قراءة في بحث.. (فتاوى الدفاع المقدسة بين الماضي والحاضر) اللواء الركن المتقاعد عماد علو الربيعي
23-04-2020
لجنة الدراسات والبحوث
مهما اختلفت الرؤى حول فتوى الدفاع المقدسة وأهميتها، تبقى حقيقة وجودها كفاصلة تاريخية بين حالتين من النكوص والاستجابة القوية، حققت معها القوات المسلحة العراقية انتصارات كبيرة، فإن المرجعية الدينية تبقى أحد أهم الأسباب التي حفظت الأمة تماسكها وتحصينها من عوامل الضعف.
وفي قراءة عسكرية كالتي قدمها اللواء الركن المتقاعد عماد علو الربيعي مستشار المركز الأوربي في دراسات مكافحة الإرهاب - مستشار المركز الجمهوري للبحوث الأمنية الاستراتيجية، وكان عنوان البحث (فتاوى الدفاع المقدسة بين الماضي والحاضر) وألقاها في مؤتمر فتوى الدفاع المقدسة العلمي الأول في العتبة العباسية المقدسة.
تسلط هذه البحوث الضوء على دور فتوى الدفاع المقدسة وبمنهجية البحث الذي أظهر منهج السلام بمنهج تحليلي يعد من أهم سمات المرتكز الثقافي اليوم وللمثقف دور ينتمي اليه، وفرادة هذه البحوث انها توصل التواريخ بالواقع الحدث وخلفيته التاريخية، فالبحث يبحث في الجذر التاريخي عندما يتعرض الوطن الى غزو فكري يقصد ضعضعة المعنويات وتغيير الجوهر أو معنى الجوهر الإنساني للفتوى، بينما الفتوى ليست ضد حرية الانسان بحقائقها وتجلياتها، وانما شرع من أجل صيانتها وحمايتها من كل حالات الظلم والعدوان, مفهوم الجهاد ما كان دعوة للقتل والتصفيات الجسدية، وانما هو مشروع بناء القوة الإسلامية الشاملة حتى يتمكن المسلمون من رد الظلم والعدوان ومحاربة المعتدين، لا بد لنا أن ننظر الى تاريخ الجهاد المرجعي، فهناك جهاد دعت إليه المرجعية سنة 1914م عندما كانت البصرة مهددة بالغزو البريطاني اشتركت العتبات المقدسة في التعبئة الجماهيرية والجوامع لتحشيد الصوت وشيوخ العشائر، فقاد الحبوبي الثوار الى الناصرية وحينها الى الشعيبة، وشارك معه طلبة الحوزة ومشايخها كباقر الشبيبي، علي الشرقي، ومجموعة كبيرة من شيوخ العشائر، يقول ولسن: (كان تأثير الحملة الدينية ظاهراً في العشائر الشيعية).
عندما يقف التاريخ عند هامات المواقف التي تتجلى بالهوية العراقية الشعبية نحملها بعيداً عن الانقسامات المذهبية او مكنوناتها، فكان الحشد الشعبي ظهيراً حقيقياً للجيش العراقي، وأثرت خطب الجمعة في إشاعة روح التضحية بتغيير معادلة التوازن الاستراتيجي لصالح قواتنا العسكرية والأمنية.
إن حافز الاستشهاد في سبيل الله دفاعاً عن الدين والمذهب والمقدسات مستمدين العزيمة من اهداف ومعاني ثورة الامام الحسين ع؛ كونها مواجهة للانحراف الفكري والعقائدي والسلوكي، أي اننا نشعر أن الفتوى جعلت العالم يلتحق بهويته الايمانية، فهي جسدت المغزى التاريخي لنهضة الشعوب وجسدت استجابة المواطنين لفتوى المرجعية العليا في النجف، ويعني ارتباط مصيري بالثورة الحسينية «إما الذلة او السلة وهيهات منا الذلة» فكان التطوع للدفاع يتم عبر آليات رسمية بالتنسيق مع الحكومة وتحديد الاعداد كان من قبل الجهات الرسمية، فلو بحثنا الان عن كينونة هذه الفتوى وجدناها مشروعا وطنيا لا يقف عند حدود طائفة بالدعوة، لم تكن ميليشية وانما كانت تحفيزية، وطالبت المرجعية بصوت سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) الى ضرورة تنظيم عملية التطوع وادراج المتطوعين ضمن التشكيلات للقوات الرسمية والعمل الدؤوب لإدامة وتفعيل الحافز الجهادي.
وأدانت المرجعية جميع الممارسات السلبية ضد المواطنين، ولقد بيّنَ سماحة السيد أحمد الصافي ان الاختلافات السياسية أضرّت البلد كثيراً وخاصة في المجال العسكري والأمني، ولم يكن بناء بعض المفاصل العسكرية بطريقة مهنية، كانت الخطابات الدينية المرجعية لها سطوة الحضور الإنساني من حيث قيم النصائح التي وجهت والحرص على حقوق الانسان كسرت مفهوم الفوق التقليدي من خلال أساليب مختلفة ادخال بُعد جديد مفهوم حروب الجيل الخامس، معتمدة على قوة الكيانات الصغيرة المدربة والتشكيلات العصابية والجماعات الإرهابية ذات التسليح المتطور، والحافز الجهاد بالسير على مبادئ الحسين ع، وامتلكت تلك الألوية المرونة العالية في القتال وسرعة الانتشار واعتماد مفهوم ساحة الحرب المفتوحة دون الاعتماد على خطوط ثابتة وخنادق وتحصينات ضخمة والاعتماد على القدرات الذاتية في تخزين الذخائر والاعاشة ومواد تموين مكنت الحشد من تفادي الوقوع في فخ صعوبة الامداد اللوجستي، وجاء تشخيص المرجعية أن النصر على داعش لا يمثل نهاية المعركة مع الإرهاب، بحث يعتمد على التوثيق بأسلوب مشوق.