(معنى الكتابة عن زينب عليها السلام)

07-05-2020
اسمهان ابراهيم عبد الهادي
لابد أولاً أن نعرف ماذا تعني الكتابة عن زينب ع؟ تعني حمل قيم ومبادئ الحسين ع، فهم ثورة الحسين ع منهجاً وسلوكاً.
الكتابة عن زينب ع تعني البحث عن دلالة وجودها الحي، والتعبير عن كينونتها المقدسة، وصولاً الى الابداع، أي الفهم الجاد لشخصية زينب ع، وهي تعبر عن ارتباطات واسعة مع القيم الرسالية، ورسالة النبي ص وعن الامام علي وفاطمة والحسن والحسين ع، هي موقف يرتبط من كل المواقف التي صدرت عن اهل البيت ع.
بعض الكتّاب يرى أن الكتابة عن زينب ع هي عملية تذكير بالمواقف الزينبية، ونرى أن التذكير غير مجدٍ اذا لم يُقرن بالتفكير الساعي الى بث روح الايمان، أي أن لا نتعامل مع زينب ع على انها ماضٍ ولى وادبر، بل نحن نريد أن نكتب عن زينب كل الأزمنة، زينب اليوم، وزينب الغد، زينب الواقع، وزينب الأمل، وهذا الفكر الزينبي المرتبط بالفكر الإصلاحي المنشود ليس للشيعة فقط، وانما لكل العالم، لجميع الهويات، وليس لانتماءات فرعية مذهبية.
نكتب عن زينب لننفتح بها على الفكر الإنساني العام، وهذه العالمية هي قرينة النهضة الحسينية، لو عدنا الى واقعة الطف المباركة، لوجدنا أن انصار الحسين ع من ملل مختلفة ومن ديانات متنوعة، لذلك كان الفكر الحسيني الذي نهلت منه زينب منهجها فكراً شمولياً لا يختص بطائفة دون غيرها.
نكتب عن زينب ع؛ كونها الوسيلة التي تقربنا الى الله سبحانه تعالى وتنير بصائرنا وتكشف لنا طرق الصلاح والإصلاح وفق مبادئ واسس منهجية، وما مثلته في الطف المبارك؛ كونها مثلت الجانب الإنساني والتربوي والتثقيفي، إضافة لما تمتعت به من روح تضحوية، فكانت عبارة عن فكر إصلاحي داعم ومكمل لمنهجية الثورة، ونهضة الإصلاح ومسيرة بناء الانسان، ما نفع الإصلاح دون فكر وروح، انطلقت هذه الروح من أرضية صلبة، وهي القيم السماوية التي دافعت عنها، واستماتت في الدفاع عنها ضد العابثين.
نكتب عن زينب، عن قيادة ثورة بلا سيوف وحروب، عن صراع فكري قادته وهي مكبلة بالشهداء، وبالدم، والأسر، والجوع، والعطش، والأيتام، حتى كاد يودي بها الأذى الى الموت، حملت التحدي الصارم لجميع الأحقاد والضغائن والجند الذي ملأ كربلاء صخباً، والعروش التي توهمت النصر، ورجال دين بلا دين، مجموعة من تجار الفتاوى.
نكتب عن ثقل المهمة، فثقل الحسين الفكري والإنساني ثقل عظيم لا يحمله إلا من هو بمنزلة هذه الرؤى الحكيمة والفكر الوقاد، هي القائدة التي شاء الله تعالى أن يراها تقود السبايا، وتمنحها الصبر والرعاية لتصلح الأمة، معادلة صعبة لا يمكن أن يصدقها ابن أرض إلا من تدرع بالإيمان وبالتقوى، وآمن بها منهجاً وسيرة، لكونها أنشأت مدرسة الصبر والحكمة بأداء أذهل التواريخ.
الكتابة عن زينب تعني دراسة العزة والكرامة والحرية، ومعرفة كيفية صياغة الفكر بما يخدم الأمة، وأدركنا معنى (شاء الله أن يراها سبية)، بمعنى شاء الله أن يراها ثائرة قائدة مفكرة هي من الحسين، والحسين من النبي ص، والنبي من الحسين ع، صاغت خطابها الفكري ثورة حركت التاريخ لتوليد الطاقة اللازمة للتغيير لإزاحة الواقع السياسي المعادي للإنسانية، القيادة الزينبية قيادة مدركة تدرك معنى امتلاك القرار لتكون هي الفعل وليس ردة الفعل كما يريدونها أن تكون.
نكتب عن زينب ع، عن فكر توقد بالقيادة، حتى تسلم كامل المسؤولية الى قائد حركة العصمة العام الامام السجاد ع، فهي لم ترضخ للقيد أو التحجيم الفكري من أجل أن لا يتيه الرشد، وتصبح الأمة في حالة من حالات الشكوك والوسواس، وتنحرف فكرياً الى العزلة، تلتهي بمتطلبات أمورها المعاشية فقط.
الكتابة عن زينب ع كتابة واعية، تدرك أن الإيمان بدون زينب ع، يعد فاقداً لمقومات الايمان نفسه، لقد استخدمت في إدارة المعركة أسلوباً تربوياً يتواءم مع كل نفسية، من خلال السعي لتعلم الأمم قيمة الحفاظ على كرامتها وعزتها ودحض الشر والانتقام من الظلم ودفعه وكيفية رفع الظلم عن المجتمع.