العتبة العباسية المقدسة... تحتفي باليوم العالمي لسيدة اللغات
11-01-2024
هيأة التحرير
برعاية الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة، نظمت جمعية العميد العلمية والفكرية التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية احتفاءً باليوم العالمي للغة العربية، المقام تحت عنوان (لغتنا العربية سيدة اللغات).
استهلت الفعالية التي أقيمت في قاعة الإمام الحسن (عليه السلام)، وشهدت حضور عدد من أعضاء مجلس إدارة العتبة المقدسة، ورؤساء الأقسام والباحثين والمختصين والمهتمين باللغة العربية، تلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت القارئ السيد حيدر جلوخان، وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق الأبرار، وأعقبها عزف النشيد الوطني العراقي ونشيد العتبة العباسية المقدسة الموسوم بـ (لحن الإباء).
ثم جاءت بعد ذلك كلمة جمعية العميد العلمية والفكرية ألقاها الدكتور سرحان جفات، وبين فيها: "السلام على فاطمة الزهراء، سيّدة نساء العالمين في أيامها الفاطمية أيام شهادتها ومظلوميتها، التي لا تحيط خطابة الخطباء بما امتحنت به، فكانت نعمة الصابرة المرابطة المبينة المُبيّنة، لما حل على أهل بيتها الميمون، مما تنوء الجبال بحمله، وكان بيانها الفاطمي آية أخرى من آيات كمالها، ومصداقًا على سمو ملكاتها، وكيف لا وهي ابنة أفصح من نطق بالضاد، وزوج من تقاصر الخطباء والشعراء عن إدراك علو خطابه، وسمو بيانيه، وأمّ الأئمة الأطهار المخصوصين بالفصاحة والبيان واللسان العربي المبيت ومحاسن الحديث، والملازمة بين أهل البيت (عليهم السلام) والعربية ليست ملازمة مناسبة، بل هي ملازمة فكر وتكوين معرفي لهم، ولعل هذا ما يفسر قول الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام: (أعربوا حديثنا فإنّا قوم فصحاء) وقوله: (نحن قوم فصحاء فإذا رويتم الأخبار عنا فأعربوها) وغير ذلك من روايات تصدح بما لهذه اللغة الشريفة من مكانة سامقة جليلة في فكر أهل بيت النبوة (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)".
وبيّن، "لقد مثّلث العتبة العباسية المقدسة امتدادًا أصيلاً لذلك الفكر المحمدي الأصيل، فكان لها من العناية باللغة العربية وبعلمائها مما شهد به الجميع، وقد وجه سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، بإقامة فعاليات تكريمية للغة العربية في طليعتها هذا الاحتفاء، مرورًا بالكثير من المسابقات الشعرية والأدبية والمجلات التي أسندت إليها العناية باللغة العربية، وبعضها كان وقفاً على بحوث تعنى بالعربية علما وأدبا، كما أُنشئ أكثر من مركز لتحقيق التراث العربي الأصيل، زيادة على أن تكون مطبوعات العتبة العباسية المقدسة كلها مقومة تقويمًا لغوياً يخرجها إخراجاً لغوياً لائقاً".
وأضاف، أن "ما تواجهه اللغة العربية اليوم من مخاطر تدهم وجودها الحضاري، يوجب تآزر الجهود كافة لإعادة الحياة للعمل بالقوانين التي تواجه التصحر اللغوي، ولا سيّما قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية ذي الرقم أربع وستين لسنة سبع وسبعين وتسع مئة وألف للميلاد، وهو قانون به حاجة إلى انتقال من ادراج المكاتب إلى التطبيق الحقيقي في وسائل الإعلام والمخاطبات الرسمية وشبه الرسمية، وتعريب المصطلحات التي تنوء بعجمتها تفاصيل حياتية كثيرة، لعل من أشهرها الجامعات والمعاهد العلمية التي ما باتت غربة العربية فيها غربة غير خافية على ذي بصيرة".
وأشار إلى، أن "الأمل معقود على الحاضرين الكرام وعلى أشباههم من الغيارى على أن تكون لهم مواقف في إعادة وقار العربية، والنهوض بها، وتقديمها لغةً للحياة والعلم وللأجيال، وهذا أقل ما يمكن أن يقدم لهذه اللغة التي كان لها فضل معرفي وثقافي على البشرية جمعاء".
