الـمـــــرأة بذرة إصلاح المجتمع الإنساني
29-05-2020
فاطمة الركابي
قال تعالى: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ»(1)، حددت هذه الآية الكريمة الهدف الأسمى لكل إنسان، وهو أن يصل الى مقام (العبد الصالح المستحق لوراثة الأرض).
والمرأة تشكل جزءاً مهماً في صناعة المجتمع الإنساني الصالح، أما كيف تبلغ هذا المقام، فلعل الإجابة بشكل مختصر تبيّنه الآية نفسها، إذ قالت الوراثة (للصالحين) وليس(للمصلحين)، ففي ذلك تنبيه وتأكيد لجانب الاشتغال على إصلاح النفس أولاً وقبل أي شيء، إذ أن من يوجد في نفسه الصلاح يكون مصلحاً، يصبح كالنور يسعى اليه من يحتاجه ليقتبس منه ما يجلي به ظلمته.
ومن هذا المنطلق، يمكن أن نعرف أهمية دور المرأة الصالحة من خلال معرفة أدوارها وحجم تأثيرها والتي منها:
- دورها الإصلاحي كإنسانة، قال تعالى: «فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا»(2)، فهي إن تعاملت بإنسانيتها مع الآخرين، فهي تحفظ صلاح قلوبهم وتجنبهم الإفساد والفساد.
- دورها الإصلاحي كأم:
المرأة كأمّ إذا كانت تحمل القيم الأخلاقية النبيلة ستنقلها لأبنائها وتربيهم وفقها، فتنتج أفراداً يحملون من الإنسانية ما يجعل استعمارهم في الأرض يتجه نحو الإصلاح، فيكونون اهل إحسان وإتقان في كل ميدان يدخلونه.
- دورها الإصلاحي الاجتماعي كزوجة:
إن المرأة الزوجة التي تحمل من التقوى الكثير ستكون عوناً لزوجها ليكون باراً بوالديه وأقربائه، فتفعل مسألة صلة الارحام، وإشاعة روح التعاون وبذل المعروف، وهذا جانب إصلاحي جداً مهم، كما قال تعالى: «فَمَنْ اِتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»(3).
فقطع صلة الرحم الذي ينشأ من خلافاتها مع أهل الزوج، يُحدث إفساداً كبيراً في العلاقات الاجتماعية، وقد تتطور الى مقاطعات، وخطورة ذلك في أن تورث الى الأبناء ثم الى الأحفاد، والمحصلة علاقات غير قائمة على المودة والأمن والبهجة، وهذا خلاف ما يراد أن تبنى عليه المجتمعات المؤمنة الصالحة.
- دورها الإصلاحي
الاقتصادي:
إن المرأة التي لا تصلح نفسها وتربيها على القناعة والزهد، تكون ممن لا تنظر لما في يديها، بل ممن تمد عينيها لما متع به غيرها، عندئذ كم ستضيق على ولي أمرها؟ إذ تُعد مسألة إشعاره أنه غير قادر كرجل على تلبية احتياجاتها تشكل نقطة ضعف نفسية حساسة جداً عنده، خاصة إذا كان غير ميسور الحال، ليس بالمستوى العالي من التقوى والقوة، مما يضطره لسلوك طرق غير سليمة: كالرشوة والسرقة لكسب المال، وهذا باب للإفساد لحياته ولمجتمعه تفتحه المرأة غير الصالحة.
كذلك إذا كانت تعمل في ميدان اجتماعي أو مؤسساتي ما؛ فصلاحها كذلك موجب لتقليص فجوة الفساد الاقتصادي.
لذا، فإن المرأة الواعية والمسؤولة تدرك أن لها في كل ميدان بذرة صلاح عليها أن تغرسها جيداً، أولها نفسها وثانيها مجتمعها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (الأنبياء: 105).
(2) (الأحزاب: 32).
(3) (الاعراف:٣٥)