كانت مسألة إعداد البرامج تشغل تفكيري حين كنت أعمل معدة ومقدمة برامج في إذاعة الكفيل، سعيت وقتها لإعداد برنامج اذاعي يسلط الضوء على منجز مركز ترميم المخطوطات التابع لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، وجدت حينها أن المنجز كبير وتساءلت مع نفسي أين الإعلام العراقي عن مثل هذه النشاطات التي تعد مفخرة عراقية بحق؟ وتمنيت أن أكون وقتها معدة ومخرجة بإحدى الفضائيات لكنت أدخل إلى المنجز من عدة أبواب إلى عمق الموضوع، والموضوع وحده قادر على كسب مشاعر كل أنسان له وجدان ويتمنى الخير للعراق، القضية تلخص عندي بأن العتبات المقدسة وسعت خدماتها فنوعت مشاريعها الخدمية والعلمية والثقافية
سأحمل الكاميرا حينها لأصور لقطات عن مشاركة المركز في تقديم محاضرات في جامعة صلاح الدين في أربيل، والتفت إلى الجهة اليمنى، لكي لا أنسى الورشة العلمية التي افتتحها المركز في مكتبة قطر الوطنية، وهناك منجز آخر هو تقديم دورة في ترميم المخطوطات لهيئة المسائلة والعدالة، المسجل البسيط الذي أحمله لإجراء اللقاءات يتحول داخل رأسي إلى كاميرا أصور بها كل ذكرى تخلد المنجز، واحول تلك الحوارات التي أسمعها إلى لقطات ومشاهد فلمية توثيقية
مثلا أصور مشاركة المركز في مؤتمر المنظمة العربية للتنمية الإدارية لجامعة الدول العربية، سأعرض خبرا أسفل الشاشة، عن زيارة المركز لجامعة القاهرة وتقديم عدة بحوث في تقنية ترميم المخطوطات، يأخذني الزهو لهذا الوقار الأكاديمي، أحتفل بالمنجز داخل روحي قبل العرض، وأذهب إلى الأرشيف الذي يحمل الكثير من دلالات المثابرة، أصور
(الارشيف الابداعي)
إقامة المعرض الأول لمركز ترميم المخطوطات، ومركز تصوير المخطوطات وعرض الوثائق الخاصة بدار الكتب وكذلك بعض المخطوطات والمقتنيات الأثرية التابعة للمركز، يبدو ان عملي سيكون دقيقا ولا داعي للقلق
والعمل التوثيقي على منجز أعلامي بهذا الحجم هو حتما يقلق العاملين في التوثيق وأرشفة المعلومات، أبحث عن معلومات أولية سعيا لإكمال عملي بالصورة الصحيحة
(معلومات أولية)
تأسس المركز عام 2017 م واستطاع أن يهيئ ملاكا فنيا متخصصا، يعيد الحياة لأي مصدر مهما كانت درجة ضرره، وقد زود المركز بمجموعة من الأجهزة والمعدات الحديثة، والمتطورة، ثم المخطوطة بعدة مراحل
عملية الترميم تقوم على أسس أهمها المحافظة على أتربة المخطوط والحرص على استخدام الخامات الطبيعية، سأتحدث لكم عن اقسام المركز، فكرة نافعة تثير الاهتمام أن تعرض مراحل العمل من خلال أقسام المركز وأنا على يقين أنهم فريق عمل متكاتف، ينجز كل فريق عمله ليصب في المنهل العام، ورحت أبحث عن معلومات تفيدني في معرفة أقسام المركز
(اقسام المركز)
المختبر البايولوجي
تشخيص الإصابات وتشخيص الحشرات وتعقيم المخطوط وفحص الجلود وفحص نوع الورق
المختبر الكيمائي
تحديد المتضرر والمنكسر لتدعيمه وفحص حساسية الأحبار وتحضير المواد اللاصقة
قسم الترميم
وحدة ترميم المخطوطات / وحدة ترميم الوثائق والخرائط / وحدة ترميم الكتب المطبوعة والحجرية
التنظيف
عملية إزالة الأتربة العالقة بواسطة ماسحات مصنوعة طبيعيا / الترميم بالورق الطبيعي ـــ الياباني، الترميم باستخدام عجينة الورق الخياطة يخدم اشرطة القطن أو الكتان / يصنع الغلاف من الجلد الطبيعي،
تعلمت من تجربتي في الإعداد والتقديم أن أطلق على بعض المنجزات صفة (الورطة) لأن الكاتب مهما كتب وأبدع واتقن إبداعه سيجد هناك قصوراً وفارقاً بين المنجز وما يقدمه المبدع وبمعنى أن العمل أكبر من القول، أخذوني إلى القاعة الحصينة..
قاعة محصنة بالجدران مبنية بالخرسانة المسلحة ومستشعرات لقياس درجة الحرارة والرطوبة والحرائق، وفيها خزانات ودواليب مصنعة بمادة غير قابلة للصدأ، يشاكسنا الوقت أحيانا فيجعلنا لا نشعر به حين يمضي بنا إلى خاتمة الزمن المحدد، لا يهم ما دمت خرجت بحصيلة جيدة، استخدمت كاميرتي التي لاوجود لها إلا براسي، لأ نقل الندوة العلمية لمركز أحياء التراث العلمي ـــ العربي ــــ جامعة بغداد، وكانت مخصصة عن دور المراكز الدينية في أحياء التراث، التراث العربي ـــ الإسلامي، فكان بحث الأستاذ أحمد مجيد تصوير المخطوطات وفهرستها، الفهرسة هي الأداة التي تكشف العناوين الموجودة وإخراجها ومؤلفاتها، وشرح مفصل في عمل قسم الفهرسة وكيفية الاستفادة من مخرجاتها عبر الموقع الرقمي للتراث ـــ المخطوط، نسيت أن أقول لكم أن في دار المخطوطات مقتنيات نادرة جدا ومنها مصاحف تحمل تاريخ نهاية القرن الأول الهجري مصحف بخط الإمام السجاد عليه السلام يعود لمقتنيات "الشاه فتح علي" تبرع بها للعتبة العباسية المقدسة، والمركز ينال الإعجاب من قبل
المؤسسات والجامعات والجمهور، وهذا مكسب علمي يضاف إلى ما تقدمه العتبة العباسية المقدسة من مشاريع ونشاطات علمية وثقافية وإنسانية.