قراءة انطباعية في خطب الجمعة
23-04-2020
لجنة الدراسات والبحوث
يشكل الوعي نمطاً مهماً في بنى خطب الجمعة؛ كونها ترتبط بالناس وحياتهم وأمور دينهم ارتباطاً حياً، وكل ادة توصيل دون الوعي تكون ميتة لا روح فيها؛ لأنها لم تدرك وسيلة الفهم الشمولي، لو سألنا: لماذا احتلت خطب الجمعة مكاناً بارزاً في المجتمع واهتماماً كبيراً من قبل جميع الاختصاصات السياسية والفكرية والاجتماعية بما جادت عليه تلك الخطب من فهم الواقع الاجتماعي والطبيعة البشرية، وفهم حاجياتها، وإصدار المجلد الثاني من خطب الجمعة هو دليل على السعي لتوثق هذه الخطب، ومنها ما حدد بتاريخ 2006م وهي حقبة مهمة من حياة الشعب؛ كونها شهدت أحداثاً دامية تهدف الى تمزيق وحدة العراق وتقسيمة في أقاليم ودويلات من خلال زرع الفتنة الطائفية، وإشاعة الفوضى والقتل على الاسم والهوية، وتهجير الناس.
فاستطاع الخطاب بما يحمل من وعي ديني انساني وطني أن يكون صوت الحق وصوت الشعب، ففي خطبة الجمعة يوم 6 كانون الثاني عام 2006م كانت الخطبة بإمامة سماحة الشيخ رائد الحيدري الذي وجه خطابه المباشر الى الإرهابيين، وهذا يدل على قوة وحنكة منبر الجمعة، وصرامة الخطاب هو عنوان المواجهة وهوية توضح الاتجاه الفكري والإنساني المتبلور عبر الدفاع عن وحدة السعي، الخطاب المباشر يتمسك بوحدة البلد وعدم التفريط بوحدة الاخوة الإسلامية بين السنة والشيعة.
تميز وعي الخطاب باستيعاب منهجية التحدي المطرز بالتضحيات، الدماء التي سالت بنفس المكان الذي تشرف بدم الحسين ودماء اهل بيته واصحابه ع، وشهداء الطف تحت نفس العنوان ونفس القيادة، ولهذا نؤمن بأن استقبالهم كان بموكب حسيني يشرف عليه سيد الشهداء ع بنفسه.
جوهر الخطبة حمل قدرة تمثيل الواقع وكشف مخططات الإرهاب من محوريين: المحور الأول: هو زرع الفتنة والفرقة، وليس هناك عاقل يجمع بين الارهابيين وأبناء السنة، إذ حاولوا خداع المذهب السني بحجة نصرته، والمحور الثاني هو محاولة منع الناس من زيارة قبر الحسين ع، لكن الخطب كانت بصمات واضحة ومؤثرة اجتماعياً وفكرياً.
ووضحت الخطبة معنى الشهادة المقدسة من المفهوم الإنساني، تصل الى مفهوم أن حياة الشهيد غير منقطعة عن الدنيا، يسمع ويتواصل مع عالمنا بخلاف الموتى فالشهداء تشملهم رعاية الله بالخلود، وليبقوا أحياء.
وفي نص الخطبة الثانية، كان الوعي الوطني الفاعل والذي يتبنى المواقف الإيجابية لصالح الأمة ولبناء البلد والعمل على سلامته بعيداً عن المحاصصة، وثمة وصايا كثيرة للإمام علي ع يقول: «عليكم بتنظيم أمركم» والعراقيون ليسوا اقل من غيرهم اهتماماً بالالتزام بالنظام، وهم أهل الذوق والرفعة والسمو، علينا أن نحارب الأنا، ونلتفت الى المصلحة العامة لخدمة البلد والأمة.