الشاعرة والكاتبة المبدعة إيمان كاظم: ((صوت المرأة ما زال مسموعاً ومؤثراً له مساحة أوسع من المساحة التأثيرية للرجل))

03-04-2020
علي الخباز
نلتقي الشاعرة والكاتبة المبدعة ايمان كاظم مسؤولة شعبة (مركز إعلام المرأة والطفل) في قسم إعلام العتبة الحسينية المقدسة/ دبلوم انجليزي/ طالبة مرحلة ثانية كلية الآداب/ قسم الصحافة/ لديها مجموعة شعرية بعنوان (فصول الجوزاء)، فكان لنا معها هذا الحوار:
صدى الروضتين:ـ ينظر الإعلام العربي الى المرأة ككائن استهلاكي؟
الكاتبة إيمان كاظم:ـ لو سألنا أنفسنا كيف يصدر الاعلام الغربي أنموذج المرأة الغربية؟ وكيف يحاول التضليل والتمويه بأن جعل المرأة العربية وكأنها لم تستطع أن تصل الى مصاف المرأة الغربية، بالرغم من دخولها عالم السياسة بقوة، وداخلة في المجال العلمي في الميدان الثقافي؟
المرأة في الغرب تتوج بدعاية وإعلان باعتبارها رديفة الرجل؛ كونها انساناً، فعمل التضليل الغربي بأن يلقي ضوءه على الاعلام العربي، ولهذا يعتبر هذا الاعلام أن المرأة العربية كائن مستهلك، بينما المرأة الغربية كائن منتج..! وهذه الإشكالية ضخت للسوق أضواء إعلانية جديدة محتواها تسويقي: كتعريف المرأة بالمنتجات التي تخص المرأة العربية من أجل تصريف هذه المنتجات.
الاعلام بداية استخدم المرأة على انها مجرد شكل اكثر مما تكون انسانة فكر، بدليل أن بعض الإعلانات التجارية استخدمت وجوه المشاهير للترويج والتسويق وحتى لو كان هذا الوجه يمتلك نشاطاً إنسانياً ليعكس لنا الأنشطة التجارية، هذه كارثة حقيقية، فهناك مشاهير غربيات ممثلات وفنانات، لديهن أفكار تحررية، وناشطات معروفات إنسانياً، ويتم التركيز عليهن إنسانياً وفكرياً، بينما في الوطن العربي أيضاً نمتلك اعلاميات وناشطات، لكن الاعلام مسلط عليهن كشكل أكثر مما يسلط عليهن فكرياً.
المرأة عندنا بدأت ترسم حدوداً أكثر دقة بشخصياتها من ناحية الكتابة، ومن ناحية تحملها للمسؤولية الإنسانية لتعيد دورها التاريخي، عندما كانت تقدم الدعم اللوجستي في الحروب.
اليوم أعادت الى الأذهان تلك الوقفات البطولية من خلال وقفتها في دعم الرجل في الحشد الشعبي، فكانت تصل الى مناطق المجابهة من أجل الدعم اللوجستي، وتقديم المساعدات، ومواجهة الطغيان، هذه هي مكانة المرأة العراقية التي لابد أن تكون هي العنوان.
وما زال الاعلام الغربي ينظر الى المرأة العربية والعراقية أنها كائن مستهلك يهتم بالشكل أكثر من الثقافة والفكر، اليوم نحتاج الى وقفة المرأة نفسها في اثارة الحراك النهضوي كناشطة إنسانية تثابر من أجل أن تظهر حقيقة المرأة بأن الاهتمام بالنفس لا يتقاطع مع الموقف الإنساني وفكرها الوقاد، وانها قادرة على الفكر، وإدارة حوارات ونقاشات مدركة تؤثر في الرأي الجمعي، نحن لدينا أزمة الرأي الجمعي.
المشكلة التي تعاني منها الآن؛ بسبب وسائل التواصل الاجتماعي أن الفكرة تطرح وتسوّق بعد لحظات الى الملايين، وهذا ما يخص تأثير الاعلام العربي على المرأة، أرى ان مثل هذه القضية لا يمكن أن تتغير، اذا يكن هناك موجود حقيقي من المرأة نفسها، نحن لا ننتظر عصا سحرية تغير هذه النظرة، ولا نقدر على تغيير هذه النظرة إلا من خلال نشاطاتنا الحقيقية على أرض الواقع تدريجياً ممكن أن تضاهي المرأة الغربية في الميادين الفكرية والثقافية.
نسأل: لماذا المرأة الغربية متصدرة من الناحية الفكرية؟ هل لأن القيود اقل وقدرتها على الحوار مع الرجل اكثر مجالاً؟ لذلك أثبتت انها قادرة على استثمار هذا الفرص الممنوحة أكثر من المرأة العربية التي هي أقل حظوة في اثبات حضورها الإعلامي والفكري.
