كربلاء القلب.. الفصل الثاني (الطريق الى كربلاء)
29-02-2020
علي الخباز
(مسمع)
جوقة: العطش... العطش
فرادى: العطش... العطش... يا سيدي ياحسين.
امرأة: لقد أضرّ العطش بالأطفال والنساء، ألا ثمة سبيل لماء؟
العباس: أنين العطاشى يحز القلب من وجع، وبيني وبين الماء رماح مشرعة في صدر هذا الرواء، السكوت على الأمر مهلكة، والصبر في بعض المواقف خنوع، هي حرب معلنة ضد كل وريد، ولا فرق بين مهد طفل وهودج وسرج جواد يصهل في ميادين القتال، لا.. أتشتكي الفواطم عطشا وعلى يميني الفرات! والسيف دليل. (مع الحسين) امهلني الرخصة يا مولاي وسآتيك بالفرات أسير، فمحاريث الظمأ قاسية على اكباد صغارنا وانا كفيل الصبر، على جبيني قمر ورثته من محاريب سلوتها الصلاة.
(مسمع)
(ضفاف نهر الفرات)
عمرو بن الحجاج: تيقظوا هي الارض تخبرني ان على صهوتها رجالا اسرجوا الليل قرابا ظامئة، تجيء الورد بشغف مستميت، فأيقظوا الليل الذي فيكم حزمة وهج لاينام (يشعر بخطوات) من هناك.. فأني ارى رجالا اذبلها الظمأ فجاءت الورد متحدية اوامر الامير، تكلموا وإلا سأبعث السهام، تصطاد جثثا في كل يافع من الصدور.
نافع بن هلال الجملي: لو خشينا سهامك ما جئنا لنشرب من ماء قسر اسرتموه، مفاخرين بأعداد تفوق الخيال.
عمرو بن الحجاج: حط على صدر الماء واشرب كما تريد شريطة ان لا تحمل الى الحسين نسغ الحياة.
نافع: كيف لنا ان نشرب قطرة ويبتل الحشى بالرواء، والحسين يذوب جواه من العطش، ماء ملعون ان اجتاز سقي رضيع ظامئ ووريد امرأة يشكو الى الله هذا الجور.
(مع الجماعة): املؤوا القراب مثلما تريدون رغما عن تلك الاكفان البشرية الخاوية، وحثوا الرؤوس الخبيثة ان تطاولت بالرفض فالماء ماء الله لا يستحكمه التافهون، البعض يملأ القراب والبعض الاخر يصد أولائك الذئاب ولا احد يدنو وعلى الهمس كلام.
العباس: هيا ليشرب الحرائر والصبية حد الرواء.
احد الانصار (بهمس): اي رواء وهذا الجمع الظامئ لا يرويه نهر، حتما سيظمأ بعد قليل.
(مسمع)
صوت فريقين يتقدمان
الحسين: تأخروا عني الان ولا يتقدم معي إلا العباس وعلي الاكبر.
عمر بن سعد: وانتم تأخروا ولا يبق معي إلا ابني حفص وهذا الغلام.
الحسين: يا بن سعد، ألا سألت النفس في خلدك مرة، لِمَ تقاتلني؟ اما تتقي الله الذي إليه معادك، ام صرت تنكر هذا المعاد، وانت تعلم من اكون، وكل الذي اريد ان أسأله: لِمَ لا تكون معي؟ وتدع هؤلاء فإني إلى الله أقرب.
عمر بن سعد: انت تعلم بطش ابن زياد، وانا اخاف ان يهدم لي داري.
الحسين: انا ابنيها.
عمر بن سعد: اخشى ان يأخذ ضيعتي.
الحسين: انا سأعوضها.
ابن سعد: لي بالكوفة عيال أخاف عليهم من ابن زياد القتل.
الحسين: مالك ذبحك الله على فراشك عاجلا ولا غفر لك يوم حشرك، فوالله اني لأرجو ان تأكل من بر العراق إلا يسيرا.
ابن سعد (مستهزئاً): ففي الشعير كفاية يا حسين.