وأختتم، "نسأل المولى (عزّ وجل) أن يجعل هذا اليوم فرصة حقيقية لمساءلة أنفسنا عما قدمنا للعربية، وعما ينبغي أن نقدمه للعربية، بما يليق بذلك الإرث الحضاري الذي حملته العربية، وأنارت به مشارق الأرض ومغاربها".
بعدها انطلقت الجلسة العلمية بإدارة الأستاذ الدكتور كريم حسين ناصح الخالدي، وبمشاركة ثلاثة باحثين، وتطرق الدكتور الخالدي الى الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي تقيمه العتبة العباسية المقدسة كل عام، وقدمت فيه كثيراً من البحوث الرصينة التي طبعت في وقائع لهذه الندوات على مدى السنوات الماضية، وان هذا الاحتفاء جاء تكريماً لهذه اللغة العربية التي أغنت العالم وأثرت الكتب والميادين الفكرية والعلمية والشعرية بما أعطته من ألفاظها ومعانيها وتراكيبها.
وكان البحث الأول للأستاذ الدكتور صباح عطيوي عبود الزبيدي وعنوان بحثه (حيوية اللغة العربية)، وأوضح فيه على أن "اللغة أداة الكلام ووسيلة الخطاب الإنساني، وبها تتم عملية الإبلاغ الكلامي، والأصل فيها أن تكون منطوقة محكية، وهي لغة القرآن الكريم ومحفوظة بحفظه".
وأضاف، "ان هذا البحث سلط الضوء على ما قاله علماء اللغة في رفعتها ورفعة علومها، وما كانوا يحرصون عليه من سماع هذه اللغة وسماع كلام الله في قرآنه الحكيم".
وبيّن، أن "أهم سمة في حيويتها أنها لغة متطورة غير جامدة، والتطور سنّة لغوية تدخل في اللغات الحية، فحدث التطور في أصواتها ونحوها ودلالاتها كثيرًا، ومن سمات حيويتها أنّها قوية في بنيتها، ومن ذلك أن كثيرًا من قوانينها وأنظمتها ومظاهرها تقترب كثيرًا من حياة الإنسان، لذلك قالوا: اللغة حياة في حياتنا وحياتنا من حياتها".
أما البحث الثاني، فكان لعميد كلّية الآداب في جامعة المثنى الأستاذ الدكتور عايد جدوع حنون عن (اللمح في اللغة العربية)، وتطرق الباحث الى أن "الذي تقوم به العتبة العباسية المقدسة من مؤتمرات وندوات تخص اللغة العربية وغيرها ينم عن توجه علمي أكاديمي، فضلاً عن التوجه الحوزوي لخدمة المجتمع بشكل عام وخدمة اللغة العربية الذي نحتفي به اليوم".
وأضاف، "اللغة العربية من الأسس التي انمازت بها أنها خصت بكتاب الله الحكيم، وهذا الكتاب هو دستورنا في الحياة والذي منه ارتشف أئمتنا الأطهار عليهم السلام ونحن اليوم نريد أن نقول أننا نتبع نهجا إسلامياً يتميز بخصائص عدة، ومن خلال قراءتي أطروحتي للدكتوراه عن الحجاج في كلام الإمام الحسين (عليه السلام) وجدت أن الإمام يسير بمنهج لغوي خاص يشبه الى حد كبير القرآن الكريم".
وبين، أن "اللغة العربية امتازت بخصائص عدة، بعضها مشترك في لغات أخرى وبعضها متفرد للغة نفسها ومن هذا التفرد أنها خصت بالقرآن الكريم، ولولا القرآن الكريم لما اجتمعنا للاحتفاء باللغة العربية ولما تفاخرنا بذلك، وكذلك الاقتصادة في الألفاظ والسعة في المضامين والمعاني وأمثلتها كثيرة اخترت منها اللمح في العربي واقصد بذلك النظرة الخاطفة التي يشير فيها المرسل لأمر ما والمتلقي يلتقط هذه الشذرات للوقوف على ما يريده المرسل".