لكن لابد أن نقف على حقيقة: هل حقاً هناك ممنوعات حقيقية تعاني منها المرأة العربية؟ لا أعتقد، وانما هي المانعة نفسها خوفاً من التقاليد والأعراف والاعتقادات، وإلا فصوتها مثلما أكدت ما زال مسموعاً ومؤثراً له مساحة أوسع من المساحة التأثيرية للرجل، وهناك أدلة، فمساحة التأثير من خلال وسائط التواصل الاجتماعي موجودة، وقد أخذ هذا التأثير مساحة أوسع، حتى أخذ غضب الناس ينصب على البرلمانيات أكثر من البرلمانيين..! وهذا يعني هنا تأثير على عصب القرار، ويعني المرأة عندنا تمتلك الحظوة، لكنها لا تعرف كيف تقدم هذه الحظوة، لترفع أول حاجز هو حاجز الاندماج في المجتمع، لتتجاوز مرحلة الانتقادات لمرحلة أهم وأبعد الى بناء صرحها الإنساني الوهاج.

صدى الروضتين:ـ رؤى التحرر بين مفهوم ثقافة المجتمع، وتأثير المستورد الإعلامي من مسلسلات مدبلجة عربية واجنبية؟
الكاتبة إيمان كاظم:ـ قبل فترة استمعت لحلقة إذاعية تتحدث عن الطلاق، ويريدون معرفة أسباب الطلاق في المجتمع العراقي، هي المشكلة الاجتماعية المتصدرة حالياً، انا ذهبت الى المحكمة، ورأيت أرقاماً واحصائيات تدلنا اننا أمام كارثة؛ لأن الطلاق أصبح أكثر من حالات الزواج، لكن لو عدنا الى مسألة العقل، فهناك عثرة لابد من تجاوزها، والأسباب التي تسبب الطلاق ممكن تجاوزها.
أثارت الحلقة الإذاعية تساؤلات واضحة عن أسباب الطلاق، وصار الميل الى تجريم سبل التواصل الاجتماعي بما اوجدت من سبل تقاربات مغرية، شجعت لتنامي بعض الخيانات الزوجية.
أنا برأيي ليس هذا عصب الموضوع، قبل سنوات كانت فكرة الانفصال ليست سهلة أبداً، قلما كنا نسمع عن امرأة منفصلة او مطلقة، لأن المرأة حينها كانت في ظل رعاية الرجل، بعد مرحلة 2003م انفتحت مجالات التوظيف، فصارت المرأة تمتلك امكانية مادية مستقلة، صار عندها مجال أوسع للانفصال بعدما تقدم مبررات لعائلتها، الآن هناك اكتفاء مادي يمكنها أن تعيش ضمن عائلتها، دون أن تكلفهم عزلتها شيئاً، لن تكون عالة على العائلة؛ لأنه كان أكثر أسباب رفض الطلاق هي المسألة الاقتصادية، اغلب المنفصلات اليوم لديهن عائد مادي وظيفي او نفقة تكفي مصاريفها، أما سابقاً لم تكن النفقة تكفي
المسألة الثانية أرجع لموضوع المسلسلات المدبلجة، أتوقع انها لم تُوضع اعتباطاً: (القصص، السيناريوهات المحبوكة بشكل غريب)، هو زرع فكرة أن المرأة لها تمكن ومقدرة لمواجهة أي مشكلة بأن تبحث عن حياة ثانية، وهذا دافع نفسي مهم تستسيغ من خلاله فكرة الانفصال.
وهذه القضية فيها الكثير من التحريف، فالفرص بالنسبة للمطلقة تكون أكثر تعقيداً، نظرتنا للمطلقة لا تتغير، باعتبار البعض ينظر اليها كفريسة اسهل لإعطاء التنازلات، يُنظر اليها كامرأة تبحث عن معين، تريد رجلاً يحميها ويبعد عنها كلام الناس، هذه النظرة لم تتغير، وستصطدم بمشكلات اكبر بعد أن تأقلمت على هذه الخطوة التي كانت نتيجة تراكمات، فقبل مرحلة الراتب والاطمئنان المادي كان لديها تخوف من الاعالة، كان لديها قلق حقيقي.
المسلسلات العربية والأجنبية المدبلجة سهلت وعرضت لنا ارتباطات وعلاقات زوجية عاطفية لا تتوازن مع مجتمعنا، ولا تنسجم مع حياتنا؛ لكوننا نختلف عن الآخر، لدينا ظروف اقتصادية واجتماعية مختلفة، المهم التزامنا الديني وعقائدنا تمنع من احتمال مثل هذه السيناريوهات؛ لكونها حياة افتراضية.
لو نرجع الى المخيلة، ونسأل: من أين نأتي بهذا السحر الذي يسوقونه لنا أن المرأة المنفصلة قوية، وسهمها النجاح دائماً؟ تبدأ المرأة المنفصلة بحياة جديدة، حياة أفضل؟ وتُسرب هذه الفكرة الواهمة بـأنماط قادرة على التأثير لتقدم على فكرة الانفصال وتعايشها، وإذا بها تقدم على ندم لا يرحم.