الـعـيـد فـرحــة الـصــائـم

29-05-2020
هناء الخفاجي
كتب الله سبحانه وتعالى الصيام على المسلمين في شهر رمضان: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»(1)، فقد جعل فيه تزكية للبدن، حيث يهزم الصائم شهواته الدنيوية, فيخلص روحه من كل ما علق بها طيلة أيام السنة، ويسمو بها الى الملكوت الأعلى, فيكافئه ربه بالعيد نتيجة لاجتهاده في العبادة، ويغدق عليه بالعطايا من مغفرة، ورحمة، وعتق من النار.
ويوم العيد كما سماه رسول الله J بـ(يوم الجوائز)، حيث روي انه قال: «إذا كان أول يوم من شوال، نادى مناد: أيها المؤمنون اغدوا الى جوائزكم»(2).
ويعتبر عيد الفطر من أهم الأعياد عند المسلمين, وللصائم فيه فرحة خاصة كما روي عن الإمام الصادق A: «للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه»، وذلك بما قدمه في الاختبار الرباني من صبر وقوة تحمل وكبح الشهوات؛ ليثبت إخلاصه للخالق، ومدى حبه وتمسكه بدينه.
وللعيد في بلدي طقوس مميزة، ففي صبيحة الأول من شوال يستحب الغسل، ولبس أجمل الثياب والتطيب, وإخراج زكاة الفطرة، وتقديم الإفطار على الصلاة, ثم يذهب الناس لأداء صلاة العيد في المساجد يكبرون الله تعالى ويهللون ويشكرونه على نعمة إتمام الصيام, وترتفع أصواتهم بالابتهال الى الله سبحانه، كذلك يستحب زيارة الأئمة المعصومين D.
بينما تولي الأسرة اهتماماً كبيراً بيوم العيد؛ لما له من أهداف سامية تتجلى, بالتسامح ونبذ الخلافات وتقوية أواصر المحبة بين أفرادها, ومد يد العون للفقراء والاهتمام بالأيتام لإدخال الفرحة والسرور الى قلوبهم، فهو يوم تواصل وتراحم بين الأهل والأقرباء والجيران، فتجتهد العائلات بتقديم الحلوى والمعجنات والطعام للضيوف، ويرتدي الصغار أجمل الملابس الزاهية, وجيوبهم مملوءة بـ(العيدية)، وضحكاتهم تتناثر بين الورود في الحدائق والمتنزهات.
واللافت تزامن قدوم هذا العيد مع وباء كورونا، مما اثر على إقامة تلك المراسيم، لكن الشعب العراقي معروف بالكرم والسخاء والتعاون، ومازال مستمراً بدعم الفقراء بما يحتاجونه من مواد غذائية, ولم تتوان المؤسسات الخيرية وأصحاب الأيادي البيضاء, عن مساعدة المحتاجين والمتعففين طيلة فترة حظر التجوال، وخلال شهر رمضان المبارك الذي تعالت فيه أصوات الصائمين بالتضرع، والعيون ترنو دامعة الى الله آملين أن تشرق شمس العيد مكللة بعودة الحياة بأبهى وأجمل صورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة البقرة: الآية: 183.
2- من لا يحضره الفقيه: 1/511.