التأييد الاعجازي السماوي من ممهدات السماء لبيعة غدير خم للإمام علي (ع)
29-10-2020
م.م عدنان رمضان
ان حراكية التأييد الاعجازي السماوي للإمام علي ع في تمهيدية اعداده لبيعة غدير خم لم تقف عند مرحلة عالم الذر واسبقية الخلق , وانما استمرت معه منذ ولادته الى مرحلة ما بعد البعثة النبوية الشريفة لمحمد ص وحتى وفاته ص , هذه الاستمرارية التي كان حيزها البارز هو التأييد الاعجازي السماوي للإمام علي ع , وهذا ما اكده الامام الصادق ع حينما قال : ((اعطى الله تعالى أمير المؤمنين حياة طيبة بكرامات وأدلة وبراهين ومعجزاته , وقـوة ايـمـانـه , ويـقـيـن عـلمه وعـمـله , وفـضـله عــلـى جــمـيـع خـلـقه بـعـد النبي ( ص ) ... )) , ومما يؤيد ذلك ايضاً قول الامام العسكري ع : ((ما أظهر الله عز وجل لنبي تقدم آية إلا وقد جعل لمحمد صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام مثلها وأعظم منها...).
وقد تمثل هذا التأييد الاعجازي السماوي بصور عديدة منها :
- مناجاة الله سبحانه وتعالى للإمام علي ع
اختص الامام علي ع بالدرجة الرفيعة و بالمنزلة القريبة من الله ورسوله فاختاره الله عز وجل وانتجاه له حباً وكرامةً , وهذا ما اكدته الرواية المروية عن الامام الصادق ع حيث روي عنه انه قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل الطائف : يا أهل الطائف لأبعثن إليكم رجلا " كنفسي ، يفتح الله به الخير سيفه سوطه فيشرف الناس له ، فلما أصبح دعا عليا " عليه السلام فقال : اذهب إلى الطائف ثم أمر الله النبي صلى الله عليه وآله أن يرحل إليها بعد دخول علي عليه السلام فلما صار إليها كان علي عليه السلام على رأس الجبل , فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أثبت فثبت فسمعنا صوتا " مثل صرير الزجل ، فـقـيـل : يـا رسـول الله مـا هـذا ؟ فـقـال : إن الله عـز وجـل ينـاجـي عـلـيا " عليه السلام )) , وقد اعترض الصحابة على اختصاص الامام علي ع بهذه المناجاة فأجابهم رسول الله ص : ((...ما انا أناجيه بل الله يناجيه)) .
- الامام علي ع يظهر المعاجز كرسول الله ص
عبر القرآن الكريم ان الامام علي ع هو نفس رسول الله ص , فكل ما يظهره رسول الله ص من معاجز لاثبات نبوته ، يستطيع الامام علي اظهارها لاثبات وصايته وخلافته , إذ يروى ان ام اسلم جاءت الى ام سلمة تريد رسول الله J لتساله عن وصيه , حيث قالت : (( ... بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي ، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته ، وكذلك عيسى ، فمن وصيك يا رسول الله ؟ فقال لها : يا أم أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد ، ثم قال لها : يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي ، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الأرض ففركها بأصبعه فجعلها شبه الدقيق ، ثم عجنها ، ثم طبعها بخاتمه ، ثم قال : من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي ، فخرجت من عنده ، فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت : بأبي أنت وأمي أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : نعم يا أم أسلم ثم ضـرب بـيـده إلـى حـصـاة فـفـركـها فـجـعـلـها كهـيـئة الدقـيـق ، ثـم عـجـنها وختمها بخاتمه... )) .
- تسخير الظواهر الطبيعية لأجل الامام علي ع
لم تقف الظواهر الطبيعية حائلاً دون تنفيذ اوامر الله تعالى لإظهار التأييد الاعجازي السماوي لوصي رسول الله ص فقد دلت على ذلك روايات عدة منها :
حادثة رد الشمس للإمام علي ع فقد ردت له ع ثلاث مرات , مرتان في حياة رسول الله ص الاولى في الصهباء في غزوة خيـبـر سـنـة(7هـ / 629 م ) , فقد روي عن أسماء بنت عميس أنها قالت ان (( رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالصهباء ثم أرسل عليا في حاجة فرجع وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي فنام فلم يحركه حتى غابت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم ان عبدك عليا احتبس بنفسه على نبيه فرد عليه الشمس قالت فطلعت عليه الشمس حتى رفعت على الجبال وعلى الأرض وقام علي فتوضأ وصلى العصر ثم غابت وذلك بالصهباء )) .
ومرة ثانية بكراع الغميم , حيث يروى عن الامام الصادق انه قال : ((ان رسول الله (ص) صلى العصر بكراع الغميم فلما سلم نزل عليه الوحي وجاء علي ، وهو على ذلك من الحال فأسنده إلى ظهره فلم يزل بتلك الحال حتى غابت الشمس ، والقرآن ينزل على النبي ( صلى الله عليه وآله) فقال : يا علي صليت ؟ فقال لا قال : فما منعك ؟ - قال : يا رسول الله جئت ، وأنت بالحال التي كنت بها فأسندتك إلى صدري ، وكرهت ان أدعك حتى تفرغ ، فاقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى القبلة وقال : اللهم إن كان علي في طاعتك وطاعة رسولك ، فاردد الشمس فردت عليه الشمس بيضاء نقية ، فقال : قم فقام علي وصلى ، فلما فرغ من صلاته وقعت الشمس وبدت الكواكب )).
ومرة ثالثة بعد رجوعه ع من النهروان سنة (38هـ/659م) , فقد روي عن الامام الحسين ع انه قال : ((لما رجع أبي صلى الله عليه وآله وسلم من قتال النهروان سار في أرض بابل وحضرت صلاة العصر فقال : هذه أرض مخسوفة وقد خسفها الله ثلاثا ولا يحل لوصي نبي أن يصلى فيها ، قال جويرية بن مسهر العبدي : صلى القوم هنا وتبعت بمائة فارس أمير المؤمنين عليه السلام إلى أن قطعنا أرض بـابل والشمس غربت فنزل وقـال لـي : آتيني الماء فأتيته الماء فتوضأ وقال : يا جويرية أذن للعصر , فقلت في نفسي : كيف نصلي العصر وقد غربت الشمس ؟ ! فأذنت . وقال لي : أقم فأقمت , وإذا أنا في الإقامة تحركت شفتاه ، وإذا رجعت الشمس ، وصلينا وراءه ، فلما فرغنا من الصلاة غابت بسرعة كأنها سراج وقعت في طشت ماء ، واشـتـبـكـت النـجـوم , والـتـفـت إلـي وقال لي : أذن للمغرب يا ضعيف اليقين ) .
اعداد : ا.د رباب جبار السوداني و م.م دعاء عدنان رمضان / جامعة البصرة / كلية التربية ببنات / قسم التاريخ