مكة قرية.. ويثرب مدينة

19-08-2020
قصي عقيل
المدينة في التعريف الاسلامي تعني الحصن، ولها اختلافات مع القرية، حيث تمتاز المدينة بالحضارة وكثرة السكان وتنوع الناس فيها وحتى الأديان، بعكس القرية التي تكون أغلبها من نوع واحد من الناس من ناحية الدين والحضارة وحتى النسب.
وهذا التعريف يمثل خلاصة مفهوم القرية والمدينة، والقرآن الكريم يصف المدن الكبيرة بالقرية مع أنها يوجد لديها تعداد سكاني كبير وتقدم حضاري كبير: كالحضارة البابلية والجنائن المعلقة والفراعنة والأهرامات وأهل مدين والحضارة المتقدمة التي بنيت في تلك المدن وغيرها من تلك المدن الكبيرة، ولكن نلاحظ أنه تم وصفها بالقرية: «وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا»؛ لأنها حضارات بُنيت على استعباد الناس، وبنيت على حساب ظلم الناس واذلالهم، وليكون أصحاب المال والنفوذ هم أول الظالمين، ويدمروا قراهم أو مدنهم كأمثال: هامان وقارون والنمرود: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا».
فجاء الوصف الالهي للتجمعات السكانية مميزاً بين العدل والظلم، وسمّى القرآن الكريم مكة بـ(القرية)، ويثرب (بالمدينة)، وهي لا تساوي ربع مكة من حيث المساحة وعدد السكان، رغم أن مكة كبيرة وحاضرة، وفيها التنوع العرقي والديني، لكن فيها الظلم من قبل مشركي قريش وكفارها وسيطرتهم على العصب الاقتصادي لمكة ومن قبل حفنة ظالمة جهولة من أمثال: أبي سفيان، وأبي جهل، وأبي لهب، والمغيرة وغيرهم.
ولهذا كان فيها العدل والمساواة غائباً بالمرة، ولم يكن هناك مجتمع إنساني تسود فيه قيم العدالة والمساواة والرحمة، ولذلك أمر ربّ السماوات والأرض بأن يخرج منها نبيه الكريم محمد(ص) هو وأهله والمسلمين؛ لأنها قرية ظالم أهلها، وتلقى فيها نبي الرحمة والمؤمنين من صنوف العذاب والظلم والقهر ما يفوق الوصف والعقل، وليدخل قرية يثرب وهي تمثل ربع سكان المدن الكبيرة مثل: بابل وحضارة الفراعنة ومدين وحتى مكة ولتصبح المدينة المنورة التي سماها الله سبحانه مدينة.