مركزُ ترميم المخطوطات في العتبة العبّاسية المقدّسة يعلن عن ترميمِ مصحفٍ نادرٍ يعود تاريخُه للقرن السادس الهجري

25-04-2020
علي طعمة حمادي
يعتبرُ ترميم المخطوطات والكتب النادرة، من أهم أهداف دار الكتب، فالمخطوط والكتاب النادر، لا يستمد أهمّيته من قيمتهِ التاريخية فحسب، وإنّما هو مرآة تعكس الحياة الإنسانية في مراحلها التاريخية، والمحافظة عليها من أشكال التطور البشري.
ومن هنا تأتي أهمية الترميم، فهو الذي يقوم بمعالجةِ التّلف وترميم الأجزاءِ المتهرئة، دون الإخلال بالهوية التاريخية، وإخراج المخطوط بشكل يتناسب مع أسلوب عرضه في المتاحف أو الاطلاع عليه، ونتيجةً لذلك كشف مركزُ ترميم المخطوطات التابع لمكتبةِ ودار مخطوطات العتبة العبّاسية المقدّسة عن ترميم مصحفٍ نادر يعود تأريخُه للقرن السادس للهجرة، فبَعد أن أخذت منه السنون وعوامل الزمن، إضافةً إلى الإهمال مأخذاً كبيراً، وأثّرت على صفحاته الشريفة، تمّ ترميمُه وفق أحدث آليّات الترميم ومعالجته باتباع الطرائق الفنّية الحديثة والمُعتَمَدة.
مدير المركز السيد ليث لطفي بَيَّن لجريدة صدى الروضتين:
المُصحَف يعودُ تاريخُه إلى أواخرِ القرن السادس الهجريّ، وهو بخطّ النُسُخ القديم وكُتِبَت أسماء السور بالزعفرانِ، وبقيّة النصّ بالحبر الكاربونيّ، ومزخرفٌ بنقوش نباتيّة في هوامشه، جميع هذه الميزات جعلته تحفةً نادرة.
موضحاً: عند الشروع بأعمال الترميم، تمّ إجراءُ مسحٍ شامل له لمعرفة الأضرار التي كانت على النحو الآتي:
الأوراق غير مكتملة، وفيها نواقص من ناحية الكتابة والورق، متكسّرة الأطراف، وغلاف المصحف كان متشقّقاً ومفصولاً عن محتوياته الكتابيّة، إضافة إلى وجود أشرطة ورقيّة لاصقة غير صالحة للترميم في محاولةٍ لترميمه، وتهرّؤ أعداد كبيرة من الأوراق، وتلاصق جزءٍ منها مع بعضها.
مضيفاً: بعد ذلك شرعنا بأعمالِ الترميم، وقد بُذلت جهودٌ فنيّة كبيرة لأجل إعادته بوضعيّةٍ مناسبة، والحمد لله وببركات صاحب المرقد الشريف وبمهارةِ العاملين حقّقنا ما نصبو إليه، حيث مَرَّ المُصحف بعمليّاتِ ترميمٍ وحسب نوعيّة الضرر المقدَّر له، ومن جملة ما قمنا به هو إزالة الأوساخ والأتربة باستخدامِ أدوات التنظيف الخاصّة، كذلك إزالة الأشرطة اللاصقة وإصلاح الشقوق والتكسّرات باستخدام الورق اليابانيّ الطبيعيّ ومواد لاصقة طبيعيّة، وبعد الانتهاء من ترميم الأوراق، تمّت خياطته باستخدام خيطٍ قطنيّ، وانتقلنا بعد ذلك إلى ترميم الغلاف باستخدام الجلد الطبيعيّ وتركيبه على المخطوط، ومن ثمّ عمل علبةٍ من الكارتون القاعديّ والقماش الأرشيفيّ لأجل حفظه وإيداعه في الخزانة الحصينة التابعة للمكتبة.
واختتم: رُمّمَ المصحف وفق أحدث طرق وآليّات الترميم المتّبعة، وتمّت إزالة التشوّهات التي أصابت أوراقه بدقّةٍ متناهية من دون أن يؤثّر ذلك في أصل المخطوط، مع الحفاظ على هويّته والدلالات التاريخيّة التي يحويها، وقد أنجزنا هذا العمل في وقتٍ قياسيّ، مع عمل نسخةٍ كمبيوتريّة خاصّة بالمصحف للحفاظ على أصلها.