(مسمع)
عمر بن سعد: اكتب الى الامير ابن زياد: اما بعد، فان الله اطفأ النائرة وجمع الكلم واجمع امر الامة وهذا حسين اعطاني أن يرجع الى المكان الذي منه اتى او ان يسير الى ثغر من الثغور فيسالم، ولا بأس ان يأتي امير المؤمنين يزيدا ليضع يده في يده فنرى في ما بينه وبين رأيه وهذا رضى لكم وللامة صلاح.
(حفص):
ابي متى قال الحسين هذا الكلام؟
عمر بن سعد: ما لك يا ولدي واساليب السياسة كلها مكر وزيف وخداع.
(مسمع)
عبيد الله ابن زياد: هذا كتاب ناصح مشفق على قومه اكتب اليه.
الشمر ابن ذي الجوشن قاطعا: ماذا يكتب يا مولاي الامير بعدما يحفز شجر القلب الثمر نصرا جنيا يقطع من اجل بعض كلام.
كيف تقبل يامولاي الامير والخطوة ما بين القدمين تكشف لها بعد ان نزل بأرضك يعود طليقا يرفل بالحياة والله ان رحل.. ولم يضع في يدك اليد ليكونن اولى بالقوة في غد وتكون اولى بالضعف والوهن والثبور.
ابن زياد: حقا مبهمة هي الرجال ياشمر هذا الجسد الواقف امامي هو وطن لكل نباهة واقدام ما اذكاك يا شمر وما احوجني اليك لتصد كل هفوة مترفة لا تبصر سوى بريق نشوتها.
(مع الحاجب) اكتب اذن: الى ابن سعد من اجمل طبائعي اني اكره النخلة لكونها تكرم من يصيبها حجرا واخشى ان يلذ لك الطعم فتوشم الفتنة بين سرايا الجند وعلى كل حال انا لم ابعثك الى الحسين لتمنيه السلامة، ولا لتكون عندي شيفعا ان رضخ للبيعة ابعثه الي وان ابى فازحف لقتله، انا لست نبيا كي اوصيك بالحرمات او احرم المثلة بالقتلى، لا يا بن سعد فاني آمرك بأن تمثّل بهم كما اشاء لتطأ الخيل بعد مقتله صدر الحسين وظهره ولا تقل لي ابدا انه لا يظمأ بعد الموت وذلك لأمر قلته ومضى فما اجمل ان ارى سنابك الخيل تعبث في كل ضلع فيه، كل ضلع يا بن سعد كل ضلع اريده ان يتناثر نحو صوب ودع الشمس تشهد للأجيال ميتته وحينها سيكون سرير الافق عرشك والشمس تاجك الابدي وان أبيت فاعتزل، واترك العسكر للشمر، فهو ادرى بما يعمل.
(مسمع)
(معسكر ابن سعد)
ابن سعد: أردت أن أغتصب الفرحة من غضبة حزن سعيت أن أحمل النقائض أماني نهمة..
كف مثقلة بالانطفاء واذا بك ياشمر قبحك الله تجيئني مكدسا بالشر والفضول تفسد عليّ امرا رجوت ان أصلح شأنه..
اظنك انت انت لا غيرك من حمل خشونة الجفاف وسرب في قلب الامير خبايا مخاوف تنزف فيه وسأقولها لك كي تعي حجم هذا العويل والله لا يستسلم حسين فان نفس أبيه بين جنبيه.
(الشمر): لا بأس عليك يا ابا حفص فاللعبة واضحة المروق اردتها نافذة تطل منها لمهرب ينجيك فتأتينا اميرا دون قتال.
المهم الان اخبرني بأي زاوية ستنام؟
هل ستأوي لقرار الحرب وتمضي لأمر اميرك؟
ام نويت ان تنزوي بعيدا لتسلمني قيادة هذا الجيش، فالامر لا ثالث فيه، اما لهفة او جزع، وانت وحدك صاحب الخيار.
عمر بن سعد: لا شيء عند منكسر الجنوح سوى طموح اهبل يحفل بالموبوئين تلك احلام عقدت اطرافها بخبل عنيد، مرضى ومنخورين وقطاع طرق واوبئة تسير على اقدام الوهم، لا يا شمر لن ادعك تنال مني حتى لو كلفني ذلك عمري لا كرامة لك انا سأتولى قيادة هذا الجيش، وانا من سيقتل الحسين فتنحى عنه وكن على الرجالة يا شمر، يا ألعن من رأيت.