سعياً لطرح الأنموذج الرصين.. الحفل المركزي رسائل سامية وغايات هادفة

15-05-2024
هيأة التحرير
تسعى العتبة العباسية المقدسة الى إبراز الهوية الحقيقية للعملية التعليمية والاكاديمية في العراق، عبر طرح إنموذج بديل ومضاد لحفلات التخرج، يليق بسمعة الجامعات والكليات العراقية.
وعبر مشروع فتية الكفيل الوطني الذي يضم برامج تثقيفية هادفة، ومن أهمها الحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات العراقية، من تنظيم النسخة الرابعة (على هدي القمر)، وتحت شعار: "من أرض كربلاء يثمر العطاء".
وهذه المرة تميزت عن سابقاتها بخصال عدة، منها زيادة اعداد المشاركين حيث وصل الى ما يقرب لـ4500 طالب، بواقع أكثر من 55 جامعة عراقية حكومية واهلية، بالإضافة الى الأمور التنظيمية من قبل الأقسام المعنية التابعة الى العتبة المقدسة.

من قبل الحدث
شعبة العلاقات الجامعية والمدرسية التي اخذت على عاتقها تبني مشروع فتية الكفيل الوطني بفقراته المتعددة باشرت بتوزيع دعوات الحفل الى رئاسة الجامعات الحكومية والأهلية في كل المحافظات العراقية، وبدورها أبدت تلك الجامعات امتنانها لالتفاتة العتبة العباسية المقدسة الى اهم شرائح المجتمع.
ولحقتها رزمة من الاجتماعات التحضيرية للجنة المشرفة لرسم الخطط الاستعدادية لتهيئة المرافئ لاستقبال الطلبة من المحافظات البعيدة والقريبة، الذين توزعوا بين مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) السكني ومجمع الشيخ الكليني (قدس الله سره)، وترأس الاجتماعات المشرف على الحفل المركزي وعضو مجلس إدارة العتبة المقدسة الحاج جواد الحسناوي، ورئيس قسم العلاقات العامة الأستاذ محمد علي أزهر.
وقال: أزهر " إن قسم العلاقات العامة باشر مبكراً بعقد جلساته النقاشية لتفاصيل الحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات العراقة بنسخته الرابعة، والفعاليات التي تقام خلال الحفل والتنسيق مع الأقسام المعنية في العتبة المقدسة".
وأضاف: إن "الاجتماعات ناقشت توزيع المهام بين ملاكات الشعبة كل حسب عمله، بهدف الاستعداد الأمثل لإقامة حفلٍ يليق بطلبة العراق، إلى جانب تهيئة الأمور اللوجستية الأُخَر الخاصّة بالحفل، ومنها وسائل النقل ووجبات الطعام وتحضير الهدايا للمشاركين، فضلاً عن التباحث في باقي فقرات البرنامج".
وأشار إلى: "الحق باجتماع آخر مع منسقي مشروع فتية الكفيل في الجامعات العراقية؛ بهدف الالتفات الى بعض الأمور المهمة خلال الحفل وترتيب مواعيد نقل الطلبة من جامعاتهم الى أماكن استقبالهم في كربلاء المقدسة".
ومن جانبه بين أحد ملاكات شعبة العلاقات الجامعية والمدرسية السيد أحمد الياسري: إن "الاجتماع ضم مديري الأنشطة الطلّابية في الجامعات العراقية، وكذلك منسّقي مشروع فتية الكفيل الوطني، لبيان فقرات الحفل المركزي والتعليمات والضوابط الخاصة بالتنظيم".

الأمور التنسيقية والتنظيمية
الأمور التنسيقية بين العتبتين المقدستين تعد من ضمن أهم العوامل لإنجاح الحفل المركزي بهدف ضمان انسيابية مسير الجامعات من مرقد المولى ابي الفضل العباس والى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام).
وخلاصة التنسيق هو رسم خطة لمرور الطلبة من بين الحرمين الشريفين واستقبالهم في العتبة الحسينية المقدسة لتحديد مسار سيرهم، وبالتعاون مع قسم بين الحرمين الشريفين وقسم حفظ النظام فضلا عن قسم رعاية الصحن الشريف.