وتابع، أن "الهدف من البحث هو التأكيد على أن اللغة العربية لغة تستحقّ الفحص والدراسة والاهتمام بها على مرّ الأجيال، وبها نستطيع أن نحفظ كلام الله سبحانه وتعالى ونعرف ما يريده نبيّنا الكريم وأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)".
وقدم عضو جمعية العميد العلمية والفكرية الأستاذ الدكتور مشتاق عباس معن بحثاً أكاديمياً بعنوان (الفرانكوا أريبيا "Franco Arabia" العربية الهجينة في ظلّ التواصل الحر)، وتطرق الباحث الى، أن "كل مرحلة من مراحل عمر البشرية ولا سيما تلك المراحل التي تشهد تبدلاً وتغيراً في وسائل تواصلها بحكم ولادة اختراع جديد أو اكتشاف جديد ينبع من اللغة سواء كان ذلك في الشكل او التفاصيل الداخلية، وبما أننا نعيش موجة جديدة وهي الأحدث من موجات تحول الثورات العلمية والمعرفية والثقافية على مدى البشرية وهي الثورة التكنولوجية، فإننا نشهد ولادة لغات ووسائل تواصل جديدة أثرت بنحو أو بآخر في شكل العربية رسماً ونطقاً وتداولاً، وتأتي الفرانكو أريبيا إحدى تلك الأشكال التي شاعت وانتشرت بين فئة الشباب، هذه الفئة الخطيرة التي تمثل في جميع المجتمعات المستقبل".
وأضاف، أن "التأثيرات التي طرأت على لغة التواصل العربية سواء كان ذلك على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون (لغة الفرانكوا أريبيا Franco Arabia)، أو ما تسمّى في بعض المسمّيات (العربيزي) وهي لغة تقنية ظهرت في أواخر التسعينات من القرن الماضي، واستمرّت مع بدايات القرن الحالي وحققت الأنماط الثلاثة للمماحكين للغة العربية على مدى استهدافها السابق، وتكون الحروف المكتوبة بها حروفاً لاتينية، ومسار الكتابة من اليسار إلى اليمين، لكنّها تنطق وتفهم بحسب الفهم العربي، وأثرت في بنية العربية بحيث أقصت حركات الإعراب واقتربت من اللغة الدارجة".
وشهدت الورقة البحثية للدكتور مشتاق توصيات لتعزيز حضور اللغة العربية في الميادين كافة، وتفعيل دورها في التعبير عن التطورات العلمية والفكرية الحديثة منها:
• ضرورة إعادة النظر في فلسفة التربية التي تحكم المناهج التعليمية العربية، ولا بد من دعمها الرئيس للثقافة النقدية، والحث على الخوض فيها؛ لان الخواف (phobia) منها يجعلنا في ذيل الركب الحضاري.
• ضرورة الضغط على المؤسسات الرسمية لتمكين الحرف العربي؛ ليكون حرفاً ضوئياً، يفهمه العقل الحاسوبي، لنقلّ الأخطاء التي تحدث في الاعتماد على وسائل بديلة لترجمة الايعازات للعقل الحاسوبي بلغات أخرى.
• ضرورة إطلاق مواقع رصينة، والحث على متابعتها، والاعتماد عليها؛ للحد من ظاهرة التواصل المنفلت، الذي يوصف بالحر تجوزاً.
• ضرورة إطلاق حملات توعية كبيرة تنسجم وحجم المخاطر التي تتبع من تفشي هذه اللغة في عموم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، لا فئة الشباب فحسب، وان كانت هذه الفئة هي الأخطر؛ لأنها تمثل مستقبل الأمة.
وقال رئيس قسم الشؤون الفكرية السيد عقيل الياسري: أن "جمعية العميد الفكرية دأبت على الاحتفاء باليوم العالمي اللغة العربية منذ أكثر من خمسة أعوام عبر أسلوب علمي وفكري وهذه النسخة حملت عنوان (لغتنا العربية سيدة اللغات)".
وأضاف، أن "الهدف من تنظيم هكذا احتفاء هو لتكريم أم اللغات، بالإضافة الى حث المؤسسات الأكاديمية والجهات المعنية بالتمسك باللغة العربية، وإبراز رصانتها وتطورها عبر الأزمنة".
