فرقةُ العبّاس القتاليّة تنظم حفلاً لتكريم الداعمين لمشروع محو الأمية

20-03-2020
علي طعمة حمادي
نَظّمت فرقة العباس ع القتالية أحد تشكيلات هيئة الحشد الشعبي المقدس التابع للعتبة العباسية المقدسة حفلاً لتكريم الملاكات التعليمية المتمثلة بمديريّتَيْ تربية كربلاء المقدسة وصلاح الدين الداعمتين لمشروع محو الأُمّية بين صفوف مقاتليها، فضلاً عن المتعلّمين المتميّزين الذين بلغ عددهم (969) متعلماً ممّن يجيدون الكتابة والقراءة.
الحفل الذي احتضنته قاعة الإمام الحسن ع، شهد حضور عدد كبير لوفودٍ وشخصيّاتٍ مثّلت جهاتٍ عديدة.
استُهِلَّ الحفل بتلاوة آيٍ من الذكر الحكيم وقراءة سورة الفاتحة ترحّماً على أرواح شهداء العراق الأبرار، ثمّ الاستماع للنشيد الوطنيّ العراقيّ ونشيد العتبة العبّاسية المقدّسة الموسوم بـ(لحن الإباء)، لتأتي كلمة الأمانة العامّة للعتبة المقدّسة ألقاها بالنيابة رئيس قسم الإعلام فيها الدكتور مشتاق العلي، وبيّن فيها:
أنّ الله تعالى قال في محكم كتابه الحكيم: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)، تؤشّر هذه الآيةُ المباركة صنفَيْن مهمَّين من البشر بلحاظ مفهوم العلم، سواءً كان ذلك على المستوى العامّ أو المستوى الخاصّ، ولولا أهميّة هذا التأشير لما أولاه الله سبحانه وتعالى أهميّة، بحيث شغل له حيّزاً في كتابه الكريم.
مبيّناً: أنّ الجانب الأوّل: يتعلّق بقضيّة كون شريحة الذين لا يعلمون – بالضبط - كالخاصرة الرخوة في المجتمع، إذ يسهل على الآخر – السلبيّ - أن يخترق تلك الخاصرة، بحيث يُمكن أن يغلو وأن يُحدِث ما يُحدِث في المجتمع من خلال ذلك المنفذ السهل، وفي المقابل تكون شريحة الذين يعلمون واحدةً من مستويات الصدّ ومقاومة ذلك الاختراق.
الجانب الثاني: فيما يتعلّق بالجانب الميدانيّ، ونحن الآن في رحاب هذا التشكيل المبارك - فرقة العبّاس ع القتاليّة - التي كان لها الأثر البالغ في حركة النصر على داعش، من المؤكّد أن تكون شريحةُ المقاتلين من الذين لا يعلمون أقلّ دقّةً من شريحة المقاتلين الذين يعلمون في تنفيذ التعليمات وتحديد الإحداثيّات، وما إلى ذلك من جوانب ومستلزمات الحركة في الميدان.
وأضاف: ومن هنا جاءت عناية العتبات المقدّسة لا سيّما العتبة العبّاسية المقدّسة التي أولت عنايةً خاصّة ومهمّة بملفّ التربية والتعليم، سواء أكان ذلك على مستوى التعليم الأكاديمي ابتداء من رياض الأطفال مروراً بالمدارس وانتهاء بالكلّيات والجامعات، أم النمط الآخر من التعليم الذي يتعلّق بتعليم القابلين للتعلّم من ذوي الاحتياجات الخاصّة، أو ممن فاتهم أن يلتحقوا بالسلك الرسميّ للتعليم، وفي هذا السياق جاءت عنايةُ فرقة العبّاس A القتاليّة للاهتمام بهذا الملفّ الحسّاس والحيوي جداً.
