محاورة مع الدكتور سعدي عبد الكريم: «لا أملكُ خلطة سحرية، أو وصفة جاهزة لتعليم الشعر، فالشعر لحظات تجلٍّ نبيلة، ومخاض لغويّ جليل»

07-05-2020
علي الخباز
- ما قيمة الحدس الشعري في مكونات التجربة الادبية والثقافية؟
إن القيمة الفنية للنصّ الشعريّ تكمن في فاعليته كمنتج أدبي، وثقافي، ومعرفي تخضع لمنظومة التكامل الفني التي تشتمل على جملة من المعايير التي يمكن لها تصنيف ذلك المنتج من وجهة النظر النقدية الى نصّ يحتوي على الفهمية العالية بتلك المعايير، ولعل من أهمها اللغة باعتبارها العنصر المتسيّد على فحوى النصّ لإيصال المعنى المُتوخى الى دائرة التلقي، ويمكن لها أيضاً تحليل المُوغلات المُشفرة، وإحالتها الى ملامسات محاذية، ودلالات قصدية، ونبوغ في امتلاك ناصية التعبير، ومن ثم الحفاظ على فعالية النصّ في الجسد الفني بتوافر الموسيقى الداخلية وكيفية الحفاظ على ذلك التوازن السمتي بين الجمل الشعرية، وعدم الخروج عن دائرة التناغم الحسيّ للنصّ، وامتلاك القدرة في الحفاظ على وحدة الإيقاع، والاعتناء الجوهري بالصورة الشعرية باعتبارها المُفسر عن جمهرة الرؤى الداخلية، والمؤثرات الخارجية التي يقع تحت طائلتها الشاعر، والنصّ ذاته.
وعلى ضوء هذه الركائز الفنية المقتضبة، يمكن لنا القول بأن النصّ الابن الشرعي للإلهام، والعرب قديما كانت تعتمد على هذا العنصر المتدفق بالحيوية الشعرية لاتخاذه محفزاً في تفتق النصّ عن مخيالاته الصورية البالغة العذوبة، والباذخة الجمال، وربما ذهب بعض شعراء الجاهلية الى الاعتقاد بامتلاكهم لجنيات شعر تلهمهم، او ينقلون عن لسانها ما تملي عليهم من قصائد عصماء، ولعل ما ذهب إليه امرؤ القيس دليل على أن الملهم الخارجي هو العنصر الفاعل في انشاء مملكة النصّ الشعريّ بقوله:-
تخبرني الجنُّ اشعارها .. فما شئتُ من اشعارهن اصطفيتُ
ومن خلال هذا الموجز السريع، نعتقد بأن الحدس الشعري لا يشكل انموذجاً ناجعاً وفاعلا في مكنونات التجربة الأدبية والثقافية، إلا بحدود الاستنتاج اللحظي في بثّ النوازع والمكنونات المحاطة بتفردات شكلية تُفرض على النصّ من خلال الملاحظة الخاطفة للواقع المعاش، والانطباع السريع المُقنن.
ولو رجعنا الى المعنى الاصطلاحي لمفردة الحدس نجد بأنها تعني (سرعة الانتقال في الفهم والاستنتاج) وهذا يعني انه -أي الحدس- مرتبك في مديات فاعليته على النصّ الشعري، ولكنه بذات الوقت علينا ان لا نخفي تمظهراته الفاعلة في نقل اللحظة الجامدة الى فعل متحرك داخل محفزات النصّ الشعري، واعتبار الحدس الاول في علاقته مع النصّ هي علاقة ذات مصداقية عالية، كما اشار لذلك الفيلسوف الفرنسي اميل سيوران قائلاً: «ان حدسنا الأول هو الحدس الصحيح».