وأشار إلى، أن "البحوث الأربعة المشاركة في الندوة العلمية التي ألقيت والتي لم تلق ستطبع على شكل مجلد يكون متاحاً للباحثين والأدباء والجهات المهتمة باللغة العربية".
من جهته أوضح رئيس جمعية العميد العلمية والفكرية الأستاذ الدكتور رياض طارق العميدي: "دأبت الجمعية على إقامة احتفالها بيوم اللغة العربية تزامناً مع اليوم العالمي للغة، وهذا مُقر في الأمم المتحدة، ويقام هذا الاحتفاء كل عام بشكل منتظم، ويهدف هذا الاحتفاء أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة متطورة ديناميكية تراثها طويل وهذا التراث ليس فيه التقليد الجامد فقط وإنما دائما يتجدد بتجدد الأوقات والسياقات".
وفي السياق نفسه قال أحد أعضاء جمعية العميد العلمية والفكرية الدكتور شعلان عبد علي: "اعتادت العتبة العباسية المقدسة في كل عام، إقامة مهرجانٍ للاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، بمشاركة عدد كبير من الأساتذة الأكاديميين والأدباء والشعراء وتقديم البحوث العلمية ".
وأشار الى، أن "الغاية من إقامة هكذا مهرجان هو إعادة ثقة الشاب العربي بلغته لغة الأم؛ كونها اللغة التي نزل بها القران الكريم، لذلك يجب الحفاظ عليها من الانحراف والاندثار ومن الدعوات التي تحاول تجريفها والوصول بها الى الهاوية".
وأضاف، أن " البحوث المقدمة من قبل الباحثين الأكاديميين هي لتحريك الذهن العربي، وأن اللغة العربية يجب أن يحتفى بها وتكون لها المكانة التي جعلها الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد، وهي من أكثر اللغات جذوراً وأكثرها تاريخاً، وان كل اللغات لها مدة وتندثر إلا اللغة العربية فهي باقية محافظة على أصولها ومكانتها اللغوية العلمية".
وأشار إلى، "تم اختيار أربعة باحثين من مختلف الجامعات العراقية وتقديم بحوث تنص على إمكانيات اللغة العربية وحيويتها واستمراريتها ونموها في المجتمع العربي، والموازنة؛ كون اللغة تعود الى التراث وتاريخها قديم وبين إمكانيتها في التجدد والتفاعل والاستجابة واستيعاب منجزات الحضارة".
واستأنفت الجمعية الجلسة المسائية من فعّاليات الاحتفاء باليوم العالميّ للّغة العربية، في قاعة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) داخل العتبة العباسية المقدسة، وتميّزت هذه الجلسة بإلقاء مجموعةٍ من القصائد الشعرية.
وتضمّنت أمسية شعرية شارك فيها تسعة شعراء من محافظات عراقنا الحبيب، جميع قصائدهم تتغنّى بحبّ اللغة العربية، وبأمجادها، وتراثها، وماضيها، ويأتي ذلك تزامناً مع اليوم العالمي للّغة العربية.
القصائد المشاركة تُعنى بأهمّية اللغة العربية وتطوّرها المستمرّ، وقابليتها على تجديد نفسها حسب السياقات والأزمنة والأماكن المختلفة، وتمجيد هذه اللغة يأتي بوصفها لغة القرآن الكريم واللغة الأم، بخلاف بعض اللغات التي تلاشت واندثرت بفعل عوامل الزمن المختلفة وما لاقته من إشكالات لغوية.
وقال أحد المشاركين الشاعر قاسم والي: "جئت بدعوةٍ كريمة من جمعية العميد العلمية والفكرية للمشاركة في فعّاليات الاحتفاء باليوم العالمي للّغة العربية، وكتبت قصيدة عنوانها (اختيار الله) تتعلّق باللسان العربي، وهو كلام الله المنزل بالقرآن الكريم وكلام الأئمّة المعصومين (صلوات الله عليهم)، واختيار الله لا يُمكن مناقشته ولا معرفة أغواره وسبرها".
وأضاف، أن "الكلام الذي ورد في الذكر الحكيم وفي كلمات رسول الله والأئمة المعصومين (عليه وعليهم صلوات الله) له ظاهر وله باطن، قد يتلقّى الناس الظاهر ولكن باطن وأسرار اللغة وأسرار الكلام لديهم وحدهم".
