(روَت لــــي جـدّتـي)
19-08-2020
نعمت ابو زيد
(رَوَت لي جدّتني)، كثيراً ما كنا نردد هذه العبارة، لنستشهد بها على حكاياتنا وأحاديثنا ونسرد المغامرات والمواقف التي تعلّمناها، كم كنا نستمتع بها قبل النوم؛ لنعيش مغامرةً جميلةً في أحلامنا، وكم بقي منها عالقاً في أذهاننا لننقلها الى أطفالنا وبعدهم الى أحفادنا.
فمما لا شكّ فيه، أنّ مرحلة الطفولة هي الركن الأساسي في بناء الإنسان ومجتمعه كلّه، لذلك فالاهتمام بنموها نموًا سليمًا، مع مواصلة العمل على حفظ هذا النمو ومتابعته بالرعاية والعناية، يكون مؤشرًا من المؤشرات الحضارية للأمة التي تسعى لإيجاد مواطن صالح قادر على العطاء، وتحمّل أعباء الحياة، ويُسهم في بناء مجتمع قوي.
والاهتمام في هذه المرحلة من حياة الإنسان (الطفولة) يأخذ جوانب متعددّة، لكنها تسير على خط واحد، وقد تلتقي جميعها في هدف واحد، هذه الجوانب هي الأمور الثقافية والاجتماعية والصحية والتربوية والترفيهية. والخط المشترك الذي تسير عليه، هو خط بناء الإنسان المتوازن في هذه الجوانب جميعها، والاهتمام بها على حدّ سواء، دون ترك أحدها يأخذ حق الآخر. وأما الهدف الواحد الذي تلتقي فيه هذه الجوانب الهامة من حياة الإنسان تكون في مرحلة طفولته.
وأدب الأطفال يشغل حيزًا لا بأس به من هذه الجوانب؛ لأنه أصبح حقيقة تربوية، واحتلّ مكانة في البيت والمدرسة وفي المؤسسات الاجتماعية التي تهتم بالطفولة، وهو جنسٌ أدبي متدرّج يوجّه الى مرحلة من مراحل الطفولة وفقاً لما انتهى اليه علم النفس من الخصائص النفسية والجسمية والمعرفية لذلك الطفل، وهو يقدّم الأفكار المناسبة لمرحلة الطفولة مستخدماً اللغة التي تتفق ونموه العقلي والنفسي والاجتماعي، ويتضمّن كل ما كُتب وصُوّر وقُرئ ليقرأه ويراه ويسمعه من رواية الى قصة ومسرح وأشعار وغيرها.
أما أهدافه، فتندرج تحت أربع نقاط يجب أن تكون نُصب أعيننا لنحصل على الفائدة المرجوة منه:
1- أهداف عقائدية: إنّ كُل أمَّة كتبت أدبها مستمدةً ذلك من عقيدتها، فتجد آثار تلك العقائد ظاهرة في آدابهم جليَّة، وبما أن ديننا هو الإسلام وجب علينا أن يكون هذا الأدب معبراً عن تلك الحقيقة وعن الوحدانية وناقلاً لسيرة الأئمة الأطهار، فنجعل عقيدتنا تصل إلى الأطفال عن طريق الربط بينها وبين جميع حواسهم وملاحظاتهم ومداركهم.
2- أهداف تعليمية: لا بدّ للأدب أن يضيف معارف إضافية مستفيداً من غريزة حب الاستطلاع والمعرفة التي تنشأ مع الطفل وتنمو معه، من خلال تمرير ما هو ضروري ومهم منها.
3- أهداف تربوية: إن التربية التي يتلقاها الطفل عن طريق الأدب ليست بأقل مما يتلقاها في مدرسته أو على يد والديه أو عن طريق مجتمعه؛ لأن الطفل عندما تكون هذه التربية بالأدب أياً كان نوعه يقرؤها أو يسمعها أو يراها، فإنها ترسخ في ذهنه.
4- أهداف ترفيهية: الطفل بطبيعته يحب التسلية والترفيه ويملّ من الجد، فعندما نقدم له العقيدة والتعليم والتربية عن طريق الترفيه، فلا بد أنه سيُقبل عليها وتنغرس في ذهنه أكثر.
مع كلّ هذه الأهمية التي لمسناها، فلنملأ عالم الطفولة قصصاً ومسرحاً وصوراً ومرحاً ومواقف.