الحــوار الحـسـيـنـي
21-10-2020
حنين علي
ما هو السبيل الأفضل للتأثير على الآخرين؟ وهل استخدام القوة تعد من سبل التأثير الاجتماعي؟ يعرفنا المشروع الحسيني المبارك أبلغ درس من دروس سيرة الامام الحسين ع، ونهجه بالدعوة المباركة هو الحوار، تمخض الحوار عن أهمية توضيح الحقائق، وبيان معالم نهضته، واستعمال الأسلوب الذي يقتضيه السياق، بدءاً من محاورته مع الوليد بن عتبة والي المدينة، ووصيته الى أخيه محمد بن الحنفية، ومخاطبته للعقول: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي».
وتمخض الحوار مع الحر بن يزيد الرياحي عن حل وسط يرضي الطرفين، أن يسلك الامام طريقاً لا يدخله الى الكوفة، ولا يرجعه الى المدينة، ولكن الموقف انقلب بأمر عسكري من ابن زياد، يطلب منه تضييق الحصار، ومع هذا أبقى الحسين ع الحوار مع الحر مفتوحاً، وبدأ الحسين ع بمحاورات مطولة مع أركان قادة الجيش الاموي.
وقد أقر بعض كبار جند ابن سعد باتباع الحسين ع؛ لما يمتلك من حوار، أحدهم يقول: «والله ما سمعت متكلما قط قبله ولا بعده، أبلغ في منطق منه»، لكن الشمر كان يخاف الحوار الذي قدمه الحسين ع؛ خشية ان ينقلب المعسكر، فأمر الشمر بوضع حد للحوار.
وعند المواجهة صبيحة العاشر من محرم، بدأ حواره ع هادئاً راضياً بالمصير: «يا أيها الناس، اسمعوا قولي، ولا تعجلوا، حتى أعظكم...»، ويعود لمحاورتهم بالانتساب الى الرسالة المحمدية، اذ صاغ الامام ع تراكيبه بأسلوب مؤثر: «هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟»، سألهم عما اقدمهم على قتله؟ قالوا: طاعة للأمير، فأجابهم موبخاً: «تبا لكم أيتها الجماعة وترحا».
وبدأ الحوار يأخذ الجانب التوبيخي بعدما عنتوا وما عاد الحوار الوعظي الادراكي بنافع، بدأ يريهم مكانتهم المستقبلية: «أما والله، لا تلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى، عهد عهده الي ابي عن جدي».
وبدأ الخطاب موجعاً ومؤثراً مع قوم لا يفهمون المعنى، عماهم الخوف والجشع: «اني توكلت على الله ربي وربكم»، ولم يبق امامه سوى الاستجابة للقتال واخر الكلمات: «يا شيعة آل أبي سفيان، ان لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم»، هذه آخر كلمات الامام مع القوم قبل استشهاده ع.