( حوار مع مؤلف )

06-04-2020
لجنة المناسبات
شخصية العباس بن علي ع كسبت اهتماماً واسعاً من قبل أئمة أهل البيت ع لأهمية القضية التي كان العباس ع أحد أقطابها ورجالاتها البارزين، وكان الدور الذي يحتمله العباس ع في هذه القضية إحدى الملاحم المهمة التي دعت أئمة أهل البيت ع أن يجعلوه من أهم الشخصيات البارزة في سيرتهم ومشروعهم الرسالي، فقد أضحت شخصية العباس من أهم دواعي الاعتزاز التي يفتخر بها المخلصون الأوفياء، الذين يبحثون عن قدوتهم في هذا الشأن.
- سؤالنا يتركز على عمق تلك المديات على الواقع التحقيقي؟
لقد أخذت شخصية العباس ع اهتمامها الواسع في أعمال المحققين، وكلمات المؤرخين، حتى أنك لم تجد مؤرخاً إلا وأشار إلى سيرة العباس ع تفصيلاً وايجازاً، مما يمكن القول: إن هذه الشخصية الملحمية فرضت نفسها على الواقع التحقيقي، وأملت المساحة التاريخية الشاسعة بالكثير من المواقف التي أذهلت الجميع.
ولعل ما نجده من كلمات المعصومين ع في تقريض شخصية العباس ع سيكون حافزاً مهماً للوقوف على حقائق غيبية أشار اليها المعصوم، أوضح فيها معالم شخصيته التي لم يستطع أحد أن يستكشفها إلا من خلال شواهد المعصومين ع الذين دفعوا بهذه الشخصية المهمة إلى واجهة الأحداث فضلاً عن مواقفها ومحطات حياتها البطولية.
- أردنا أن نستوضح مقامات أبي الفضل العباس ع، نريد أن نقف عند معالم حياته وشخصيته التي تعهد المعصومون بتوصيفها، مستعرضين كلماتهم وتقريضاتهم في هذا الشأن؟
ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين ع، وإذا أردنا أن نقف عند بعض معالم شخصية أبي الفضل العباس ع، فإننا سنجد علامة فارقة من أهم العلامات التي تنبئ على اهتمام الامام أمير المؤمنين ع بولده العباس ع، حيث الجانب الذي أغفله الكثيرون، ولم يلتفت اليه المحققون، حتى شهد له الامام ع بأنه ممن زُقّ العلم زقّا، وكان يواكب شخصية ولده العباس في تحولاتها الكمالية التي تعطي قراءة واضحة المعالم في اختزال التقريض والثناء، من خلال ما شهد له الامام ع، ويمكن القول: إن اهتمام الامام ع بولده أبي الفضل العباس هو أحد التحضيرات المهمة لتعزيز المشروع الحسيني القادم.
والذي يمثل المرحلة الأخطر والأهم في جهود النبي ص وجميع أئمة أهل البيت ع، ولا بد لهذا المشروع أن تُهيأ آليات انجاحه من خلال الإعداد المتقن والتحضير المتكامل على يد المعصومين ع.
فمن أحاديث النبي ص إلى تنويهات الإمام علي ع إلى إعداد الإمام الحسن ع لإنجاح هذا المشروع الرسالي، وكانت الاعدادات متعددة الجوانب، كثيرة الموارد، وكانت شخصية أبي الفضل العباس ع، من أهم وأبرز هذه الإعدادات، ولا بد أن يكون التحضير العلمي لهذه الشخصية من أولويات الإمام أمير المؤمنين ع في الاعداد، ليكون هذا العلم مستوعباً، لأطروحة الإمامة ومشروعه المتمثل بنهضة سيد الشهداء ع.
- إذن، هي دعوة للانتباه الى الوعي المعرفي؟.
الوعي المعرفي هو الأساس في التعامل مع المتغيرات التي تؤسس لقضية ما، من هنا فقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين ع قوله في ولده العباس ع: «إن العباس بن علي زُقّ العلم زقاً».
وهذه الشهادة التي شهد أمير المؤمنين لولده العباس تعطي انطباعاً مهماً عن شخصيته العلمية، فضلاً عن تفقهه وبصيرته، وسيأتي في شهادة الإمام الصادق A انه على بصيرة من أمره.
- وما ورد عن صفات العباس ع عند الأئمة ع؟
ما ورد عن الإمام زين العابدين ع، ونوّه عن مقامه ومرتبته التي لا يدانيها أحد، وترحّم عليه، وبكى له، ورعى ولده بعده، وكانت له مواقف تنبئ عن عظمة أبي الفضل العباس ع عند الإمام زين العابدين ع.
ثم قال ع: «رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتى قُطعت يداه، فأبدله الله (عز وجل) بهما جناحين، يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة».
إن الامام زين العابدين ع ذكر مراتب الإيثار والبلاء والفداء التي تميز بها أبو الفضل العباس، فالإيثار الذي آثر به آخاه الحسين ع، ووقاه بنفسه، وقدم أخاه على كل شيء، ولم يدرْ في خلد أبي الفضل ع سوى سلامة أخيه الحسين وحياته الشريفة، وهو اندكاك وذوبان في نفس المعصوم أظهره العباس ع في مواقفه كلها.
فقد ورد عن الإمام الصادق ع قوله بصفة مهمة وهي نفاذ البصيرة.
ولابد من أجل الثبات على هذا الموقف من معرفة وبصيرة توجب الإيمان الذي لابد أن يتحلى به الشخص الذي يتبنى موقف النصرة للإمام الحسين ع، وما صدر من أبي الفضل العباس ع من البأس والشجاعة والفداء والإخلاص كلها بسبب ما امتاز به من بصيرة نافذة في تحقيق أهداف الإمام الحسين ع من المضي بمشروعه الإلهي ذلك.
«صُلْب الإيمان» وصلابة الإيمان تعطي بُعداً من البأس والشجاعة والثبات.
(جاهد مع أبي عبد الله ع وابلى)
ورد عن الإمام الحجة عج في أبي الفضل العباس ع قوله:
«السلام على العباس بن علي بن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي له، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه».
وهذا التسليم من الامام الحجة عج يشير الى حالات المواساة والفداء والتضحية التي تميز بها العباس ع، واشتهرت عنه هذه الصفات التي أشارت الى التعريف بشخصيته وجهاده.