تحت شعار: (الإمام الباقر ع ذخر الرسالة وكنز الإمامة) أقامت العتبة العباسية المقدسة مهرجان الإمام الباقر ع الثقافي السادس
16-03-2020
طارق الغانمي
تزامناً مع ذكرى ولادته المباركة، انطلق في كربلاء المقدسة موسم أعمال مهرجان الإمام محمد الباقر ع الثقافي بنسخته السادسة، الذي تنظمه العتبة العباسية المقدسة سنوياً، وجاء في هذا العام تحت شعار: (الإمام الباقر ع ذخر الرسالة وكنز الإمامة)، للوقوف على بعض شذرات وأنوار الإمام الخامس من أئمة أهل البيت ع.
الحفل احتضنته قاعة الإمام الحسن ص في صباح يوم الثلاثاء المصادف (25 شباط 2020م) الموافق (30 جمادى الآخرة 1441هـ) بحضور شخصيات متنوعة من رجال الدين والأكاديميين والباحثين والمفكرين.
وقال نائب رئيس قسم الشؤون الدينية فضيلة الشيخ عادل الوكيل، في كلمة خلال حفل افتتاح أعمال الموسم:
إن الإمام الباقر ع صورة أخرى لجده المصطفى محمد ص، الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، الذي امتاز بالصبر الجميل على البلايا والمصائب التي حلت بالأمة الإسلامية وبأهل البيت ع خصوصاً؛ بسبب الانحراف عن الصراط المستقيم، فتحمّل الآلام، وظل يتحرك وسط الجماهير المسلمة يمد يد العون للفقير بلطفه ويعين الضعيف، فكان يعطي الدروس والعبر حتى نال الشهادة، ليدفن قرب أبيه في روضة البقيع ع.
مضيفاً: ومن باب استكمال الدرب الذي خطه أئمتنا ع، والحفاظ على علومهم وتراثهم وسيرتهم الحسنة، لتتناقلها الأجيال وتستنير بهديهم الأمم والشعوب، نهیب بكافة الإخوة من الكتّاب والمؤلفين (أعزّهم الله) أن يواصلوا التدوين المعرفي في هذا المجال، والمشاركة في المهرجانات والمؤتمرات والمسابقات التأليفية والتدوينية، التي من شأنها رفد المكتبة الإسلامية العريقة بالمنصف والموضوعي من المؤلفات والبحوث بطرائق منهجية علمية، تبرز كنوز ومعارف أئمة أهل البيت ع والعلماء الأجلاء، الذين ساروا واقتفوا أثر هذا المعين الصافي، لنحیى في عالم مشرق أكثر أملاً وتفاؤلاً، وفي غد تنعم البشرية ببركات وجود أنوار الأرض والسماء الذين أرسلهم الله (عز وجل)، ليأخذوا بيد العالم إلى بر النجاة والأمان.
بعدها ارتقى منصة الحفل الشاعر الكبير عادل الصويري ليلقي قصيدة من الشعر العمودي، أتحف الحضور بها وترنمت أبياتها بصاحب الذكرى ومآثره العظيمة.
ليشهد الحفل جلسة بحثية، متضمنة قراءة لملخص بحث توسم بـ(الإمام الباقر ع ركن من أركان التدين الإلهي) للباحث فضيلة الشيخ علي موحان، متناولاً فيه ثلاثة فصول كانت على النحو الآتي:
الفصل الأول: خصصه لبيان التدبير الإلهي في مسألة الهداية، مشيراً فيه إلى أن التدبير الإلهي من جهة الهداية منبعث من لطف الله (عز وجل) بعباده، وأنه بلطفه لابد أن يوفر لعباده كل ما يكون معيناً ومساعداً لهم في الوصول إلى كمالاتهم المرجوة، فهناك جملة من الأمور التي منّ الله بها على الإنسان وعلى رأس هذا الأمور أنه بعث الأنبياء ع، وعزز نبوتهم بالأوصياء ع، وعلى هذا الأساس كان هناك تدبير إلهي يمكن أن يُعبّر عنه بمنظومة متكاملة من التدبير، وإن ما قام به الأئمة ع فعل مادي له أثر ضخم وكبير، باعتبار جميعهم ضمن منظومة إلهية، وكلّ يؤدي تكليفه الخاص به، وهذا التكليف إنما له علاقة في هذه المنظومة المتكاملة، وبخلافه عدم وجود أي واحد منهم وبضمنهم الإمام الباقر ع تنهار هذه المنظومة.
