(الـبـذخ فـي الـمـنـــاسـبـــات)

14-03-2020
سوسن عبد الله
تختلف نظرة الناس في هذه القضية، فهناك من ينظر الى مناسبة العرس على انها هوية تبرز معالم الحياة الاجتماعية، وتظهر الغنى والتمكن والعافية، وتثبت للأبناء روح المعزة والاهتمام بفرحهم من قبل العائلة، وهو باب من أبواب الكرم العراقي المجبولين عليه، وإلا ما نفع المال اذا لم يصرف بمثل هذه المناسبة، وبين من ينظر الى الأمر نظرة أخرى على أن ظاهرة البذخ والتفاخر والتبذير تقاد تحت سطوة العادات التي ورثناها، وانسحاب العوائل متوسطة الحال الى مجاراة الأغنياء لتزيدهم وجاهة بين الناس، والبعض يمارس هذه العادات تحت سلطة القسر كشرط من شروط الزفاف فيكون الأهل عرضة للعسر والديون كل ذلك من أجل مظاهر كاذبة، وفي استطلاعنا اليوم نتوجه الى شريحة من المثقفين لمعرفة كيف ينظرون الى هذه القضية:
ميسون موسى الموسوي - كلية التربية:
الذي أعرفه أن النبي J حين زوّج ابنته الزهراء الى أمير المؤمنين A أمر علياً بأن يذبح البقر والغنم، ونادى المنادي: اجيبوا رسول الله J فأجابوا من النخلات والزروع فبسط النطوع في المسجد وصدر الناس وهم اكثر من أربعة آلاف رجل وسائر نساء المدينة، ثم عادوا في اليوم الثاني واكلوا وفي اليوم الثالث اكلوا ثم دعا رسول الله J وارسل الصحاف الى البيوت.
كرم العرس يعني قضية إسلامية مرتبطة بإرث النبوة، لماذا اليوم نعتبرها زائدة ولابد من حذفها للتقشف؟ أرى ان رجال الدين وأهل الثقافة والاعلام عليهم ان يتثقفوا ضد الاسراف وليس ضد الاحتفاء بالأعراس ،ولتطوير الحياة هناك مستلزمات مثلاً ما عادت بيوتنا تسع مراسيم العرس، فما الضير أن نختار قاعة من القاعات.
معين نعيم الصياد - إدارة واقتصاد:
أولاً- لو نظرنا الى الامر الالهي يقول: «ولاتسرفوا...» ونهانا نبينا J ونصح المجتمع بنبذ هذه الظاهرة، وان كان في السر ولا يظهرها فمثلاً ان بذخت وبذرت بالعزيمة مثلاً ان البعض من المدعوين ينتقدك في قرارة نفسه، ثم ليس هناك للمعزة علاقة بالتبذير؛ لأنها شيء داخل نفس الانسان، وهي نوع من الزهو والتباهي لإرضاء غريزة التفاخر، وكذلك نرجسية مفرطة. المعزة في القلب وتظهر في العيون والابتسامة الحقيقية اذا ظهر او بان المعتز به، وان كنا لا نملك اية وسيلة للبذخ غير الابتسامة الباذخة بالفرح.
فوزية حميد الحجية:
القضية محيرة والأمور تناقش بروح الموعظة والعودة الى الدين والموروث والانسان وارتباطات حياته المادية والمعنوية والواقع المَعِيش يجعل الأمور بعكس ما يطرحه في الاعلام والعروس اذا قبلت بروح التقشف سيكون منظرها يختلف عن بنات جنسها، الاعلام يدين هذا الاسراف تسأل العروس: وما فرقي انا عن الناس، اذن لابد ان تكون الحلول اجتماعية عامة تناقش كيف يستطيع المجتمع ان ينهض بعيدا عن روح التباهي وعنجهيات الثراء الزائف؟
ثمة ضرورة اقتصادية، واجتماعية ينبغي أن تقنن بموارد الصرف الحقة، في الأفراح، والأتراح، فالإسراف تبديد للثروة التي بالإمكان اسثمارها بفعل الخير بالتكافل الاجتماعي حيث تسد الثغرات وتلبي الحاجات لمن هو بأمس الحاجة لها، وتفتح الآفاق لمشاريع اقتصادية حتى ولو صغيرة لسد حالات البطالة والاختناق الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، فضلاً على تأثيره النفسي السيء على الفقراء حينما يروا الإسراف والبذخ بالفرح عند الأعراس وهناك العشرات من المحرومين لذلك على من يُقدم على تلك الخصال أن يتجنب الإسراف؛ لكي لا يؤلم الفقير، من جهة ولا يبدد الثروة من جهة أخرى.
وهناك من يرى ان الفرح مرة بالعمر ومعزة ابن، نعم، الفرح مشروع، لكن دون تبديد للثروة بشكل غير عقلائي، وعليه النظر بروح إيمانية كلية للواقع الاجتماعي.
بعضهم يظن أن ماله الخاص له الحرية بالإنفاق كيفما كانت رغبته، لكن النظرية الاقتصادية إن المالكية لله، نحن مستخلفون عليه.. بفعل البر والخير والإنفاق اللائق من باب (لا ضرر ولا ضرار).
الخلاصة:
للمثقفين آراء متنوعة وهذا التنوع يحتاج الى وسطية في التعامل دون الاسراف، وممكن النظر الى الظروف الحياتية المستحدثة على انها تختص بغيرنا من اهل التمكن وليمد الانسان كما قال الاهل (أن يمد الرجل على قدر البسط)، ومع ملاحظة أمور الاخرين بعض المراسيم الاحتفائية تزعج الناس بما يذاع بصوت صاخب او اشغال الشارع بشكل يسيء الى الناس، ويعرض العرس والناس الى الضرر، والله الموفق.