ومن ضمن الامور التنظيمية خلال الحفل المركزي هي تزيين منصة أداء القسم، وشارع القبلة، وقد تولى هذه المهمة قسم مشاتل الكفيل، وتوزيع أشجار الزينة والورود في مكان سكن الطلبة في مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) السكني الواقع على طريق النجف – كربلاء، وتتميز تلك الزينة على انها من نتاج العتبة العباسية المقدسة.
وقبل يومين من موعد إقامة الحفل المركزي توزعت ملاكات شعبة العلاقات الجامعية والمدرسية على رحلات استقدام الطلبة من المحافظات البعيدة الجنوبية والشمالية عبر التعاون مع قسمي السياحة والاليات في سبيل تأمين العجلات والباصات لنقل الطلبة.
وبهذا الصدد يقول معاون رئيس قسم السياحة الدينية الأستاذ احمد شاكر هاشم: "بالتعاون مع قسم الاليات وحسب توجيهات الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة تأمين نقل الطلبة ذهاباً واياباً الى مواقع سكناهم داخل المحافظة".
وأضاف: إن "القسم وفر أكثر من 71 عجلة بين حافلات وباصات لنقل الطلبة من والى 8 محافظات عراقية هي العمارة، والموصل، وكركوك، وديالى، والأنبار، والديوانية، والنجف، وبابل".
وتستقبل المنشآت الخدمية للعتبة المقدسة مثل مجمع الشيخ الكليني (قدس الله سره) الواقع على طريق بغداد – كربلاء، مع مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) السكني الواقع على طريق النجف الاشرف – كربلاء، تقديم وجبات الطعام المتنوعة اليومية وتهيئة قاعات المنام.
استقبال الوفود
استقبلت العتبة العباسية المقدسة وفود الملاكات التدريسية ورؤساء الجامعات العراقية وعمداءها في فندق (أرض النور) في منطقة باب بغداد، وكان في استقبالهم بعض من أعضاء مجلس إدارة العتبة المقدسة ورئيس قسم العلاقات العامة.
هذا وبين معاون رئيس قسم العلاقات العامة السيد محمد جلوخان: إن "العتبة المقدسة كانت ومازالت تحتضن الكفاءات العراقية من أساتذة وأكاديميين ايماناً منها بضرورة رعايتهم والاحتفاء بهم".
وأشار إلى: إن "العتبة المقدسة بحسب رؤية متوليها الشرعي سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) تعمل على تقوية الاواصر الاجتماعية وتعزيز روح التآخي بين طلبة الجامعات العراقية بكافة طوائفهم ومذاهبهم".

كربلاء تتوشح بألوان العلم العراقي:
رمزاً للوحدة الوطنية والتضحية
في صباح يوم الحفل تزينت مدينة كربلاء بشوارعها وأزقتها بألوان العلم العراقي ويحمله الطلبة الوافدون على الأكتاف في مسيرة حاشدة، ليمثل المشهد الوحدة الوطنية والتضحية والصمود في وجه الباطل ومن لا يريد الخير لهذا البلد، باعثة رسالة سامية بأن مكونات هذا الوطن لا تفرقهم الأيادي الخبيثة.

ترديد القسم..
على الأمل في مستقبل أفضل لعراقنا الحبيب
اجتمعت المسيرات الطلابية في صحن أبي الفضل العباس (عليه السلام)، مرددين قسم الوفاء للبلد، والإخلاص في العمل، متعهدين على النصرة الإنسانية، عاقدين الهمة على صون المبادئ والقيم المجتمعية، بأخذ دورهم في خدمة العراق عبر اختصاصاتهم المختلفة، مقتدين بصاحب العطاء والجود ومواقفه البطولية في واقعة الطف الخالدة، ومشهدين الله (عز وجل) على ما يقولون.
الطلبة وعلى اختلاف مشاربهم ومذاهبهم اجتمعوا على حب العراق عبر أهازيجهم الوطنية متحدين في قراءة النشيد الوطني، ونشيد العتبة العباسية المقدسة (لحن الإباء)، وذكر شهداء الوطن من القوات الأمنية والحشد الشعبي بقراءة سورة الفاتحة المباركة على أرواحهم الطاهرة.