لذا علينا اعتبار الحدس ملاحظة صادقة تبحث لها عن مأوى في النصّ لتفجر طاقة الشاعر لتحقيق ملامح الصدق، والعفوية، والتلقائية وبيان قوته الملاحظاتية، وعلينا ايضا ان نضع بيضة الميزان بين المعايير الفنية لكتابة النصّ، وبين ما هو حدسي، لنخلص الى نتائج فضلى في صياغة نص شعري معافى من تسلط اللحظة الانفعالية، وسرعة الانتقال للفهم والاستنتاج، او الاحتكام الكُلي بما يفيد الاحتكام بالمعايير الفنية؛ لكي لا نخسر احد طرفي المعادلة في تفجير ادهاش اللحظة وتسجليها، ولكن بشروطها الفنية التي تضمن لنا فاعلية النصّ في الفاعل الحيّ لمنظومة التلقي التي هي المشغل الاساس لمهمة الإنصات.
أ- التحرر من تقليدية الشكل؟
في ظلِّ هذه الاشكالية المستديمة، التي تطلُّ علينا برأسها بين الفينة والأُخرى، يبقى شكل القصيدة العربية القديمة والحديثة محافظا على مضمونة الطرازي، والأسلوبي، بمعنى أن لغة النصّ لا يمكن أن تتغير إلا وفق سياقات زمنية في الشكل، ولكنها ظلت محافظة على فحواها الداخلية التي استمدت قوتها من الفهوم (السيميائية) في اللغة العربية، لذا ظلّت متحكمة في نوازعها التقليدية اللغوية بالرغم من الحداثة التي اضفيت عليها لاحقاً، ففي زمن القصيدة العمودية القديمة التي تسيّدت عليها نمطية الشكل الواحد مع فروقات البحور، لكنها ابدعت في استثمار اللغة، والصورة، والموسيقى، والإيقاع، واستثمار الالهام الشعري بأبهى صوره الأخاذة.
واليوم ورغم ابتعاد القصيدة الحديثة عن جذورها القديمة، ونزع جلدها، لتلبس جلد الحداثة، لكنها ظلّت محافظة على لغتها، لكنها لعبت بشكل حرّ على ايقاظ المفردة من سباتها لتحيلها الى منفعة حداثوية تلائم المتغيرات العصرية في نمط التلقي والاستيعاب، ولعل الهاجس الذي راود المحدثين بالابتعاد عن الاسلوب الشعري التقليدي هي ذات الحاجة التي غيّرت شكل اللغة المتداولة اليومية، وذات الحاجة في تغيير السَّمت الخارجي، وفي ايجاد أشكال جديدة تقترن بمتغيراته العصر السريعة، وتحولاته المفاجئة.
إن الحاجة الى ايجاد منفعة في التحرَّر من تقليدية الشكل، والانتقال الى اشكال اخرى تنسجم مع روح العصر الذي تآكلته التكنولوجيا، وأنهكته الحروب، وبزوغ مدارس جديدة في استيعاب الذات البشرية وتقلباتها اللحظية، وهذا المزاج التحرَّري، فانتقلت القصيدة من شكلها التقليدي الى اشكال متنوعة توزعت بين الشعر الحرّ، وقصيدة النثر، والقصيدة المُدوَّرة، والسَّرد الشعريّ، والهايكو وغيرها.
وهنا لا بد من الاشارة إلى ان النُظم الشكلية المُتحرَّرة من جلباب الشكل التقليدي، هي داخل دوامة التجديد الى ان تظهر اشكال متعددة في صياغة النصّ، ولعل هذا التغيير المحوري الدائم يحسب للنصّ الشعري، ام ربما عليه، هنا يكمن السؤال، المعضلة لا تكمن في تحرَّر النصّ الشعريّ من انساقه التقليدية، بل المعضلة في سرّ هذا اللُّهاث خلف تبسيطه الى حدِّ الإسفاف، وإفراغه من محتواه اللّغوي، والإبداعي، فالنصّ منتج أدبي ومعرفي، (فكري + حسيّ) مترابط، لا يمكن فصل عُراه، والتجديد في شكل القصيدة لا يعني البتة الابتعاد عن الدال والمدلول على اعتبارهما علامتين تحققان المعنى المتوخى داخل فاعلية التداول الفهمي للحصافة اللغوية.
