كربلاء القلب.. الفصل الأول (الطريق الى كربلاء)
16-02-2020
علي الخباز
زجر بن قيس: أنا طوع الأمر يا مولاي الأمير.
ابن زياد: ثمة فرح مفجوع لابد من الانتباه إليه، لابد من التمرد على التمرد؛ كي يستكين الأمر ويستتب الأمن، ولا أحد غيرك يستطيع ان يسكت صخب الكوفة، خذ إليك خمسمائة فارس، واقم بجسر الصراة، لنمنع عنها ما يخرج فكل من يخرج اليوم يريد حسيناً، وإياك أن تستثني أحداً.
(مسمع)
شخص واحد: مَنْ هذا الصارخ في احشاء الكوفة يسوقها بالصوت قسراً لحرب الحسين.
شخص ثانٍ: يبدو أن الأخبار جالت في بيوتات الكوفة صحيحة وهذه القسوة التي امامك ما هي إلا سطوة خوف.
شخص واحد: ما هي الأخبار يا بن العم؟
شخص ثانٍ: مرّ على جسر الصراة عامر ابن أبي سلامة بن عبد الله بن عرار الدالاني، فاستوقفه زجر.
شخص واحد: وبعد.
شخص ثانٍ: حمل عليه وعلى أصحابه، هزمهم ومضى إلى كربلاء ليلحق بنصرة الحسين.
شخص واحد (يبكي)
شخص ثانٍ: أتبكي؟!
شخص واحد: نعم، هل أجدبت الكوفة إلا من عامر، وألف عامر في افيائها ينام، أنظر يا بن عم هي امام الكوفة تكشف لك عن حقيقتها، وكل خطوة من خطواتها تتراءى لك نهضة، وإذا هي سبات، هل تصدق أن هذه الناس ذاهبة لحرب حسين، أتذكر يوم أجدبت الكوفة، وبان القحط، وفزع الناس إلى أبيه A، فأخرج لهم المجتبى للاستسقاء، فامتشق الدعاء بركات نفس سخية، أتذكر بعدها كيف جاء المطر واعشوشبت الأرض بعد جدبها.
شخص ثانٍ: نعم، لا أظن الكوفة نست أو تناست، وناسها إلى اليوم يتحدثون عن مواقف صفين، يوم ملك المشرعة فسقى الناس بيديه، كما سقى ابنه الحسين الحر ومن معه، في أرض قاحلة لا ترحم أخاً أو صديقاً، والغريب بالأمر انه يرحم قاتليه.
(صوت جلبة قريبة تقترب منهم)
سويد: انا سويد بن عبد الرحمن، أرسلني الأمير لأطوف في سكك الكوفة واحياء العرب، واعلن بالخروج إلى حرب الحسين، ولست مستعداً أبداً، لأرحم من تخلف عن أمر الأمير، سأقتل كل رجل يتوانى عن الخروج.
(مع احدهم): تعال ما تفعل انت هنا.. لِمَ لا تخرج لقتال حسين.
الرجل: أنا رجل من أهل الشام، ولست من اهل الكوفة، قدمت إليها في طلب ميراث.
سويد: بأمر الأمير اقتلوه. (صراخ)
(مسمع)
(معسكر الحسين)
الحسين: صمت الحزن ضجيج، ما أقسى الحزن حين تختبىء الروح بصمت الذكريات، أو تلوذ بأمل مذبوح، أتذكر يوم دخلت على اخي الحسن A.
الحسن: لِمَ تبكي يا حبيبي ياحسين؟
الحسين: كيف لا أبكي وانا ارى غصناً من شجرة طوبى ينال بسمّ مميت.
الحسن: أنا الذي أبكيك يا حسين، أبكي الآن الأنجم الزاهرة في عينيك، هل تسمعيني، أتمنى في لحظتها أن أكون قربك، مثلما انت بقربي الان، كيف؟ لا ادري كيف أراك والله، لا يوم كيوم يا ابا عبد الله.
في نهاره المثقل، يزدلف إليك ثلاثون الفاً، ويدّعون أنهم من أمة جدك الرسول يصلون وعلى الترب بمقربة منهم يقبع رأسك المذبوح، ينتهكون حرماتك ويسبون ذراريك، وينتهبون ثقلك، وهم يدعون الله بالنجاة، ستمطر في يومك يا حسين السماء دماً، ويبكي عليك كل شيء.
(مسمع)
ابن سعد (باستغراب): لا أخفيكم إني سأثب إلى جنون قريب، فتلك الحقائق تبدو لي شاحبة الوجود، أيعقل أن يكون كل هذا الحضور غياباً في حومة رجل واحد وبضعة انفار، بين الفينة والأخرى يبعث لي ابن زياد برسول جديد، وكأنه يمنّ عليّ بكثرة الخيل والرجال، فتراه يطالبني بالوثوب.
ابن زياد: لا تمسي ولا تصبح إلا وخبرك عندي، غدوة وعشيا.
ابن سعد: وبين لحظة ولحظة يستحثني للحرب.
(برهة): من يسمع انين الروح الذي يقتل في داخلي الصوت.
(يضحك): جميلة نغمات اللفظ، هههه.. هل سمعت من قبل بروح خرساء؟ (بغضب): ماذا أفعل يا بن زياد، ها هي الخيل تحاصر الفرات، وقد جادت حين حالت بينه وبين معسكر الحسين، لا طريق لهم إلى ماء، وكأني بهم الآن وقد أضمرهم الظمأ، فماتوا، وإذا بي أراهم أحياء، أيصير ان السماء تمطر في معسكر الحسين دون سواه، ام يا ترى هرب الفرات إليهم بعض السبيل.
(يصيح): يا عمرو بن الحجاج، خذ خمسمائة فارس وطوق الشريعة، لأرى من اي سبيل هؤلاء القوم يشربون.
جندي: سيدي الأمير، ان الحسين يحفر الآبار ويصيب منها الماء.
ابن سعد: سأمنعهم حفر الآبار، واشاغلهم بالسهام ان حاولوا ذلك ثانية، واياك يا حجاج ان تترك شبرا من الفرات طليقاً.