بعدها تحركت مجموعات الطلبة تحت ألوية جامعاتهم دخولاً الى صحن المولى أبي الفضل العباس (عليه السلام) متجهين نحو مرقد أبي الإنسانية والأحرار الإمام الحسين (عليه السلام).

كلمة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة
وفي مساء اليوم، اتجهت الأنظار والاسماع الى باحة مجموعة العميد التعليمية، وبحضور المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة وعدد من أعضاء مجلس ادارتها ورؤساء اقسامها فضلا عن الشخصيات الاكاديمية والرسمية ورؤساء الجامعات العراقية.
وبتنظيم منفرد سارت الكراديس الطلابية حاملين الوية جامعاتهم والشعارات التي تعبر عن انتمائهم للوطن وللمؤسسة التعليمية، ليفتتح الحفل بقراءة آي من الذكر الحكيم رتلها القارئ حيدر البزوني، ليقف الحضور بعد ذلك من اجل قراءة السورة المباركة الفاتحة على أرواح الشهداء وترديد النشيد الوطني العراقي.
أعقب ذلك كلمة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد احمد الصافي، وقال فيها:
"السلام عليكم إخوتي الأكارم، باعثاً إليكم من شذى هذا المكان المبارك أجمل الدعاء والسلام، متمنياً لكم دوام التوفيق والتسديد والرشاد، مبتهلاً إلى الله (عز وجل) خصوصاً ونحن بجوار سادة العترة الطاهرة أن يوفّقكم لما يحبّ ويرضى، وأن يأخذ بأيديكم لبناء هذا البلد الكريم، وأن يرينا الله (عز وجل) فيكم كلّ خير، وأن نراكم دائماً بأتمّ نعمةٍ وبركة.
أقول أيضاً السلام عليكم جميعاً، السلام عليكم وعلى الفضلاء، والسلام على آبائكم وأسركم الكريمة وأخواتنا الحاضرات جميعاً ورحمة الله وبركاته".
مبيناً: "من يترقّب هذا الاحتفال الكريم، من صباح اليوم إلى هذه اللحظة، يجد أن هناك مجموعة خيّرة من أبناء البلد يفرحون لفرحكم ويتمنّون أن يكونوا حاضرين معكم، ولكن هناك فرحة خاصّة هي لعوائلكم الكريمة، للآباء والأمّهات ولإخوانكم ولأسركم الكريمة وأرحامهم، وأيضاً الأساتذة الكرام الأعزّاء الذين ما فتئوا يبذلون الجهد بعد الآخر، في سبيل أن يروا هذه الثمار اليانعة التي يقتطفونها في هذه اللحظات".
وأضاف: "إن المرجعية الدينية تسرّ وهي ترى هذه الكوكبة من أبنائها الخرّيجين وهم يودّعون الدراسة الجامعية الأوّلية، ويدخلون ميدان العمل، وتدعو لهم بالتوفيق والتسديد في حياتهم العملية والأسرية".
موضحاً: "أحبّ أن أتعرّض إلى نقطتين مع أبنائي، النقطة الأولى: أنتم أمام قَسَم اليوم، وهذا القَسَم دائماً نحرص في حفلات التخرّج على أن يؤدّيه أبناؤنا الطلبة وبناتنا الطالبات، وهنا أحبّ أن أقف على نقطة في هذا القَسَم كما وردت على لسان جناب الدكتور عندما تلا القَسَم، وردّدها أبناؤنا بعده، هذه الكلمة كانت من جملة ما قال (وأن أكون من وسائل رحمة الله)، أنت أيها الطالب عندما أقسمت، قد قلت هذه العبارة، أن تكون أنت من وسائل رحمة الله، وحقيقة هذا القَسَم عظيم على الإنسان، بأن يُوفّق كي يكون من وسائل رحمة الله".
متسائلاً: "كيف يكون الإنسان من وسائل رحمة الله؟
إذا عرفنا أنّ رحمة الله (عز وجل) واسعة، وهي رحمة ملؤها الخير للإنسان، وهذه الرحمة صفةٌ للنبيّ J من جملة صفات كثيرة، كما شهد القرآن الكريم بالرحمة للنبيّ (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين).