وتابع، أن "العتبة العباسية المقدسة سباقة ومبادرة دائماً في إقامة النشاطات الفكرية والعلمية والأدبية".
ومن جهته تحدث الباحث والأديب في الحوزة العلمية الدينية ومعاون رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العلوية المقدسة الشيخ حسنين قفطان قائلاً: "ابتداءً أقدم الشكر الى العتبة العباسية المقدسة وهي تقوم بهذه الالتفاتة القيمة وتحيّ هذا اليوم العظيم يوم اللغة العربية وهذا يعد جزءاً من الوفاء للغة القرآن الكريم ولغة أهل البيت (عليهم السلام) وهذا خير انتماء، عندما نحيي ما يربطنا بهم لكون كل ما دون عن أهل البيت (عليهم السلام) من أحاديث وأقوال هو بهذه اللغة المباركة".
وأضاف، "قصيدتي التي قدمتها بعنوان (بين الإيماءة والحرف حضور لغة الأم) مضمونها يحكي عن رجوع الولد العاق لأمه، لكوننا نشهد في هذه الأيام هجراناً وجفاءً وعقوقاً بحق اللغة العربية، وهذا يؤسفنا لكون الألسن أصبحت متشظية بعدة كلمات منها الدارجة ومنها الدخيلة من ثقافات ومجتمعات أخرى".
وأشار الى، أن "يجب الالتزام باللغة العربية وإعطائها السيادة الرئيسية لكونها هوية الإسلام وخير ما يمثل اللغة العربية هو القرآن الكريم وخير ما يعبر عن أسرار القرآن الكريم وترجمانه هي اللغة العربية فبالتالي يجب أن تكون حاضرة ومتسيدة على جميع لغات الثقافات الأخرى".
وفي السياق ذاته تحدث الشاعر شاكر الغزي من محافظة ذي قار قائلاً: "اليوم نحن نحتفي بيوم اللغة العربية ونحن في حضرة المولى أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وشاركت بقصيدة أسميتها (أطلال ظاء)، وهذا العنوان يحمل موضوعين أساسين، الأول هي الإشارة الى أن حرف الظاء وقد صدّرت بذلك القصيدة بقول الخليل أن الظاء لم يعط أحداً من العجم إذ ثمة مفارقة بان الكل يسمي اللغة العربية بلغة الضاد وهذا ليس دقيقاً لكون الضاد موجود في الكثير من اللغات منها اللغة الروسية وبعض اللغات الامازيقية وحرف الظاء هو الحرف الوحيد الذي يوجد باللغة العربية ولا يوجد بغيرها".
وأضاف، "الموضوع الثاني هو إطلال لكون اللغة العربية في هذا الوقت هُجرت من قبل بنيها لأن هنالك رغبة حول الفرنسة والاكلزة ونحو اللغات الأجنبية الأخرى والتفاخر بترديد الكثير من المصطلحات الأجنبية، أن هذا لأمر بوجهة نظري يشكل خطورة وتكمن في حرب المصطلحات الدائرة حديثاً وهي تمسخ المصطلحات العربية من معانيها الأساسية واستبدالها بمعانٍ مضللة".
وتابع حديثه بالقول، "نحن بحاجة الى استعادة جوهر اللغة العربية وأصالتها من اجل أن نفهم قرآننا وديننا يكن اختيار اللغة العربية لخاتم الديانات السماوية اختيارا عبثايً إنما اختيار مقصود لما تتسم به اللغة العربية من معانٍ بالألفاظ ودقة في التعابير تتيح لخاتم الأديان أن يغطي مساحة كبيرة في الزمن والجغرافية".
أما الشاعر الدكتور حسن عبد راضي تحدث قائلاً: "عنوان قصيدتي سكرٌ هواها وهي قصيدة تتغنى بلغة القرآن اللغة العربية التي يوافق هذه الأيام يومها العالمي في الثامن عشر من كانون الأول، القصيدة تحدثت عن اللغة العربية وعمقها في التاريخ وأثرها في الثقافة ثم في الإسلام عندما جاء، وكيف تشرفت بالقرآن الكريم وأصبحت من اللغات المؤثرة عالميا بأدبها وبلاغتها وبمعجمها الهائل الذي لا تكاد ترقى إليه أيةِ لغة أخرى".
