السفــر ميـــزان الأخلاق
17-02-2020
ثابت خرباش المسعودي
قال الإمام علي ع: (أخلاقك جواز سفرك تدخل بها في قلوب الآخرين).
لكل إنسان طباع، بعضها موروث ولادي تدفعه الغريزة: كحب الحياة والرضاعة وحبّ الأم المرضعة والبكاء عند الإحساس بألم واختناق، وهناك طباع مكتسبة أخذها من العائلةِ والمحيط الذي يعيش فيه .
والطباع أقسام مادية ومعنوية، والأخلاق من الطباع المعنوية، حيث ينشأ في المحيط الذي ينشأ عليها وقدرته على الاكتساب من خلال قراءة الكتب بأنواعها الدينية والفلسفية والتاريخية، فتصقل مواهبه حسب اتجاهاتها وقدرته على التمييز بين الصالح والطالح، ولا يقدر الإنسان أن يختبر مدى جودة أخلاقه إذا بقي في مكان واحد طوال حياته، ولكنه يستطيع اختبارها من خلال السفر.
فالمسافر يمر بصعوبات أثناء سفره، ويتعرف على أشخاص مختلفة معه في اللغة والقومية والجنس والأخلاق، فإذا كان ذا أخلاق عالية يستطيع أن يكسب وينسجم ويتآلف مع المحيط الجديد، ولكن إذا كان ذا أخلاق غير جيدة فلا يستطيع العيش مع المجتمع الجديد، فلا يمكن للمسافر الدخول إلى بلد ما إذا لم يكن جوازه صالحاً، وإذا دخل بصورة غير شرعية فيكون غير مقبول في ذلك البلد، ولم يجد العمل والسكن المريح أو التعرف على أصحاب المركز، فالشخص السيئ الخلق لا يدخل قلوب الناس ولو كان ذا مركز فتخافه الناس ظاهراً، لكنها تتمنى زواله، كذلك المتكبر والخائن للأمانة والمنافق والمتجاوز على الحرمات والسارق، فأولئك دخلاء على المجتمع يعيشون عيشة الغرباء، رغم أن بعضهم لديه من الأصدقاء المتشابهين له .
قال الشاعر: (عن المرء لا تسأل واسال عن قرينه .. فكل قرين بالمقارن يقتدي)
وقال الله سبحانه وتعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم)).