ب- كيفية تحصين الشاعر من الانفلاتية وفوضية اللغة؟
أنا ارى وبوضوح تام ما آل اليه النصّ من تراجع خطير في صياغته اللغوية، والفنية على يد بعض الطارئين، وفي عدم الاكتراث لعملية استثمار اللغة واستخدامها، بل وترديها المعجمي في الكثير من الأحيان، ونعتقد بأن مردّ ذلك يعود الى استسهال كتابة الشعر، في مختلف اشكاله أولاً، وثانياً هي الأُمية المنتشرة على السطح لدى البعض في اللغة، وفي عدم الفهم، والدراية بالأدوات الفنية لكتابة الشعر رابعاً، وخامساً في عدم الوعي الكامل في التعامل من المتلقي، وأخيراً في عدم وجود خزين قرائي متراكم، يخلق وعيا نوعيا، وغياب المراجع الاستقرائية الانموذجية للمساعدة في فن كتابة القصيدة الحديثة.
واعتقد ان هذه الانفلات والفوضى جاءت عن جهل قصدي في الولوج لمعترك النصّ، النصّ الشعريّ حالة سامية تستوجب الوعي المتوثب في لحظة ولادة الدهشة، ويرجع ذلك بطبيعة الحال الى وعي الشاعر اللغوي، لا في التحضير للنصّ بدمغوائية وعشوائية لا ترتبط بالشعر بصلة، ولا حتى بامتياز الشكل.
ان المشكلة الناشئة من هذه الفوضى الانفلاتية هي عدم وجود ارض خصبة لنمو شاعر، فالشعر لا يُعلّم، الشعر موهبة خلاقة، والهام حسيّ، وفن جميل يتعلمه البشر بالفطرة لا بسياقات (اريد ان اكون شاعراً) ولا يمكن تحصين الشعر من هذه الفوضى في استخدام اللغة إلا الانضباط الأخلاقي والأدبي، أنا لا أملكُ خلطة سحريّة، او وصفة جاهزة لتعليم الشعر، فالشعر لحظات تجلٍّ نبيلة، ومخاض لغويّ جليل، وليس لديّ تعاليم ومناهج لإنقاذ الوسط الثقافي والأدبي من المتطفلين عليه، إلا الرجوع الى حصافة اللغة فهي المنقذ الوحيد من هذه الفوضى لتحصين الشاعر أولاً، ومن ثم الشعر ثانياً.
ج- تقنيات الصنعة الشعرية وتأثيرها على عفوية الحدسي؟
ثمَّة خصوصية تكتنف المشغل الشعريّ لا تحدّها زمكانية بعينها، ولا يمكن اختراقها تحت أي ظرف، او أي طارئ، وهذا المُعتكف الذي اطلق عليه بلغة النقد (المشغل الحرّ) حيث يعتمد فيه الشاعر على مزاجه العام، وذائقته الإبداعية والإلهامية المخيالية، على اعتبارها من المهام التي تحدد معايير الصنعة والإبداع داخل النصّ.
هناك شاعر صانع، وهناك شاعر مطبوع، والشاعر المطبوع على ضوء الاصطلاح النقدي هو الشاعر الذي لا يتكلف في كتابة نصوصه الشعرية على ضوء مهاراته اللغوية، والفنية، والتقنية، والالهامية. اما الشاعر المصنوع فهو من يجتهد في كتابة نصّه، ويعمل على صياغته لفترة طويلة، ويعيد كتابته مرّات عدة ليصل به الى مستوى فني ولغوي يرضيه وبالتالي لاستمالة الذائقة المتلقية، وبتباين (المشغل الحرّ) في المكان بين الشاعر المطبوع الذي يدون قصيدته حتى وان كان في صحراء قاحلة، او ارتجالا في أي زمن، وأي مكان، وبين الشاعر الصانع الذي يحتاج الى خلوة ذاتية؛ لكي ينتج قصيدته بعناية عبر مراجعة متوالية.
