"إنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ "
22-08-2020
حنان الزيرجاوي
لقد استغل بنو أمية سلطتهم في الشام، لتأسيس قواعد اعلام مضلل مسموم منحرف من أجل الوصول لمآربهم، وقد أعانهم على ذلك جهل الناس آنذاك، وعدم معرفتهم بإمام زمانهم وبعدهم الجغرافي عن المدينة المنورة ومكة.
وليس غريباً على بني أمية ذلك، فمنذ بداية توليهم للسلطة حاولوا بكل الطرق السيطرة على عقول الناس، وبث السموم الفكرية، وبث الجهل في كل جوانب المجتمع، أليسوا هم من قالوا بدهشة حين بلغهم خبر استشهاد امير المؤمنين ع: «وهل كان علي يصلي؟».
إلى أن وصلت خستهم ونذالتهم مراحل متقدمة، جعلت يزيد (أخزاه الله) يأمر بقتل الإمام الحسين وأهل بيته ع، وسبي بنات رسول الله وسوقهن من كربلاء إلى الشام، حيث أقنعوا أهلها بأن المقتول هو رجل خارجي، كان يريد بث الفتنة والفرقة في المجتمع، وأن هذا السبي كسبي الخوارج أو الترك والروم.
أعدت السلطة الأموية العدة للتضليل الإعلامي باتخاذها إجراءات تصب في مصلحة مشروعها الخبيث، فعملت على جمهرة أهل الشام لاستقبال هذا الركب مع الإيحاء المستمر بأن هؤلاء من الخوارج، وتم توظيف فقهاء السوء لتحريف ووضع نصوص باستحباب صوم يوم عاشوراء، وأنه يوم مبارك له في السُنة، وله ما له من الفضل.
حتى أن الكثيرين منهم صدموا بمضامين الخطبة التي ألقاها الإمام السجاد ع على أعواد ارتقاها مبيناً فيها حسبه ونسبه وصلته برسول الله J ففضح زيف وكذب بني أمية أمام مجتمع لم يكن لديه العلم والدراية بذلك، والدليل على ذلك ما جرى بين الإمام زين العابدين ع من حديث مع الشيخ الشامي بعد أن أقيم السبي على درج باب المسجد، إذا بشيخ قد أقبل حتّى دنا منهم، وقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وأراح الرجال من سطوتكم، وأمكن أمير المؤمنين منكم..!
قال له الإمام زين العابدين ع: يا شيخ، هل قرأت القرآن؟.
فقال: نعم، قرأته.
قال ع: فهل عرفت هذه «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى»؟.
قال الشيخ: قرأت ذلك.
فقال ع: فنحن القربى يا شيخ..! فهل قرأت في بني إسرائيل: «وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ...»؟.
فقال الشيخ: قد قرأت ذلك.
قال ع: نحن القربى يا شيخ..! ولكن هل قرأت هذه: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى...»؟ فنحن ذو القربى يا شيخ، ولكن هل قرأت هذه: «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»؟.
فقال الشيخ: "قد قرأت ذلك".
فقال ع: فنحن أهل البيت الذين خُصِصنا بآية الطهارة.
فبكى الشيخ ورمى عمامته، ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: «اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد صلى الله عليه وآله، من الجن والانس، ثم قال: هل لي من توبة؟.
فقال ع: نعم، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا.
فقال: أنا تائب.
فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ فأمر بقتله.
ومن الأدلة على ضخامة الاعلام المضل من قبل بني امية بتجهيل الناس ما حدث في مجلس يزيد (لعنه الله) قام اليه رجل من أهل الشام أحمر، فقال: يا امير المؤمنين هب لي هذه الجارية (يعني فاطمة بنت الإمام الحسين ع)، فارتعدت وظننت انّ ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب عمّتها التي كانت تعلم أنّ ذلك لا يكون، فقالت السيدة زينب ع للشامي: كذبت والله ولؤمت، والله ما ذلك لك ولا له، فغضب يزيد وقال: كذبت والله إنّ ذلك لي، ولو شئت أن أفعل لفعلت، قالت: كلاّ والله ما جعل الله لك ذلك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغيرها. فاستطار يزيد غضباً وقال: ايّاي تستقبلين بهذا؟ انّما خرج من الدين أبوك وأخوك، قالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وأبوك وجدّك إن كنت مسلماً، قال: كذبت يا عدوة الله، قالت: أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك، فكأنّه استحيا وسكت.
وعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية، فقال له يزيد: اعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً، فقال الشامي: من هذه الجارية؟ فقال يزيد: هذه فاطمة بنت الحسين وتلك زينب بنت عليّ بن أبي طالب، فقال الشامي: الحسين بن فاطمة وعليّ بن أبي طالب؟ قال: نعم، قال الشاميّ: لعنك الله يا يزيد تقتل عترة نبيك وتسبي ذريته، والله ما توهّمت الّا انهم سبي الروم، فقال يزيد: والله لألحقنك بهم ثم أمر به فضربت عنقه.