أنت عندما تدخل في هذا الحيز الواسع، والرحمة الواسعة، وتسعى أن تكون من وسائل رحمة الله(عز وجل)، أذكر التطبيقات التي تواجهكم -أبنائي الخرّيجين- الآن في مستقبل حياتكم العملية.
ستواجهون الحياة على ما فيها من صعوبات، لكن الذي يذلّل هذه الصعوبات هي هذه الهمّة والإرادة القوية التي تملكونها، وتكون هذه الروح الشابّة صاحبة المبادئ والقيم لا بدّ أن تكون هذه الروح من وسائل رحمة الله".
وأكمل السيد الصافي: "فعندما تساعدون الآخرين وتبذلون ما في طاقتكم من جهد، ستكونون من وسائل رحمة الله، وعندما ترشدون أحداً يبحث عن الطريق وعن الحقيقة ستكونون من وسائل رحمة الله، عندما تمتنع أيديكم من أن تتناول المال الحرام، ستكونون من وسائل رحمة الله، عندما تعصمون آذانكم عن قول الزور وتكفّون وتغمضون أعينكم عن مناظر الفجور وعن أكل حقوق الآخرين، ستكونون من وسائل رحمة الله، أمّا إذا عملنا العكس فهذه ليست من وسائل رحمة الله".
منوهاً على: "عندما أمد يدي إلى حرام فهذه ليست من وسائل رحمة الله، بل قد هذه تكون من وسائل نقمة الله، وعندما أتعدى على الآخرين بلسان أو عين أو أذن، لا شك أنّ هذه ليست من وسائل الرحمة، بل هذه من وسائل النقمة، والخيار لكم".
ببركة هذا المكان المبارك وحضوركم اليوم، نحن نثق بقدراتكم وبعقولكم بأنكم ستكونون أهلاً ومحلاً لهذا القسم الذي صدر من ألسنتكم الكريمة في صبيحة هذا اليوم، هذا الأمر الأول الذي أردت أن أنوه له سريعًا".
وتابع: "الأمر الثاني أبنائي: عليكم أن تحددوا خريطة طريق واضحة لكم في حياتكم، وهذه خريطة الطريق تنبع من تصميمكم الجاد من أجل البناء، وهذه الخريطة تتوضح معالمها عندكم بشريطة أمرين:
الأمر الأول: لابد أن تستشيروا الخبراء في مهمات الأمور، فالإنسان عنده في حياته بعض الأمور المهمة التي تواجهه، عدا العمل اليومي من المأكل والمشرب، هناك أمور في حياة كل منا مهمة وتعد أمورًا مفصلية، فأوصيكم أن لا تستعجلوا في أن تقرروا شيئًا قبل أن تشاوروا من هو أخبر منكم فيما تريدون فعله، المشورة تزيد في العقل، فالعاقل هو الذي يشاور ويبحث عن الحق.
اجعلوا في حياتكم بعض الأفراد ممن تثقون بهم وشاوروهم، ستستفيدون كثيرًا من هذه المشاورة، فمن شاور الرجال شاركهم في عقولهم.
الأمر الثاني: لا تستعجلوا أيضًا في كثير من الأمور، فالإنسان يحتاج التروي والتفكير والتأمل في اتخاذ مسارات حياته.
أنتم جربتم في حياتكم الأكاديمية أنّ الطالب في بعض الحالات يثق بإجابته في الامتحانات، مثلًا المادة هذه يُعطى لها وقت للإجابة ثلاث ساعات، وهذا الطالب واثق من نفسه بالإجابة، لكنه وثوق غير مدروس، فيكمل الأسئلة على نحو سريع وقبل مرور الوقت الكامل أو نصف الوقت يخرج من القاعة، وبمجرد أن يخرج من قاعة الامتحان ويذاكر مع بعض أصحابه، يعض إصبع الندم على استعجاله، فيتأسف على استعجاله ويقول ما كان يجب عليَّ أن أكتب كذا وكذا".
وأشار المتولي الشرعي إلى: "الاستعجال لا يعطي دائما حالة من الطمأنينة، وإنما يكمن الأمر بالتروي والتفكر، فرق بين التفكر والتردد، التفكير يتضمن حسابات العقل للمستقبل، في القضية التي هو بصددها.
