السبيل الحسيني إني لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برماً

02-11-2020
أفياء الحسيني
ماذا لو التفّ الناس حول قائدهم الحسين ع، لكان هو الأكثر خيراً، ولعاشت الأمة بفضيلة الحضور المبارك، ولكانت الكلمة حرة امتلكت إرادتها بالحسين ع، ولكان حتى الماء يعيش فيها بكرامته، ويستقيم بالأمان, كل شيء اليوم يبدو مختلفاً هنا، كان يقال: هنا خُذل الحسين ع، شخوص، وضلال، وعالم مضطرب.
ماذا لو تهجينا الحروف بتأنٍ, الحسين ع بما امتلك من قوة الارادة وصلابة العزم، رُتبٌ ورثها عن جده رسول الله، قيل: إن المعرفة رغم أنها قلب اليقين، إلا انها نصال سيف كل ما فيها يجرح, هذا الذي وقف صامداً أمام كتل الأهواء, الشخوص التي تفتقر الى ذاكرة تدرك بها أنها تواجه وريث الكرم والعزة والحياة.
الآن، هناك من يعبث بالفوضى، كل ورقة لها احتمال, قلة الناصر جملة تدهش الحاضر، كيف يبقى بلا ناصر؟ وماذا تعني الوحدة؟ هل هي عيب الفرد أم المجتمع؟ وكيف بأمّة تتفرج على هزيمتها، وعلى عيبها، وعلى قتلها؟
هو وحده صار المشهد، عالم امتلك العزة هوية ترفع الحق، وتدحض الباطل، من أي أمة يكونون، هم أمويون حدّ الذبول، بينما هو حمل الجراح بعيداً عن نكوص أمية، رفض كل تلك السلالات والأنساب وسجلات أرّخت لهم نكوصهم الذليل، ليصحو بموته بعيداً عن حياة بلا خصوبة، فها هو يبتسم للجراح التي تركته للرماح التي ترفعه على ملل خارت قواها، لم يحفل بما حشدته تلك الجيوش من ضغينة وحقد لئيم، وقال كلمته الخالدة التي صارت هي المصير:
لا أرى الموت إلا سعادة .. والحياة مع الظالمين إلا برما
إمام تزكّى ليدير الوجه عن كل مدنس باع الضمير، (والبرم)، قالوا: حين تحمله كفّ المعنى، يصير الأمر الممل الذي لا يُطاق، هو الضجر والسأم والملل، حين لا مكان للعيش مع الظالمين, الضفاف لولاها لفاضت الأنهار، والحسين وأهله ع ضفاف كل طوفان عنيد.
دعوني أتهجأ ما يقول، علني أصل بالمعنى الذي كنت أحلم به، وأن تكشف لرؤيا العالم ما يعانيه: «ألا ترون أنّ الحق لا يُعمل به، وانّ الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله ، وإني لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برماً»(1)، فيا جمهور التواريخ المدحورة المعنى، هل عرفنا معنى (برما) أم ما زلنا بحاجة الى يقين؟
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) موسوعة عاشوراء - الشيخ جواد محدثي: ج1/ ص574.