ماذا لو؟
22-08-2020
سمانة العابدي
ماذا لو لم تُنقل لنا مُجريات كربلاء؟
سؤالٌ يهتزُ مِنه عرشُ أفكاري دوماً، حقاً إن لم يتزين محرمٌ بعاشوراء لظلّ حالكاً أبد الدهر.
ماذا لو لم تُحسَب جراحُ الحسين ع من ساعة مغادرته -المدينة المنورة- وحتى أواخر مراحل السبي؟
بِمن سيُشبّهُ أرباب العزاءِ المصائب الأخرى؟!
حتماً ستفقدُ كلمةُ (المأساةِ) وظيفتها الحقيقة، ستركض خلف النوائب الخفيفة والهينة .
حتى السواد سيُخلعُ من هالة الجاذبية التي هو فيها الآن، سيمسي صبغةً باهتةً كباقي الألوان .
ماذا لو مُحيَ الأكبر والقاسمُ من ساحة المعركة؟
من سيكون جديراً بإبكاءِ الثكالى والأرامل إذن؟!
هل يمكنُ حذفُ مشهد الرضيع من شاشة الطف الخالدة؟ لن تبدو الرُضعُ حينها بهذه البراءةِ والمظلومية !
ماذا لو لم تَرِث زينبُ ع تلك البلاغة والصلابة؟
أسيظلُ صوتُ المراءةِ عورةً في أذهان المجتمعِ المتحفظ؟!
ماذا لو لم يرفع السجادُ رايةِ الحق في قعرِ الظلم ذاك؟
هل ستظلُ الحناجرُ بكماء الى يوم القيامة؟
ماذا لو شَحّ الرواةُ المنصفون في تلك الحِقبة؟
هل سیبدو یزيد حاكماً مغموراً بالعدل، مُفشياً الإصلاح في أرجاءِ مملكته؟!
لو كُتِبَ التأريخ كل التاريخِ بأقلامٍ مظلمةٍ وحبرٍ مأجور، لكانَ الحسينُ ع في عُقولِ العوامِ مجرد ثائرٍ ألقى بعيالهِ وصحبهِ في بركانِ الهلكة (معاذ الله).
لا يمكنني الاستمرارُ لو لثانيةٍ أخرى في مستنقعِ الأسئلة الضحلِ هذا .
فأنا أوقّعُ بدمي على أن أحداً من أولاد الرسول الخاتم ص سيثور وسيذهبُ قرباناً لدين جده .
هذا ما أوصلتني إليه قراءةٌ عميقةٌ لباطن الأحداث النبوية .
من الظلم حقاً تصور كربلاء على شاكلةِ الأحداث المأساوية الأخرى .
إنها امتدادٌ لسلسلةٍ عريقةٍ من التضحيات، بدأها قابيل ولم تنتهِ الى يومنا هذا .
ما دام الظلمُ حياً فعلى الثوار أن يستفيقوا.
ولابد لليلِ أن ينجلي ولابد للحق أن ينتصر .