الكفيل يصوغ تاجاً من الوفاء لأخته العقيلة ع إزاحة الستار عن تاج شباك ضريح السيدة زينب ع المُصنّع في العتبة العباسية المقدسة

09-04-2020
علاء سعدون
أُزيح الستار عن التاج الذهبي الذي صاغته كفوف خدمة الكفيل أبي الفضل العباس ع لضريح أخته العقيلة زينب ع في دمشق؛ وذلك وفاءً منهم لهذه السيدة العظيمة التي جسدت أبرز مبادئ الأخوة والوفاء مع أخيها العباس ع.
أقيمت المراسيم مساء يوم الثلاثاء (7 رجب ١٤٤١هـ) الموافق (3 آذار ٢٠٢٠م) بحضور وفد رفيع المستوى من العتبة العباسية المقدسة، ومتولي المقام الشريف، وجمع غفير من المؤمنين، بينهم خدمة أبي الفضل العباس ع.

وقد استهلّ الحفل بتلاوة آي بينات من الذكر الحكيم، أعقبتها كلمة العتبة العباسية المقدسة التي ألقاها مدير مكتب المتولي الشرعي للعتبة المقدسة السيد عدنان الموسوي، والتي بين فيها قائلاً:
«تيمناً بذكرى ميلاد سيدنا ومولانا الإمام محمد الجواد ع نبدأ احتفالنا المبارك هذا.. الحضور الكريم، سلام من الله تعالى عليكم أولاً، ومن المولى أبي الفضل العباس ع كفيل الصديقة الصغرى ثانياً، مشفوعاً بسلام وتحيات المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، وكذلك السيد الأمين العام الموقر ومجلس الإدارة المبارك، مشفوعاً وموصولاً بسلام الوفد الذي جاء متشرفاً الى مقام السيدة زينب ع، خادماً لها لنصب التاج المبارك على ضريحها المقدس، نسأل الله أن يتقبل من الجميع ومنكم هذه الخدمة الجليلة».
مضيفاً: «كما تعلمون أن العتبة العباسية المقدسة بدأت بتخطيط وتنفيذ مشاريعها المباركة الحيوية بكل دقة وإخلاص، بما يظهرها لائقةً براقة تسر الناظرين والزائرين، فمشاريعها لها بداية نورانية مدروسة جيداً وليس لها انتهاء إن شاء الله تعالى، كبرت عن الإحصاء والحصر، وهي مشاريع فكرية وثقافية وإنسانية ومعرفية».
وأوضح الموسوي: «لم تترك أيضاً التخطيط والمعمار والبناء، ولها في الفن والزخرفة الباع الطويل، وأيضاً عمل شبابيك الأضرحة ومنها هذا التاج المبارك الجميل لمولاتنا وسيدتنا الصديقة الطاهرة زينب بنت أمير المؤمنين ع».
مختتماً: «شكري الكبير للإخوة المسؤولين في هذا المقام المقدس على جهودهم الطيبة في التنسيق الرائع الذي هو من شيمهم الأصيلة، ولكل من أسهم في هذا الإنجاز المبارك تبرعاً وعملاً ونقلاً وخدمةً ودعاءً».
كما ألقى السيد عدنان الموسوي في ختام كلمته قصيدة شعرية يؤرخ فيها هذه المناسبة المباركة، حملت عنوان (تاج العقيلة زينب ع):
لصرح (زينب) أهدى جود عباس
تـــــــاج الأخوة لا تاجاً من المـــــــاس
معنى الكفالة يزهو فهو كـــــــــافلها
ما كل معنىً يرى في متن قرطاس
تــاج تـــكور تــــــــــأريـــــخ بهيـــبتـــــــه
علـيه آيات إشــعــــــــاع ونــبـــــــراس
انظــــر الــــيـــه تــــرَ الكفين تحمله
والعين ترعــــــاه في أحداق أقداس
من (كربلا) (لدمشق) للمقام هنا
مقـــــــــــــام زينب طود راسخ راس
أنتم توفقتم حقـــــــاً لخدمتهـــــــــا
لكم تحيتنــــــا يا خيرَ حـــــــــرّاس
قل للذي كفه جادت أنــــــــــــــــاملها
تبرعا خط في كراس عبـــــــــــــاس
تاج به الركن مزهـــــــــــــــــواً مثلثه
تليه أضلاع تربيع وأقـــــــــــــــــواس
تاج وروضته صيغت بهنـــــــــــــدسة
زها بها الحسن أخماسا بأسداس
جل في ثناياه تلقَ الفنَّ مبتسمــــــاً
يميس في وجنات التبر والمــــــاس
الفن فيه عراقي السمـــــــــات فما
ترى سوى أنمل صاغت بمقياس
ما إن أشار لها (الصافي) بهمته
هبّت لها همم أقداس أكـــــــــداس
راحت سواعدهم لا الريح تسبقها
في أخلص الصمت في كتمان أنفاس
لا الليل عوقهــــا لا الصبح أخرهـا
يقودها العشق في لذات إحســـاس
فكان تــــــــــاجاً مهيبــاً في صياغته
يمشي به الحسن ميّاساً بأعراس
حتى تخطوا إلى الجُلا منصتهـــا
وكان لــقيـــــــاهم بالـورد واليــــاس
فرحب المجد ترنيماً بالدعاء معي
يدي دموعي وقرطاسي على راسي
كفين زد وخذ التاريخ (من كلمـنْ
تاج العقيلة من إهــــداء عبــــاس)
جاءت بعدها كلمة مقام السيدة زينب ع ألقاها بالنيابة فضيلة الشيخ نبيل الحلباوي، وقد تقدم من خلالها بالترحيب والتهنئة والشكر للعتبة العباسية المقدسة، قائلاً:
«كل الشكر للعتبة العباسية المقدسة ولمتوليها الشرعي سماحة السيد أحمد الصافي، وهو خير ممثل للمرجع الديني الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني، وكذلك الشكر لمن تبرع وبذل جهداً في إنجاز هذا التاج الذي يتوج بأن يكون على ضريح السيدة زينب ع».