وبين، أن "لمثل هكذا مناسبات وفعاليات أثر كبير على المجتمع العربي كما هو معلوم مجتمع ثقافة وأدب وحضارة ويرتبط بحضارته وبماضيه الطاعن في التاريخ كل ما هو يدعو الى الفخر، لذلك علينا أن نصنع حاضرا يليق بماضينا ويمهد لمستقبل أفضل ولنفعل هذا يجب أن يعمل كل عامل بتكليفه وان يبادر الى ما هو أكثر من تكليفه وان يكون مبتكرا مبدعا".
وأضاف، أن "لمثل هذه الفعاليات والملتقيات والندوات الشعرية أثراً ايجابياً كبيراً وواضحاً على المثقفين، ومن متذوقي الشعر من بعدنا الذين سيقرؤون الأعمال، وكما علمت من الدعوة الكريمة بأن القصائد ستطبع في كتاب أو كتيب، وستظهر بوادره لاحقاً بعد مرور زمن يطول أو يقصر لكنه سيكون هناك أثر يعزز الانتماء الى أمتهم وثقافتهم والى لغتهم وحضارتهم ويدعوهم الى التمسك بهذه اللغة التي تكاد تضيع اليوم؛ بسبب موجات من التغريب ومن التواصل الاجتماعي واشياء كثيرة بدأت تؤثر في اصالة اللغة".
وعلى النحو ذاته، بين الشاعر مسار رياض قائلاً: "تلبية لدعوة العتبة العباسية المقدسة الكريمة للمشاركة في أمسية شعرية بمناسبة يوم اللغة العربية تقدمت بقصيدة بعنوان لغة للحياة، القصيدة ناظرة الى أن اللغة هي منشأ الحياة المعروف في الأدبيات الدينية فمثلاً في الإنجيل بالبدء كانت الكلمة ونعرف بان الموروث الإسلامي أن الله سبحانه وتعالى إذا شاء أن يخلق شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، فكانت هذه عتبة الدخول للكلام عن اللغة العربية وعن سدنة هذه اللغة وهم الرسول الخاتم وأهل بيته الكرام (عليهم الصلاة والسلام)".
وأضاف، أن "النظر في موضوع غربة اللغة العربية بين أهلها وكيف أنها أصبحت على الهامش في مقابل تقدم اللهجات الغربية في كل الأوطان الناطقة باللغة العربية هذه التفاتة جيدة من قبل العتبة العباسية المقدسة، وأرجو أن يكون لبقية المؤسسات الثقافية التفاتات مماثلة لأحياء أمر اللغة العربية وجعل هذه اللغة متداولة منطوقة ومفهومة ومحكية".
وفيما يخص خاتمة القصائد التي علت المنصة المباركة، والتي ألقاها الدكتور حازم رشك التميمي حدثنا عنها قائلاً: "تناولت في هذه القصيدة شخصية فذة ورمزا خالدا من رموز عربيتنا الخالدة إلا وهو سيبويه صاحب الكتاب وتلميذ الخليل ابن احمد الفراهيدي عالم العربية العبقري اتخذته قناعا للعربية ككل وما تتعرض إليه من إهمال وعدم حضور في حياتنا اليومية بل والاستهانة بها حتى على مستوى المختصين والتساهل من لدن المشتغلين بالحقل الأدبي وحتى الأكاديمي".
مبيناً، أن "القصيدة تحكي عن هذه المحنة التي تتعرض لها اللغة العربية فالغاية من هذه هو تسليط الضوء على الإشكاليات التي تعصف بلغتنا ورمز هويتنا المتفرد".
وتابع حديثه بالقول، "بالتأكيد اثني وادعم هكذا مهرجانات تتخذ من هكذا موضوعات هدفا لها وغاية واشد على يد العتبة العباسية المقدسة السبّاقة في هكذا مجالات، مشددا على أهمية الإعلام في تصدير هكذا مهرجانات بغية الوقوف على الدور الذي تطلع به العتبة المقدسة وتحقيق الغايات المرجوة منها".
وفيما يخص الفقرة الأخيرة من فقرات الأمسية الشعرية كرّمت جمعية العميد العلمية والفكرية الشعراء المشاركين في المؤتمر.