يجب ألّا تدفع بكم هذه الروح الشبابية إلى أمور ستندمون عليها، استثمروا تلك الروح الشبابية بالجد والإخلاص والاندفاع نحو التفكير.
بدأتم حياة قضيتموها والحمد لله في الجانب العلمي، وإن شاء الله (عز وجل) في مستقبل الأيام ستكون معكم لمن شاء أن يكمل دراسته أو يدخل إلى ميدان العمل.
ولابد لمن يدخل، أن يقرر بوضوح ماذا يريد؟ كيف يتعامل مع الأحداث؟ هذه إخواني قضايا لها علاقة بالفطرة، أنا فقط أنبه لما أراه من خطورة سرعة اتخاذ القرار من بعض الشباب، وبالنتيجة سيندم".
وأردف قائلاً: "هذه الفطرة يجب أن لا تتلوث عندنا جميعًا، فالإنسان عليه أن يحافظ على عقله، الله (عز وجل) أعطانا هذه النعمة، اليوم نمر بمعتركات كثيرة فكرية، ونفسية، واقتصادية، وأسرية كثيرة تنعم بها الساحة الثقافية، والإنسان أذنه أو عينه تمتلئ من المتناقضات، فإذا لم تكن عنده قيم ثابتة، ومبادئ واضحة، يميز بين تلك المتناقضات، سيقع في فريستها، وعنده بعض الصلحاء ممن يستشيرهم هم قبل أن يلج إلى أي ميدان ما، وان يتسم بطبيعته بنوع من التروي، بأن يتأمل ولا يبت في القرار إلا بعد أن يهضم موضوعه جيدًا، وإلا ستكون النتائج غير طيبة وغير محمودة.
نسمع وتسمعون كثيرًا من المشاكل كان يمكن ألا يقع بها إنسان ما، لو تأمل وتروى ولو حسب نتائج الأمور بشكل دقيق، والكلام معكم سيكون أسهل باعتباركم ناساً أهل علم وأهل فهم، ولذلك الخطاب معكم، أعتقد أنّه سيوصل إلى نتائج طيبة".
ناصحاً: "أرجو أن تحافظوا على أسركم، فالآباء بذلوا جهدًا كبيرًا لوصولكم لما أنتم عليه، علم الله أنهم في بعض الحالات قد يستدينون لكن لا يبلغونكم حتى لا يؤثروا على نفسيتكم، المهم عندهم فقط أن تدرسوا، المهم أن تنجحوا، المهم أن تكتحل عين الأب برؤيتك وأنت تطوي هذه المراحل الدراسية، وهكذا الأم الكريمة، الله الذي يعلم كم سهرت وكم دعت لك بظهر الغيب في أن تتوفق.
لا تجرح مشاعر الأب ولا مشاعر الأم، فهذه لها بعض الآثار السلبية على حياتك، والذين فقدوا آباءهم أو أمهاتهم رحمهم الله، عليهم بالصبر فهذا حال الدنيا، وعليهم أن يعملوا لتقر أعين من فقدوهم.
ونبينا (صلى الله عليه واله وسلم) اليتيم الأول، ادعوا لأبيك ادعو لأمك، أنّ الله (عز وجل) يرحمها، يقر عينيها وهي في قبرها يقر عينيها بك؛ لأنك ستكون إنسانًا فاعلًا على تعبيرنا العرفي (اجلب لأبويك الرحمة بسلوكك) من خلال ما تقدمه للناس، فالناس ستترحم على أبيك وعلى أمك إن رأتك إنسانًا صالحًا، ثقتنا قطعًا أن تكونوا من الأخوة والأبناء الصالحين.
سرورنا هذا هو أن نراكم في طليعة المتميزين دائمًا في الأخلاق، وفي العلم وفي المبادئ، وفي القيم نراكم دائمًا من المتميزين، كل أبنائنا الذين حضروا والذين لم يحضروا.
