ثَمَرَات حُسَيْنِيَّة
22-08-2020
حوراء رضا
إنْ أَمْعَنَا النَّظَرِ فِي الشَّخْصِ الذِي يُحْمَلُ فِي أَعْمَاقِه عَقَائِد التَّوْحِيد الْإِلَهِيّ، وَحَمَل الْقَيِّم وَالْمَفَاهِيم الْإِسْلَامِيَّة الْحَقَه لِيَحْمِلَهَا بِدَوْرِه لِلْآخَرِين، هَذَا مَا يسمی بِالرِّسَالَة الرَّبَّانِيَّة فَهُو شَخْصِيَّةٌ نَادِرَةٌ، ومختارة مِنْ قِبَلِ رَبِّ السَّمَاءِ لِلدِّفَاعِ عَنِ رِسَالَةِ السَّمَاء وَنَشَرَهَا عَبر الأُمَم.
فالشخصية القيادية هِيَ التِي تَحْمِلُ الأُمُور الإِسلَامِيَّة بِمُخْتَلِف مجالاتها ساعية لتبليغ هَذِه القَيِّم وَالمَبَادِئ، متحدية بدورها كُلّ طَاغٍ وَظَالِم ابْتَعَدَ عَنْ دينِه لِأَغرَاض دُنْيَوِيَّة، وَهَذَا مَا خَطِّه الْإِمَام الْحُسَيْن ع، أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ ونهى عَنْ الْمُنْكَرِ وَحَارَب كُلَّ أَنْواعِ الظُّلْم وَالْجَوْر بِدَمِه وَعِيَالِه، حَيْثُ زرعَ ع فِي قَلْبِ كُلِّ فَرْدٍ أَن:
- يَتَحَمَّل المسؤولية:
وَكَانَت جُذُورها فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ اعْتِبَارًا مِن حَبِيب بْنِ مَظَاهِر الْأَسَدِيّ ذَاك الشَّيْخ الكبير الذِي اِحْدَوْدَب ظَهْره؛ بِسَبَب شيخوخته، وَانْتِهَاء بطفله الرَّضِيع الذِي قَدَّمَهُ قُرْبَانًا لِدِينِ اللَّهِ وَهَذِهِ الفِكْرَة يَجِب التركيز عَلَيْهَا عَبر الْمَنَابِر.
إنْ نَظَرْنَا حَوْلَنَا نَرَى الْأُمَّة تَعِيش حَالَة مِنْ الْفَسَادِ وَالتَّشَتُّت وَالِاخْتِلَاف، وَمَا كُلُّ ذَلِكَ إلَّا لتجرد الإِحسَاس مِن المسؤولية التِي لاَبُدَّ أَنْ يَتَحَمَّلَهَا الْفَرْد، فَالْعَالِم بِعِلْمِه وَالْخَطِيب بِلِسَانِه وَالْكتّاب بِأَقْلَامهم، وَكلّ حَسَبَ طَاقَتِهِ وامكانيته.
أَمَّا الثَّمَرَة الثَّانِيَة المستوحاة مِنْ خَط سَيِّد الشُّهَدَاءِ ع:
- طَرِيقِ الْحَقِّ:
فَالطَّرِيقُ الذِي اخْتَارَهُ أَبَو الأَحرَار ع طَرِيق وَاضِح وَمُحَدَّد، فَلَوْ أَنَّهُ ع قُتِل وهو متعلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، لِمَا كَبرَتْ تِلْك الثَّوْرَة الْعَظِيمَة، وَلَكِنَّه أَعْلَن براءته مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَسَار نَحْو كَرْبَلاء طَرِيق النَّصْر وَالْآبَاء وَالْجِهَاد، نَعَم اسْتُشْهِد ع فِي أَرْضِ الْعِرَاقِ فِي كَرْبَلاء، حَيْث ارْتَوَت أَرْضهَا بِدِمَائِه الطاهِرَة، وبتلك التضحيات خَطّ ع طَرِيق الْجِهَادِ الْإِسْلَامِيّ، فَكَان نَصْرًا حسينياً دَائِم الْبَقَاء عَبْرَ التَّارِيخِ والعصور.
فَمَن الْمُفْتَرَضَ عَلَى السَّالِكِينَ فِي نَهْجِ الْإِمَام الْحُسَيْن ع الْبَحْثِ عَن الاستراتيجية الصَّحِيحَةِ مِنْ خِلَالِ تَحْمِل المسؤولية، وَاتِّبَاع مَادَّة الْحَقّ الرَّبَّانِيَّة، وَبِذَلِك تنتصر الْأُمَّة نَصْرًا لَيْسَ بَعْدَهُ نَصْر، وتتغلب عَلَى كُلِّ أَنْواعِ مَا تُوَاجِهُه مِن صِعَاب.
عَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى جَاهِدَيْن لِتَطْهِير أَنْفُسِنَا، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذَا الشَّهْرِ شَهْر أَحْزَان آل رَسُول اللَّهِ J مِنَ الأفْكارِ الْخَاطِئَة، وَالْأَحْقَاد والضغائن، وَأن نُوَحِّد أَنْفُسَنَا تَحْتَ رَايَةِ الإِسْلامِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ الْحُسَيْن ع هُو سَفِينَة النَّجَاة، فلنركب هَذِه السَّفِينَة لننجي أَنْفُسنَا مِنْ فُتِن الزَّمَان، وَهُو مِصْبَاحِ الْهُدَى، فلنهتدي بِنُورِهِ مِنْ ظُلُمَاتِ الْحَيَاة، وملذات الدُّنْيَا الدَّنِيَّة، وَهُو شَفِيعٌ الْأُمَّة، فلنطلب الشَّفَاعَة مِن اللَّهِ بِبَرَكَتِه ع لِيَكُون وسيلتنا إلَى الْمَوْلَى (جَلَّ وَعَلَا) لِيَغْفِر ذُنُوبَنَا، وَيُكَفِّرَ عَنْ سيئاتنا.
وَنَسْأَلُ اللَّهَ تعالى أَنْ يُوَفِّقَنَا؛ لِنَكُون حسينيين بِكُلِّ مَا تعنيه هَذِهِ الْكَلِمَة مِنْ مَعَانٍ سَامِيَة، وَبِحَقّ تِلْك المظلومية التِي تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ عَامٍ، وتروي أراوحنا الْعَطْشَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ فِي فَرْجِ مَوْلَانَا بَقِيَّة اللَّه فِي أَرْضِهِ عج، وَنَكُون مِن أَنْصَاره وَأَعْوَانِه بِإِذْنِ اللَّهِ.