وتناول الكاتب في الفصل الثاني: أثر الإمام الباقر ع في الجهة العقائدية، فكانت سياسة الدولة في زمنه سياسة تجهيل، فقد حرص ع على أن يحدد هوية للمؤمن تميّزه عن غيره، وإنها متوقفة على أمرين أساسيين: ولاية أمير المؤمنين ع من جهة والبراءة من أعدائه من جهة أخرى، أي لا يمكن للعقيدة أن تكون مستقرة إلا بهذين الجناحين -جناح البراءة والإمامة-.
وفي الفصل الثالث بين الباحث: دور الإمام ع في الجانب الفقهي، إذ كانت الأجواء في وقته تتبع سياسة التجهيل، ففتح للناس وبيّن لهم مناسك حجهم وصلاتهم وحرامهم حتى صاروا يحتاجون إليه بعدما كانوا يعتمدون على الناس، فكان دور الإمام ع دور هداية وتنوير بفتحه المدرسة المحمدية الفقهية الكبيرة.
وفي عصر نفس اليوم، أُقيمت جلسة بحثية أخرى بإلقاء ثلاثة بحوث مهمة، أولها للدكتورة كريمة نوماس المدني، التدريسية في جامعة كربلاء، وتوسم بحثها بعنوان:
(خطابات الإمام الباقر ع.. دراسة بين عناصر التشكل ووظائف التأثير قراءة في ضوء بلاغة الجمهور)، وبيّنت فيه مصطلح (بلاغة الجمهور) الذي يُعد حديث الدخول للساحة العربية، وأدخلت بعض أقوال وخطابات الإمام الباقر ع ضمن مصطلح بلاغة الجمهور، لتجد أن أقواله وأقوال الأئمة ع كانت رسالة تواصلية تفاعلية للمتلقي، بإعتبار كانت هناك نخبة معينة تستمع إلى أقوالهم وتطبقها.
أما البحث الثاني، كان للدكتور داوود سلمان خلف الزبيدي بعنوان:
(مرويات الإمام الباقر ع في كتاب - الفرج بعد الشدة - للقاضي التنوخي)، واختار فيه الباحث مجموعة من الأحاديث المروية عن الإمام الباقر ع وإيضاحها بشكل مفصل، كما عرّج على أهمية هذه الأحاديث التي تؤكد على التمسك بنهج القرآن الكريم ورسالة النبي الأكرم محمد ص وأهل بيته الكرام ع، والتمعن بالأدعية المأثورة عنهم.
لتُختتم هذه الجلسة ببحث الأستاذ محمد حسين عبود من جامعة كربلاء، المعنون:
بـ(مفهوم العلاقات الاجتماعية في فكر الإمام الباقرع)، وقد أشار في بحثه إلى مفهومين، الأول: مفهوم العلاقات الاجتماعية في المنظور الشرعي وفي سنة النبي محمد ص وأهل بيته الكرام ع، وتناول فيه مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث التي تبين أهمية تلك العلاقة، بينما المفهوم الثاني: تناول مفهوم العلاقات الاجتماعية في فكر الإمام الباقر ع، مسلطاً الضوء حول أحاديث وروايات الإمام ع وتحدث عن أهمية العلاقة بين الفرد ونفسه والفرد وعائلته والفرد والمجتمع.
إسدال ستار فعاليات مهرجان الإمام الباقر ع الثقافي بنسخته السادسة
شهد مساء يوم الثلاثاء (25 شباط 2020م) اختتام فعاليات النسخة السادسة من مهرجان الإمام الباقر ع الثقافي، الذي أقامته الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة تحت شعار: (الإمام الباقر-ع- ذخر الرسالة وكنز الإمامة).
