة البالغة الأهمية في هذا الوقت، الذي غدونا نشهد به تحوّلات أخلاقية كبيرة لها تداعياتها السلبية على بناء الفرد والأمّة على حدٍّ سواء".
وأكد المصلاوي: "إقامة هذه المؤتمرات في الأوساط الشبابية في الجامعات من شأنها أن تلهم وعيهم، وتحفّز طاقاتهم، وتقدّم لهم الصور التي تبني شخصيّتهم وتعزّز فيها الأمل، بالانتصار على الظلم مهما قسا أو طال أمده".
وفي الختام تدعو العتبة العبّاسية المقدّسة القائمين على المؤتمر ممثّلاً بأساتيذ قسم اللغة العربية في كلّية التربية/ ابن رشد الفضلاء، وعمادتها الموقّرة الذين كان لهم الدور الكبير في إدامة إحياء ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته المعطاء، على مدى اثنتي عشرة نسخة من هذا المؤتمر المبارك، والدعوة موصولة للسادة المشاركين وللحضور الكريم المبارك، بدوام التوفيق والسداد والازدهار.
وتضمّنت الفعاليّات كلمة لرئيس قسم اللّغة العربيّة في الكليّة الدكتور حسن البلداوي، ثمّ انطلقت بعدها جلسات المؤتمر، حيث قدم الباحثون أوراقهم البحثية، التي تناولت مختلف جوانب الثورة الحسينية المباركة، وضمت ثلاثة محاور رئيسة، إذ تناولت:
- المحور الأول الأبعاد التربويّة والإنسانيّة في واقعة الطف من وجهة نظر علم الاجتماع، وعلم النفس، والمبنى التاريخي.
- وتناول المحور الثاني أثر اللّغة في بناء الخطاب المعرفي والأدبي واللّغوي في واقعة الطف وفاعليتها في التلقّي قديمًا وحديثًا.
- في حين استعرض المحور الثالث فلسفة واقعة الطف وبناء الفكر الإصلاحي وأثرها في استنهاض الهمم.
وقال رئيس قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الكوفة الدكتور خالد كاظم: إنّ "مشاركتي في المؤتمر الحسيني الثاني عشر جاءت عبر تقديم بحث بعنوان (تطور المرثية الحسينية في العصر الأموي والعباسي)".
وأضاف: "البحث تضمن التأسيس التاريخي للرثاء الحسيني ومن هم أول الشعراء الذين رثوا الإمام الحسين (عليه السلام)، وبعدها تناولت تطور الرثاء عبر العصرين، حيث كان في بدايته مقطوعات قصيرة وبعدها تطورت المرثية الحسينية وأخذت شكل القصيدة العربية المعروفة من حيث المقدمة والموضوع والخاتمة".
من جانبه قال التدريسي في كلية الآداب بجامعة الكوفة الدكتور حيدر زوين: "قدّمنا ضمن الجلسة البحثية في المؤتمر الحسيني الثاني عشر بحثًا بعنوان (الفكر الفلسفي الحسيني خطاب الإمام الحسين من المسير وحتى الشهادة)".
وأضاف: "قُسّم البحث على ثلاثة مباحث، سُبق بتمهيد، ومقدمة، وقائمتين بالمصادر والمراجع، وجاء المبحث (الأول الفكر الفلسفي والإصلاح في القرآن الكريم)، أمّا المبحث الثاني فحمل (الفكر الفلسفي الإصلاحي في خطاب الإمام الحسين في مسيره إلى كربلاء)، بينما وُسم المبحث الثالث (الفكر الفلسفي الإصلاحي في خطاب الإمام الحسين في مراحل وصوله إلى كربلاء المقدسة)".
وتابع زوين: "توصل البحث إلى مجموعة من النتائج أبرزها، إنّ خطاب الإمام الحسين (عليه السلام) كان على مستويات متعددة، المستوى الأول أثناء وصوله إلى كربلاء، حيث اعتمد على أدوات التشبيه، وأسلوب التوكيد والاستفهام المجازي، وأسلوب النفي، أمّا الأساليب الأخرى التي اعتمد عليها خطاب الإمام (عليه السلام) حين وصوله إلى كربلاء المقدسة، فإنّه اتسم بصناعة أخرى ومستويات اختلفت عما سبق".
كما شارك عميد كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد/ الأستاذ الدكتور نعمة دهش فرحان، الذي قدم بحثًا بعنوان "النهضة الحسينية وأثرها في تحقيق التنمية المستدامة".
وتناول البحث العلاقة الوثيقة بين نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وأهداف التنمية المستدامة، حيث ربط الباحث بين مبادئ الثورة الحسينية، مثل العدل والمساواة والإيثار، وبين قيم التنمية المستدامة، مثل القضاء على الفقر والجوع وحماية البيئة.
وأكد الأستاذ الدكتور فرحان في بحثه على أهمية نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) كنموذجٍ يُحتذى به في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال نشر القيم الأخلاقية النبيلة وتعزيز ثقافة التضحية والإيثار بين أفراد المجتمع.
كما وجّه باحثون وأكاديميون من المشاركين في المؤتمر الحسيني، دعوات مهمّة لاعتماد أسس ومنطلقات النهضة الحسينية الخالدة في إرساء العدالة الإنسانية في العالم.
واختُتم المؤتمر بإعلان التوصيات التالية:
أولا: السعي لنشر ملف بحوث المؤتمر في المجلات المهمة التابعة للعتبة العباسية المقدسة.
ثانيا: بيان الأبعاد التربوية في واقعة الطف، وآثارها في العلوم الإنسانية.
ثالثا: السعي الحثيث لعرض أدبيات الطف، والنهل من فيض عطائها، فكرًا وسلوكًا في تقويم المجتمع.
رابعا: الوقوف عند أثر اللغة في بناء الخطاب المعرفي والأدبي واللغوي في واقعة الطف.
خامسا: التأكيد على رصانة البحوث المشاركة في المؤتمر الحسيني بوصفها منجزًا علميًّا ومعرفيًّا، وبما يتفق مع معطيات الثورة الحسينية.
سادسا: التأكيد على أهمية دعم العتبة العباسية المقدسة للمؤتمر، واستمرار الشراكة المعرفية معها، كما كان الحال في دورات المؤتمر الحسيني المتقدمة.
سابعا: التشجيع على التوسع في المشاركات الداخلية والخارجية لدورات المؤتمر الحسيني في قابل الأيام.
واختتم فعالياته بتوزيع الشهادات التقديرية على المشاركين والمساهمين في إنجاح فعاليّاته.