وكان زهير بن ابي سلمى من الشعراء الصنعة حتى سميت قصائده الحوليات؛ لأنه كان يستغرق حولاً كاملاً لتنقيحها، وتدقيقها، وتنقيتها من الشوائب اللغوية، والفنية العالقة فيها، وبالمقابل ثمَّة شعراء مطبوعون كثيرون من امثال البحتري الذي اطلق عليه امام الشعراء المطبوعين، والفرق بين الاثنين رغم اختلاف ازمنتهما، هو ان الشاعر المطبوع الذي لا يكثر في صياغة شكل القصيدة من حيث استخدام المحسنات والزخارف والبيان والبديع من اللغة، وعلى عكس ما يذهب بقصيدته الشاعر المطبوع بعفويته، وارتجاله بالإضافة لسليقته الشعرية، ومعرفته الكاملة باللغة ينتج لنا قصيدة من طراز رفيع.
اعتقد بأن هذه المقدمة كانت مهمة للولوج الى سؤالك، فأنا شخصيا ارى بأن الصنعة الشعريّة ليست عيباً، ولا مثلبة في المتداول النّسقي، او الأسلوبي او التقليدي، لكني ارفض ان يكون الشعر صنعة لمن لا صنعة له، الشعر دراية تحتاج الى إلهام وخيال، وتفرد، والحدس ربما يكون مصدراً لائقاً لرصد الحاضر بوقائعه المتقلبة، واستشراف المستقبل بما سيؤول إليه.
اما بخصوص تقنيات الصنعة الشعريّة، ومديات تأثيرها على عفوية الحدس، فالصنعة تحتاج الى شاعرٍ مرابطٍ في صومعته الابداعية ومعتكفاً فيها لإنتاج نص شعري، فلا مكان للعفوية، واطلاق العنان للحدس في بثّه الشعري؛ لأنه يلجم مخيلة اللحظة ليحيلها الى العناية المركزة لتنتج له نصّاً مُنقَّحاً، ليس فيه مصداقية الـ(هنا، والآن)، بمعنى لا يمتلك تمظهرات اللحظة، والحدس يعني التوقع، وشاعر الصنعة لا يتوقع، وإن توقع فهو يضع توقعه تحت المجهر؛ ليرى بعيون اكثر اتساعا لكينونته المعبرة عن تلك العفوية الحدسية المتوالدة من رحم اللحظة، شعراء الصنعة يحتاجون الى تركيز عالٍ، ومراجعات للتأكد بأن منتجهم قد عبر قنوات العفوية الحدسية ليقع في فخ الصنعة.

د- حدسية الانا في التمثيل المجتمعي العام/ مراوغة المعنى؟
- على المستوى النقدي، اعتبر أن سؤالك هذا، ينتمي الى حقل الفلسفة، فهو من الاسئلة التي تختلط فيها الذات مع العقل الجمعي، وثمَّة مراوغة بينهما بحسب ولاية المعنى على الفعل الاجرائي الذي بُنيّ عليه هذا التساؤل الأزلي، وهنا لا بدّ لي من الوقوف قبل الاجابة عن هذا السؤال المعرفي الناجع الذي يحتاج الى فضل من التفصيل على قول ابن خلدون، فأنا أرى لزاما علينا معرفة معنى (الحدس) في اللغة، كما عرفناه اصطلاحا في الاجابة عن السؤال الأول، فلقد جاء في المعجم الوسيط عن معنى الحدس التالي: الحَدْسُ/ التوهم في معاني الكلام والأُمور، أي بلغني عن فلان أَمر وأَنا أَحْدُسُ فيه أَي أَقول بالظن والتوهم .وحَدَسَ عليه: ظنه يَحْدِسه ويَحْدُسُه حَدْساً: بمعنى لم يحققه‏ .
وأَصلُ الحَدْسِ الرمي، ومنه حَدْسُ الظن إِنما هو رَجْمٌ بالغيب.