وبيّن: الحفل ليس هو الحفل الأوّل بالنسبة لهذه الفرقة، إذ سبقته احتفالات سابقة تعلّقت بموضوع تعليم الكبار والمجاهدين، ويأتي هذا الحفل لحصد ثمار ما سبق من أنشطةٍ وفعّاليات تتعلّق بهذا الجانب.
مشيراً: أنّ موضوع محو الأُمّية مهم جداً بجانبيه اللذين تمّ ذكرهما، وأعتقد أنّ الجميع يعلم أنّ الذين تحرّكوا لحرف البلاد والعباد هم عملوا على تفخيخ الفكر والعقل قبل أن يفخّخوا الجسد، ولولا حركاتُ التوعية التي عملت على تطهير العقل والفكر من تلك الحركات السلبيّة والمشبوهة؛ لما استطعنا أن نحرّر الجسد من أغلال وقَيد تفخيخه، لذلك نبارك للإخوة في فرقة العبّاس ع القتاليّة هذا الإنجاز المبارك في أن يحتفوا بـ(969) دارساً، قد تجاوزوا آفةَ الأُمّية وفقدان مهارة القراءة والكتابة في هذا الزمن الذي بدأ التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعيّ، أصبح الأمرُ حتمياً في أن نلتحق بركب المعرفة والعلم، ذلك أنّ التعامل لم يعد محصوراً بالتواصل الاعتياديّ في الورقة والقلم، وإنّما أصبح التفاعل بأجزاء من الثانية.
موضّحاً: ينبغي أن نلتفت ونعمل ليس فقط على مكافحة محو الأمّية، وإنّما السعي لتطوير المهارات بالتعامل والعيش مع العالم الجديد.
واختتم: نتمنّى للقائمين على هذه المبادرة الطيّبة كلّ التوفيق والسداد، ونتمنّى إن شاء الله أن تكون كلّ التشكيلات الأخرى عاملةً على نفس النسق، وأن نتخلّص من هذه الآفة لننعم ببلدٍ مليءٍ بالمعرفة والعلم، وأن يكون مستعدّاً لصدّ أيّ تفكيرٍ لمحاولة غزو هذا الشعب المبارك.
أعقبتها كلمة لفرقةِ العبّاس ع القتاليّة ألقاها بالنيابة الشيخ قاسم الجبوري رئيسُ قسم التوجيه الدينيّ فيها، وممّا جاء فيها:
إنّه بعد علمنا بوجود حوالي (12 ألف) أُمّي في صفوف مقاتلي الحشد الشعبيّ، وجّهت قيادة الفرقة بضرورة التحرّك بسرعة وجديّةٍ على أن لا يبقى أيّ شخصٍ أميّ من مقاتلي الفرقة، وأن يتعلّموا القراءة تبعاً لسقف زمنيّ أمدُه نهاية عام 2019م، من أجل الوصول إلى هدفنا وهو محو الامية بين صفوف المقاتلين.
مبيّناً: بدأنا بالتنسيق مع الإخوة في مديريّة تربية كربلاء المقدّسة، وتمّت تهيئة الملاك التعليميّ من قبلنا بواقع (25) معلّماً تمّ زجّهم بدورةٍ خاصّة، لنقوم بعد ذلك بإحصاء أعداد الأمّيّين في الفرقة، فوجدنا هناك (1200) مقاتل أمّي، فشرعنا بعد ذلك بافتتاح (11) مركزاً لمحو الأميّة في مختلف القطعات والمناطق التي يتواجد فيها مقاتلو الفرقة، وتكفّلت مديريّةُ تربية كربلاء بالمناهج الأساسيّة والتكميليّة، لنقوم بعدها بهذا المشروع حتّى تمّ تخرّجهم وحصولهم على وثيقة الرابع الابتدائيّ، وبلغ عددُهم (969) مقاتلاً خلال عامٍ واحد، كما كان لمديريّة تربية صلاح الدين جهدٌ في هذا المشروع من خلال تعليم المقاتلين المرابطين في مناطق هذه المحافظة.