احفظوا حق أساتذتكم بعد أن تتركوا الجامعة، فإنّهم بذلوا جهدًا في أن يوصلوا المعلومة بطريقة تمكنكم من أن تهضموها، تستطيعون أن تفهموها، وأيضًا في جميع الجامعات، هناك لكم ذكريات طيبة، فالإنسان يتعلق بالجامعة، وهذه حياة قضاها من عمره فيها، سيبقى ذكراها ما بقي من الأمور المهمة، وهذه الجامعات دائمًا إن عدتم لها كأساتذة، لابد أيضًا أن تبذلوا طاقات تلو طاقات في سبيل أن تنهضوا بها".
ولفت السيد الصافي إلى مسألة مهمة: "قدّم النصيحة بعد حين - إن كنتم إن شاء الله من أهل النصيحة - للأجيال التي تأتي بعدكم، لا تبخلوا في معلومة قد تنفع الآخرين، تذكروا أيضًا على هذه المقاعد الدراسية قد كانت لكم علاقات مع إخوة سبقوكم إلى الجنة، شهداء مضمخين بدمائهم من أجل أن يبقى هذا البلد شامخًا، يبقى هذا البلد معافى، كي تبقوا أنتم على مراحل الدرس، ضحوا من أجلنا جميعًا حتى تبقى هذه المسيرة، وكي يبقى العراق كما هو صافيًا نظيفًا منمقًا بهذه التشكيلة المباركة لكل أطيافه.
الإنسان عندما يعيش تطبيق المبادئ، يعيش مرتاح الضمير، أنا أتكلم مع إخوتي أبنائي واقعًا بكل تفاؤل، لأنّكم أهل ومحل كل احترام وتقدير ومن قبلكم الأفاضل".
مختتماً: "سائلين الله (عز وجل) أن يوفقكم دائمًا وأن يحميكم وأن يحفظكم، ودعاؤنا إلى الأهل الأعزاء جميعًا، وبلغوا السلام والتحيات لهم جميعًا، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين".

كلمة الجامعات العراقية ووزارة التعليم العالي
لتأتي كلمة الجامعات العراقية ووزارة التعليم العالي على لسان رئيس الجامعة التكنولوجية الأستاذ الدكتور احمد الغبان والتي أكد فيها: إن "الحفل المركزيّ لتخرّج طلبة الجامعات العراقية الرابع، يعكس الصورة القيمية واللحمة الوطنية بمظهر القبّعة العلمية العراقية الأصيلة".
وقال الغبان: "نتقدّم بالشكر الجزيل والثناء الجميل والدعاء الدائم لجميع خدّام العتبة العبّاسية المقدّسة، على احتضانها ورعايتها هذه الاحتفالات المركزية التي تعكس الصورة القيميّة واللحمة الوطنية بمظهر القبّعة العلمية العراقية الأصيلة، في فعّالياتٍ منفردة بجمالها ورسائلها، وننقل إليكم مباركة وتهاني وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتشكيلاتها وملاكاتها، وهم يراقبون تجمّعكم البهيج وأنتم تجسّدون أبهى صورة وأطيب منسم علمي صريح".
وأضاف، "نحن نشهد اليوم ما سُخّر من إمكانات لإقامة هذا الاحتفال البهيج الموسوم بشعار (دفعة على هدي القمر الرابعة)، إذ نشهد اهتماماً بالغاً شحّ قرينه، اهتماماً يستحقّ أن نقف عنده سائلين لماذا؟ وكيف؟ وما هو المطلوب؟ وقد بيّن سماحة المتولّي الشرعيّ السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، ذلك عبر كلماته الطيّبة في الاحتفالات السابقة، عندما أوضح بأن الهدف من ذلك هو أن يبقى هذا المكان راسخًا في أذهان الطلبة، لأنّهم يمثّلون خير أمّةٍ يعوَّلُ عليها في بناء البلد".
وتابع: "نعم يا أبناء العراق الحبيب عندما نقول إلى أين؟ إلى عراق جديد، عندما نقول لماذا؟ لأننا خير أمّة تبني بلادها، عندما نقول متى؟ نقول اليوم قبل اليوم، فيا أبنائي الخرّيجين الأعزّاء، تمرّ هذه اللحظات كرسائل نتمعّن في قراءة أدقّ جزئياتها لنعرف حجم مكانتنا، وقد سمّيتموها مساء اليوم برسالة الخرّيجين من كربلاء إلى العالم، وستصل إن شاء الله (عز وجل)".