إن الشعر هو ملحمة ابتكار، بمعنى ان تبتكر الدهشة من رحم السكون، وتقتنص الفكرة من لحظة توقف الزمن، وتسجل ذلك الابتكار من خلال مسلمات الفوضى، فالشعر في رأينا هو ابتكار مشترك بين السكون، والفوضى، ولا يمكن لأحد اين يكون شاعراً دون دراية لغوية، وملهم مخيالي، والتصاق بالواقع، ليتمكن من ترجمة اللحظة الى قنوات اتصال بين النصّ الشعري وبين الوعي الجمعي.
الشاعر اداة فاعلة في ملاحم الدعوة الى التغيير، والتحرر من الأنا والانخراط في المجتمع، ولا يمكن للشاعر ان يتمثل بـ(الأنوية)؛ لأنه ابن اللحظة، واللحظة بنت الواقع، والواقع الابن البار للزمان، والمكان، والكلّ في خدمة انتشال الوعي الخامل، وتخليصه من سباته، والانطلاق به صوب الوعي المتحرك الفاعل في مجتمعنا من اجل الوصول الى درجة مثلى من درجات الاستجابة الحقيقية لمناهج بثّ الوعي، وملاحم التغيير.
اما ما يخص مراوغة المعنى، فان هذا التأشير السيمولوجي يستميل العديد من الشعراء للإفصاح عن ذواتهم المحصورة بين (الانا) و(النص) عبر منفعة التذاكي على اللغة وإعمال وعي المراوغة بين الدال والمدلول، ولا يمكن لهم الخروج من هذا التماثل، الا بفرضية التخلص من أحدهما وأنا شخصياً أرى بأن النصّ اعلى قيمة من (الانا)؛ لأنه الباقي في الذاكرة الجمعية.
اما (الانا) فهي إلى زوال، وعملية الابداع ملتصقة بالنصّ، ويتحقق هذا المطلب الاكاديمي بلجوء الناقد للنصّ لتحليله، وتأويله لأنه المنتج الثاني للنصّ، إن المراوغة في المعنى وفق التأشير السيمولوجي هي امتياز دلالي انزياحي، وهو فضل للغة على الشاعر في تعميد النصّ، وتعود النتائج بالتالي على المتلقي، إلا اذا تجرّد الشاعر من لحظته التاريخية التي ينتمي لها، وتهاوي في احضان الفردانية الموغلة بالنَّرجسيَّة، ليصبح بعدها كينونة محبطة، وعديمة الفعالية في المشاركة الجمعية، بعكس الشاعر الذي يتساوق حدسه الفاعل مع تطلعات مجتمعه للنهوض به، ولتأسيس مملكة لغوية نافعة تستطيع ان تؤسس لها قاعدة جماهيرية منتقاة من خلال نصوصه التي ترتبط بحركة المتغيرات المجتمعية، فالشاعر موقف، ووفق هذه الحقيقة يجب ان يكون موقفه نابعاً من حماسة عفويته الحدسية لإقامة جسر عابر للذات، فالحدس وكما يطلق عليه ابن سينا (المعرفة الفجائية) التي ليس لها مقدمات من التفكير والتروّي، ونحن نعتبر بأن الحدس (هو الحكم السريع غير المدروس بعناية على موقف، او فعل تام او غير تام، من وجهة نظر فردية). ومن هنا تأتي فاعلية حدسية الأنا في التمثيل المجتمعي العام، فالشاعر اذا انزاح عن مواقفه الثابتة، وانحاز لذاتيته المفرطة بالتعامل مع جدلية الواقع وتقلباته، اصبحت نصوصه مجرد فعل بشري خاوٍ، وخالٍ من معناه الأدبي والإنساني، والمجتمعي، وعدا ذلك فكتاباته لا تعدو ان تكون مجرد مثاقفه بينه، وبين فردانيته العقيمة باختلاف توزيع جهد مراوغة المعنى للخلاص الى دلائل ذات نفعية ذاتية محضّة، لا نفعية جمعية تشاركية ذات محفزات تفاعلية مُجدية من اجل التغيير.