قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (فضاءات العطش) للكاتب: نوفل الفضل
21-05-2020
اللجنة الادبية
يعد التشخيص من أهم بنى النص المسرحي، فهو لا يعمل على اظهار الأمور بالمظهر المألوف، ويعني شعرية التخييل في النص، والشخوص غير التشخيص ولو بحثنا أولاً عن شخصيات مسرحية (فضاءات العطش) للكاتب المسرحي: نوفل الفضل، والتي هي من نصوص مسابقة المسرح الحسيني الذي أقيم في العتبة العباسية المقدسة، الشاب/ الصوت/ قطرات الماء، وشاحات الماء اسود، ازرق، أحمر، أبيض/ رجل الدمع/ رجل الحبر، والتشخيص هو القناع الذي يظهر الأشياء كشخصيات حقيقية، رغم تغريبية الكاتب وشعريته العالية إلا أن مدلولاته ترتبط بالحدث والتشخيص عندما يأخذ البعد الأنسني والبعد الأدبي ليحتوي الواعي النصي الخارجي، أي احداث التأريخ:
(الشاب: منذ أول الماء، احمل الظمأ فضاءات عطش لا يموت
: عند العطش يصير القلب رملاً... كرمل هذا الرحيل
الصوت:ـ الماء هديل الصحراء: سال دم النهر على هذه الأرض).
ارتكز النص على تكثيف دلالي، من خلال هذه الأنسنة التي سنميزها شواهد لتعرف طريقة تشخيصها (داخل ـ خارج) النص، الكاتب هنا حمل الماء أفكاره ورؤاه، وكشفت حواراته عن أحداث التاريخ الحقيقية بطريقة أدبية حمل في رأسه الأسئلة التاريخية، وراح يلقيها بلغة تعبيرية لتجيب عنها الشخصيات النصية، والتي هي عبارة عن قطرات ماء:
(الوشاح باللون الأسود: نحن العديد من سكان ماء الفرات وبعض مكونات أخرى من دمع وحبر).
تعمق الكاتب بشخصيات الماء بجميع الألوان ليلقي من خلالها الأفكار والرؤى التي يريد توصيلها الى متلقيه، يستطيع أن يكشف عن الكثير من أسرار الشخصية الموظفة وتوجهاتها الفكرية ومسائلها العقلية ورؤاها للواقع:
(صوت جميع الأوشحة: كلنا فرات.
الوشاح الأسود: قبل أن تجتاحنا الجياد.
الوشاح الأحمر: الفرات ما خان ابدا، هذا هو دمه المسفوك اقرأه فيّ، وانظر الى ما تحتويني من جراح، انا كبد الماء، نزفت دماً منذ عطش الرضيع.
الوشاح الأبيض: انا عطش الرضيع)
يلجأ الكاتب الى أساليب التشخيص من أجل أن لا تتحول المسرحية الى سيرة عاشورائية بل يعطي للمتلقي فرصة مشاركة الحدث المسرحي، ليرسم في ذهنيته انطباعاً، وتكوين رؤية عن الأحداث، أي يكون المعنى أبعد من اللفظ يعبر عما يدور في ذهنه، وأغلب الجمل الشعرية لنوفل الفضل تحضر عبر الحوار، والحوار في التشخيص يعد أهم انواعه لا يتوقف دوره الإعلامي بما عند الشخصية، وانما يتعداه الى تشخيص درامي، وخاصة الحوارات الداخلية التي تعبر بها الشخصيات عن نفسها.
(الوشاح الأبيض: كيف لمقل الماء أن تبصر الورد وهو يسحق تحت سنابك الحقد
الوشاح الأسود: هو الإنسان، إذا خان يحمل الضياع بين ثنايا أوهامه، وليسأل أي وجه يحمله، بل أي قلب ينبض في حومة الغدر والفتك والجشع المهين).
وكان في بعض حواراته يلجأ الى كشف واقع تاريخي حقيقي أي الشخصيات المتحاورة هي من الواقع الطفي:
(مسلم بن عقيل: اسقوني ماء
مسلم بن عمرو: والله لا تذوق منه قطرة أبداً حتى تذوق الحميم.
مسلم بن عقيل: ما أغلظ قلبك، انت يا بن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم). استثمر الكاتب الفضل من إمكانية التشخيص لتصل الى ذروة التشخيص:
(ليتوحد الجميع كي نكوّن نحن ديمومة ثورة الحسين ع.
قص كبير لكاتب ينتظره مستقبل أكبر.