أولى القوانين البشرية
11-05-2020
هاجر عزيز
تعد شريعة حمورابي من أقدم شرائع التاريخ فهي ترجع لسنة ١٧٩٠ قبل الميلاد، وهي أول شريعة شملت جميع القوانين الحياتية تم حفرها على حجر (الديورانت الأسود) بطول 225 سم، وقطر 60 سم، بشكل مسلة كبيرة أسطوانية الشكل، وتعد من أعظم المسلات العالمية، حيث كتبها حمورابي سادس ملوك بابل العظيمة التي تعتبر من أضخم وأعظم مدن العالم آنذاك وأعرقها تاريخاً، وأجملها هيئةً، شملت شريعة حمورابي (٢٨٢) قانوناً في مختلف المجالات، ولكن هذا لا يمنع أن في هذه المسلة بعض القوانين التي بدت غريبة بعض الشيء منها:
أن من يسيء التعامل لوالديه (ضرباً) يعاقب عقوبة شديدة ورادعة، ألا وهي القتل على الفور، قد يبدو هذا القانون مناسباً للبعض، ولكن لا نختلف على أنه مبالغ به بعض الشيء.
وهنا نجد قانوناً لا يقل غرابة عن سابقه، لنفترض أن شخصاً يعمل كبنّاء أنجز منزلاً واستقر به شخص قد يكون مهملاً لدرجة أنّ المنزل قد تهدم فوقه، في هذه الحالة يحاسب البنّاء بالقتل، وإذا توفي ابن ساكني المنزل فيقتل ابن البنّاء.
أما هذه الفقرة، فقد تكون مشابهة للقانون الذي سبقها، فإذا ضُربت امرأة حامل وتوفي جنينها فسيعاقب الشخص الذي ضربها بقتل ابنته لإخماد نار هذه المرأة على جنينها.
أما القانون الأخير، فقد يبدو أن به نوعاً من الإنصاف والعبرة، فلو نطق أحد القضاة بحكم على متهم وقد تبين بعدها أن الحكم غير عادل او فيه خطأ، سيدفع القاضي ضعف الحكم الظالم الذي نطق به (١٢ مرة)، إضافة إلى أنه سوف يتم عزله عن مهنته، لا شك في أن هذا القانون هو تحذير للقضاة وإجبارهم على الحكم بالعدل.
كانت هذه القوانين أحد أهم ركائز سيطرة الحكام على البلاد، ودليل على إيمانهم بالنظام الذي يقنن الحياة الاجتماعية في تلك الحقبة، لكن هذا لا يعني أن هذه القوانين منصفة وعادلة، وأن البعض منها مبالغ فيه كثيراً لدرجة تصل إلى الظلم بدلاً من احلال العدل، ومع كل ذلك تبقى مسلة حمورابي نقطة تحول في تاريخ البشرية، وانعطافة كبيرة للتحول الديموغرافي من المجتمع القبلي إلى الحضارة والمدنية.