واختتم بالقول: "ندعو الله (عز وجل) دوام التوفيق والسداد لكم، ولعوائلكم الكريمة ومحافظاتكم العزيزة وجامعاتكم الموقّرة، دعاءً يمتزج تضرّعُه بذكر شهدائنا الأبرار الذين ضحّوا بأنفسهم من أجل الأرض والعرض والمقدّسات".

كلمة الطلبة المشاركين
ارتقى المنصة الطالب محمد علي الاشتر ليلقي كلمة الطلبة بالنيابة عن زملائه الخريجين وجاء في نصّ الكلمة:
"المرجعية الدينية العُليا المتمثّلة بوكيلها سماحة السيد أحمد الصافي المتولّي الشرعيّ للعتبة العبّاسية المقدسة (أعزّكم الله)، العتبة العبّاسية المقدّسة بمجلس إدارتها وأقسامها وشعبها المباركة، آباؤنا الأساتذة، السادة رؤساء الجامعات العراقية الموقّرون والوفد المرافق الكريم، إخوتي الخرّيجون الكرام..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جئتُ مستمِعاً متعلّماً..لا متكلّماً..طالباً من أساتذتي الكرام الرخصة لاستثمار هذه الدقائق، بتقديم الشكر والتقدير للذين كانوا وما زالوا في معاناة وسعي للأخذ بأيدينا لما فيه صلاح الفرد والمجتمع، غارسين فينا روح الثقة والدافع الحافز للعمل ممّا يجعل الحياة لنا ذات روح ومعنى، بثبات وإصرار في وجه الأمواج العاتية والأهواء المتلاطمة، والأفكار المنحرفة، فلهم من أبنائهم الخرّيجين جزيل الشكر ووافر الثناء والتقدير وهم (أهلنا - العوائل الكريمة - المعلّمون- أساتذتنا الجامعيون)، فلله درّهم، وعلى الله أجرهم.
وخير ما نختم به خطاب شكرنا وتقديرنا لجنابكم الكريم هو دعاء الإمام الحجّة بن الحسن المهدي (أرواحنا له الفداء): اللهُمَّ ارزقنا توفيقَ الطَّاعَةِ وَبُعدَ المَعصِيَةِ وَصِدق النيَّةِ وَأكرمنا بالهدى والاستقامَةِ، وَسَدّد ألسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالحِكمَةِ وَاملأ قُلوبَنا بِالعِلْمِ وَالمَعرِفَةِ، وَطَهِّر بُطُونَنَا مِنَ الحَرامِ وَالشَّبْهَةِ وَاكْفُف أيدينا عَن الظَّلِمِ وَالسَّرِقَةِ وَاغْضُضْ أَبصَارَنَا عَن الفجور والخيانَةِ وَاسدُد أسماعنا عَن اللغو وَالغَيبَةِ وَتَفَضَّلْ عَلَى عُلَمَائِنَا بِالزَّهْدِ وَالنَّصيحَةِ وَعَلى المُتَعَلِّمِينَ بالجهدِ وَالرَّغْبَةِ وَعَلَى المُستَمِعينَ بِالاتِّبَاعِ وَالمَوعِظَةِ وَعَلى مَشايِخنا بِالوَقارِ وَالسَّكينَةِ وَعَلى الشَّبابِ بِالإِنابَةِ وَالتَّوْبَةِ وَعَلَى النِّسَاءِ بالحَياءِ وَالعِفَّةِ وَعَلَى الْأَمَراءِ بِالعَدلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَى الرَّعيَّةِ بِالإنصافِ وَحُسِنِ السَّيرَةِ، بِفَضْلِكَ وَرَحمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ".
يذكر أن: العتبة العباسية المقدسة وعبر هذا الحفل تسعى الى تقريب الرؤى بينها وبين الطلبة وتوحيد الأهداف مع الشباب تحت ظل واحد وهو خدمة المجتمع العراقي بكافة الوانه، والعمل على صنع مستقبل أكثر حيوية للبلد من جوانب مختلفة، بحسب اختصاصاتهم الأكاديمية المتعددة.