وأضاف: «الشكر موصول للفريق الذي أنجز هذا العمل الفني الرائع، والرفيع والممتاز، والذي يعد عملاً فنياً بارزاً فضلاً عما يحمله من معان روحية تضاف لهذا الضريح الشريف».
وفي ختام الحفل، كانت هناك مشاركة للملا أحمد الباوي والملا أحمد الخيكاني، حيث صدحت حنجرتاهما بأعذب الأبيات في حق السيدة زينب ع بهذه المناسبة المباركة.
ولمزيد من التفاصيل حول هذا العمل حدثنا رئيس قسم صناعة شبابيك الأضرحة الشريفة السيد ناظم الغرابي، قائلاً:
«إن شباك مرقد السيدة زينب ع وبحسب تصميمه لا يحتوي على تاج علوي سابقاً، لذلك أخذت العتبة العباسية المقدسة على عاتقها أن تتبرع لهذا الشباك الشريف بتاج يليق به، ويعد بمثابة هدية خاصة من الكفيل أبي الفضل العباس ع لأخته العقيلة زينب ع، وبالفعل شرعنا بأخذ كل الإجراءات الإدارية والفنية، وإعداد تصاميم خاصة به والعمل على تنفيذها، وقد استغرق العمل عليه قرابة الستة أشهر».
مبيناً: «أن أهم مميزات قطع وأجزاء هذا التاج أنها صُمّمت وصُنعت بأيدي عراقية تمثلت بخدمة مرقد أبي الفضل العباس ع، وإن النقوش والزخارف التي استخدمت نباتية إسلامية، استوحيناها فنياً من شباك مرقد أبي الفضل العباس وأخته العقلية زينب ع، لترجمة جزء بسيط من أخوتهما الصادقة وعلاقتهما الوطيدة، وقد تم خلق حالة من التناغم الفني والزخرفي بين الأجزاء الجديدة والقديمة».
وأشار الغرابي: «يعتبر هذا التاج أول عمل تتم صناعته لمرقد خارج العراق، وهذا بحد ذاته رسالة بأن العقول والأيادي العراقية قادرة على صناعة أعمال كبيرة ومميزة».
مضيفاً: «استخدمت في صناعة الأجزاء المعدنية والخشبية مواد ذات كفاءة عالية ومن مناشئ عالمية معتبرة، فكان الوزن الكلي للتاج (550كغم)، أما أبعاده فكانت (4.15 م) طولاً، و(3.15 سم) عرضاً، وارتفاعه ما يقارب (1,10سم)، استخدم في طلاء أجزائه وزخارفه (2كغم) من الذهب عيار 24 قيراط، وما يقارب(250كغم) من النحاس، وقد بلغ وزن الخشب المستخدم في صناعة الهيكل الخشبي قرابة (300كغم).
وأوضح الغرابي: «مرّ العمل بمرحلتين قبل أن يتم إزاحة الستار عنه، المرحلة الأولى هي مرحلة تصنيع القطع والأجزاء في مصنع شبابيك الأضرحة المطهرة بمقره الكائن في كربلاء المقدسة، ومن ثم تم نقل هذه القطع والأجزاء ليتم تركيبها على الشباك الشريف خلال الأيام الماضية، وقد بذلت ملاكاتنا الفنية خلال هاتين المرحلتين جهوداً استثنائية، وقد واصلوا الليل بالنهار من أجل إنجاز هذا العمل الذي يحمل خصوصية وله قيمة عالية في نفوسنا».
ومن جهته، حدثنا متولي مقام السيدة زينب B الدكتور هاني مرتضى قائلاً:
«نحن سعداء جداً بهذه المناسبة الشريفة والغالية على قلوبنا جميعاً، إن مقام السيدة زينب B مقام مقدس ويمثل نهجاً مقدساً لجميع المسلمين في جميع أنحاء العالم، ونحن سعداء بهذا التاج الذي هو واقعاً يُتوج بأن يكون على ضريحها الشريف، ونشكر شكراً عميقاً كلّ من ساهم وعمل وتبرع بهذا التاج ليصل الى ما هو عليه، ويكمل المقام الشريف؛ لأن هذه السيدة الجليلة أسهمت في تصحيح مسار الإسلام وعلينا جميعاً أن نقدس ظلها ونورها وقبرها وكل ما عملت من أجله في حياتها ومماتها».
وأضاف: «نشكر بشكل خاص الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة ونقدر كل جهودها في دعم هذا المقام الشريف، وإن هذا العمل كان له الأثر الكبير في نفوسنا جميعا، حيث أن هذا الجهد جهد هائل يُقدر عالياً، ويبقى لقرون طويلة، وهو عمل إن شاء الله سيخلّده التأريخ».
وجدير ذكره أن هذا العمل يأتي ضمن مجموعة مشاريع أنجزها قسم صناعة شبابيك الأضرحة الشريفة ابتداءً بمشروع الشباك الشريف لضريح أبي الفضل العباس ع، مروراً بشباك القاسم ع وأبواب مرقد السيد محمد -سبع الدجيل- وشبابيك مقام صافي الصفا، فضلاً عن شباكي مرقدي الشيخ المفيد والخواجة الطوسي (قُدِّسَ سرهما) والجزء العلوي من شباك الإمامين الجوادين ع.. وأن هذا العمل يعتبر أول عمل تتم صناعته لمرقد خارج العراق.