جاءت بعدها كلمة المدير العامّ للجهاز المركزيّ لمحو الأميّة في وزارة التربية الأستاذ عبد بيوم جليل، التي أوضح فيها:
أقدّم شكري وتقديري للأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة والجهات المشاركة في هذا الاحتفال للحدّ من تفشّي ظاهرة الأُمّية، فالقضاء على الأُمّية صار ضرورةً حتميّة لكلّ فردٍ يريد أن يحافظ على نمط التعلّم في الحياة، فالتطوّرات التكنولوجيّة السريعة تقتضي من الفرد أن يطوّر مهاراته الجديدة، ومع كلّ هذا لا زالت مشكلةُ محو الأمّية في المجتمع العربيّ الإسلاميّ بصفةٍ عامّة والمجتمع العراقيّ بصفةٍ خاصّة، واحدةً من المعوّقات التنمويّة التي تُعيق التعليم المستمرّ.
تلتها كلمةُ مدير تربية كربلاء المقدّسة الأستاذ عبّاس عودة، التي جاء فيها:
إنّ الأمم تقاس بمعرفتها وتعليمها وثقافتها، وتطوّرها يعتمد بالدرجة الأساس على بناء التعليم بصورة صحيحة، ونقول: الآن آن الأوان لسنّ القوانين التي من شأنها أن ترفع مستوى التعليم في بلدنا، وكلّ الطاقات يجب أن تُستثمر في هذا، فعندما وجدنا أبطال فرقة العبّاس القتاليّة راغبين في التعلّم بذلنا كلّ الجهود، من أجل تخريج دفعةِ متعلّمين بالتعاون معها، ونتمنّى أن يقف الجميعُ معنا لنشر ثقافة محو الأميّة في محافظة كربلاء.
بعد ذلك عُرِض فيلم وثائقي وضّح مراحل هذا المشروع وآليّة التعليم المتّبعة فيه، ليُختتمَ الحفلُ بتكريمِ الكادرِ التعليميّ والمساهمين والمتعلّمين المتميّزين.
صدى الروضتين التقت بالأستاذ مؤيد خضير العبيدي الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا لمحو الأميّة فقال:
حضرنا إلى هذا المحفل للمشاركة مع إخواننا في فرقة العباس ع القتالية ويأتي هذا الحضور تكريماً للدارسين الذين دخلوا مراكز محو الأميّة قبل أكثر من عام تقريباً، حيثُ تَم التنسيق مع مديرية تربية كربلاء المقدسة وقسم محو الأميّة في المحافظة بفتح مراكز للأميين الموجودين من خلال الإحصائيّة والأعداد التي تَمّ حصرها في تشكيلات الفرقة وغيرها.
مضيفاً هذا البرنامج نعمل عليه من أجل محو الأميّة في كافّة المؤسساتِ الموجودة في العراق وخاصةً تشكيلات الحشد الشعبي الذين شاركوا في المعارك ضد زمر داعش الإرهابي ولم تسنح لهم الفرصة لإكمال دراستهم وبدورنا منحناهم شهادة الرابع الابتدائي وهناك مجموعة لديها الطموح في إكمال الدراسة الابتدائية والدخول في الدراسة المتوسطة.
من جانبه، بيّن المُقاتل والمُتعلّم ضمن مشروع محو الأميّة علاء رشيّج من أكاديميةِ فرقة العباس (علية السلام) القتالية:
نشكرُ كلَّ القائمين على هذا المشروع المهم الذي يستهدف المقاتلين في فرقةِ العباس ع القتالية من الذين لا يستطيعون القراءةَ والكتابة، واليوم بفضلِ الله تعالى وبفضلِ القائمين على هذا المشروع صار بإمكاننا القراءة والكتابة، وتولّد لدى البعض منّا الطموح في إكمالِ دراستهِ الابتدائية، والوصول إلى أبعد من ذلك.