وتضمن حفل الختام تلاوة آيات من الذكر الحكيم، لتعقبها بعد ذلك كلمة اللجنة التحضيرية للمهرجان التي ألقاها معاون رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية الأستاذ عقيل عبد الحسين الياسري، وقال فيها:
إن العناية الفائقة التي أولتها العتبات المقدسة للشخصيات الإسلامية الرفيعة، كانت وما زالت من أهم الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، بدايةً من المهرجانات التي تقام بذكرى ولادة الرسول الأعظم محمد ص وولادة الإمام أمير المؤمنين ع وعيد الغدير الأغر، ومن ثم مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الكبير ومهرجان الإمام الحسن المجتبى ع، ومهرجان الإمام السجاد ع الموسوم بـ(تراتيل سجادية) وغيرها من المناسبات الخاصة بمواليد ووفيات الأئمة الأطهار ع.
وأضاف: دأبت العتبة العباسية المقدسة بأقسامها المعنية إلى إحياء أمر أهل البيت ع في الأمة، وإعادة نور سيرتهم المباركة ونصوصهم المقدسة، فهي قد قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، وقد أولت تاريخ أهل البيت ع مزيداً من الاهتمام؛ لكونه تاريخاً ناصعاً بالقيم الإنسانية النبيلة التي تحتاجها البشرية على الدوام، وإننا على إيمان كامل بأن سيرة الأئمة الأطهار لو عُرضت بالصورة المطلوبة وبُينت للناس، لرأينا أثرها في نفوس سائر البشر، إذ هي سيرة إنسانية خالصة تؤثر بمن يقرأها ويسمعها ومن يتأمل فيها.
وتابع الأستاذ الياسري: نظراً لأهمية سيرة الأئمة المعصومين ع والفوائد المترتبة عليها والنتائج الكبيرة المتوخاة منها، ولموقع الأئمة الأطهار في الدين الإسلامي توجهت عناية العتبة العباسية المقدسة عبر قسمي الشؤون الدينية والشؤون الفكرية والثقافية، إلى إقامة مؤتمر علمي ومعرفي يدرس سيرة الإمام محمد بن علي الباقر ع، ومواجهته للانحرافات الفكرية والدينية في عصره، وقد عُنون المؤتمر بـ(الإمام الباقر ع ذخر الرسالة وكنز الإمامة)، تزامناً مع ذكرى ولادته المباركة في الأول من شهر رجب الأصب.
واختتم: لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسهم واهتم بنجاح هذا المؤتمر المبارك، خدمة للدين وإحياء لأمر أهل البيت ع.
وفي ختام الحفل، قدمت الدروع والشهادات التقديرية إلى المشاركين والباحثين في المهرجان وسط إشادة ورضا كبير في إحياء تراث أهل البيت ع وتبيان علومهم ومناقبهم.
على هامش مهرجان الإمام الباقر ع
الثقافي السادس
الصحن العباسي المطهر يحتضن أمسية قرآنيّة مباركة
في ليلة قرآنية فاح منها شذى ربيع القلوب، ليملأ الأرواح سكينة وأمانا، نظم معهد القرآن الكريم التابع إلى العتبة العباسية المقدسة أُمسية قرآنية مباركة ضمن مهرجان الإمام محمد الباقر ع الثقافي السادس الذي أُقيم بمناسبة ولادته الميمونة، بمشاركة نخبة من قراء العتبة المطهرة، وبحضور زوار صحن المولى أبي الفضل العباس ع.
الأمسية أُقيمت مساء يوم الثلاثاء (25 شباط 2020م)، واستُهلت بتلاوة عطرة للقارئ عمار الحلي، لتعقبها تلاوة مباركة للقارئ فيصل المطر، ليكون مسك الختام مع تلاوة بالطريقة العراقية تلاها القارئ محمد رضا سلمان. بعدها كُرِّمَ المشاركون بشهادات تقديرية من قبل الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة.
