الاشهر العربية
22-08-2020
سمانة العابدي
عُقِدَ البارحةُ مجلسٌ للشورى، وكان الأول من نوعه، جلس الحضورُ بشكلٍ متقابل ناشرين آراءهم على المنضدة قرب أقداحٍ من الماء والعصير .
بدأ (محرم) أولاً بعرض مقترحاتهِ، والتي تلخصت بما أدناه:
١- تجسيدُ النهضةِ الحُسَينيةِ أخلاقيًا .
٢- إقامةُ مجالس توضحُ مفاهيمَ الثورة، وكيف للمرءِ أن يكون ثائرًا حَضاريًا .
٣- ...
انتفض (صفر) غضبان مُعترضاً، كأنه لا يريد سماع مُقترحاتٍ أُخرى .
قال (جُمادى الأولى والآخرة) :لله درك يا صفر، فليس الحزن لُبَّ القضية، المأساةُ لابُد أن تجر خلفها ظفراً وانتصاراتٍ.
بعد أن نبكي على الحسين سينتظر منا تطورًا وازدهارًا، وإلا سيبكي هو علينا..!
كان لحنُ قولِهما شجيًا ومؤثرًا حقاً، لقد خُيّلَ لي بأن الزهراء شخصيًا مَن كانت توضحُ المسألة.
غمرت (ربيع الأول) بشاشةُ الأنبياء، فقام ليوزع حلوى فَضّ الخِصام على الجالسين .
بعد أن استتبَتِ السكينةُ في المجلس، قرأ (ربيعُ الثاني) بعضَ الأحاديث النبويةِ -المنسيةِ نوعًا ما- تصدرت عنواناتها كلٌ مِن: التسامح، الكرم، وآداب القول .
عندما انتشرت البلاغةُ في الأرجاء، اغتنم (رجب) الفرصة، وفجر في الوسطِ خُطبةً للإمام علي، اقشعرّت منها أيامُ الأشهر جميعها، ثم أكمل يقول:
حقاً كان عليٌ عَليا، نحتاج أن نستنسخ هذه الشخصية، ونفرطها على العالمِ بأسره، لكن من المستحيلِ أن يتحمل الجميع عَدلهُ ومُساواته، لا فض فُوه الذي قال:
«لو جئت الآن لحاربك الداعون إليك وسموك بأسماء تحزبية جهوية».
أطرقَ (شعبانُ) مليًا في الأرض، مستشعرًا عظمة المذكورين أعلاه، ومن باب المُلاطفة نثر بعض الحلوى على رؤوس الحضور، كان مَرحاً في الجلسةِ، كما كان الحسنان في حجر جدهِما .
لم يلتفت أحدٌ إلى دخول وقت الصلاة سوى (رمضان) الذي كبّر وهَلّل ثم قال:
العبادةُ في كل موضِع، والله في كل زمان.
فرش (شوال) السجاد للجميع، ورحبَّ بمن أسبغَ وضوءهُ، ثم وقف في الزاويةِ كأرجوحةِ عيدٍ خاوية .
انتبه (ذو القعدة) لابتعاده فذهب إليه ودعاهُ ليتشاركا معاً نفس السجادة، كأنه يعرف الغربة حق المعرفة..!، كيف لا فهو شهر غريبِ طوس .
تمت الصلاةُ والجلسة وغادر المدعوون .
بقي واحدٌ فقط، جالسٌ في إحدى الزوايا يُتمتِم بمفرده .
لمَ ما تزالُ هنا يا ذا الحجة؟
قال:
الدعاء بعد الفرائضِ مَسموعٌ مُستجاب، وها أنا أدعو لأخواني الأشهر، أنا أحجّ نيابةً عنهم -إن صحّ التعبير- وأذكرُ أسماءهم، هم وأمانيهم عند الحجر الأسود، عسى أن يعودَ أبيضَ يومًا ما .