صدى الروضتين أجرت لقاءات عدة، وكانت أولها مع عضو اللجنة التحضيرية للمهرجان الأستاذ عقيل عبد الحسين الياسري، فقال:
الكل يعلم أن أهل البيت ع هم عنوان مضيء في الحياة الإنسانية، وعنوان شامخ في حركة التاريخ والمسيرة العلمية، نطق بها الوحي الإلهي، ونطق بها رسول الله J، ولهج بذكرها المسلمون من جميع المذاهب، وهم أعلام الهدى وقدوة المتقين، وهم مأوى أفئدة المسلمين من جميع أقطار الأرض، عرفوا بالعلم والحكمة والإخلاص والوفاء والصدق والحلم، وسائر صفات الكمال في الشخصية الإسلامية، فكانوا قدوة للمسلمين، ورواد الحركة الإصلاحية والتغيرية في المسيرة الإسلامية.
لذا تتواصل الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة للسنة السادسة على التوالي بإقامة مهرجان الإمام الباقر ع السنوي، وتناول في هذه النسخة عدة فقرات من البحوث الحوزوية والاكاديمية حول شخصية الإمام الباقر ع ودوره الريادي بالتصدي إلى الحركات الانحرافية التي ظهرت في زمانه، وأيضاً وتسليط الضوء على علمه الوافر وسيرته العطرة.
كما كانت هناك جلسة قرآنية مباركة، فضلاً عن بعض المشاركات الشعرية التي ألقيت أثناء حفل الافتتاح.
وأضاف: شاءت الأقدار وبسبب ظروف البلد الصعبة أن يكون المهرجان هذا العام كل مشاركاته وفعالياته محلية، بعد أن كان دولياً في السنوات السابقة، ونأمل أن تستقر أوضاع البلد حتى يعود بحلته العالمية في السنة القادمة حتى نتمكن من نشر تعاليم المبادئ الإسلامية وسيرة أهل البيت الطيبين الطاهرين وترسيخها في المجتمع.
فضيلة الشيخ عادل الوكيل معاون رئيس قسم الشؤون الدينية في العتبة العباسية المقدسة قال:
تعد المهرجانات والمؤتمرات التي تقيمها العتبة العباسية المقدسة لها الدور الفعال والحيوي في تعميق حياة وسيرة أئمة أهل البيت ع وتثقيف بها مكونات المجتمع وفق رؤية الدين الإسلامي الصحيح.
قد لاحظنا في المهرجان مشاركات بحثية علمية قيمة جديرة بالاهتمام والاطلاع عليها، لذا ندعو الله (عز وجل) النجاح والتوفيق لكل القائمين على هذا المهرجان المبارك.
وكان لقاؤنا الأخير مع الدكتور داوود سلمان الزبيدي من مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات والتدريسي في جامعة بغداد:
تجسد المشاركة في مهرجان الإمام الباقر ع عمق الانتماء الولائي لخط أهل البيت ع الرسالي الهادف، وتسعى فيه العتبة العباسية المقدسة إلى تثبيت واستذكار قضيتين مهمتين، الأولى: مجابهة الفكر المنحرف الذي واجهه الإمام ع آنذاك ومقارنته بالحركات الضالة الموجودة في العصر الحالي، التي أساءت إلى الرسالة السماوية السمحة ومزقت مكونات المجتمع بزرع التفرقة والتقتيل والتهجير ومسخ الهويات وإشاعة الفوضى.
أما القضية الأخرى: هي إبراز الدور العلمي والمعرفي للإمام محمد الباقر ع، وإثراء المكتبة الإسلامية ببحوث عقائدية ومعرفية فيها الكثير من الخطابات والمضامين والعلوم الإنسانية، التي تغني أجيالنا المعاصرة، بما يعدهم لمسك زمام المبادرة، وتحمل المسؤولية.
كل الشكر والتقدير للجنة المنظمة والقائمين على المهرجان بإبراز علوم أهل البيت ع بأبهى صورة، وتعريفها للناس، ونتمنى الديمومة والبقاء على هذا النهج الأصيل لخدمة البشرية والمجتمع.