المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: ميزةُ أهل العقل والحكمة أنّهم يدرسون الأمر من جميع أطرافه، فإذا قرّروا قرّروا بمقدارٍ يضمن سلامة هذا القرار...

15-01-2020
شبكة الكفيل العالمية
شدّدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا على ضرورة الرجوع الى أهل العقل والحكمة لضمان سلامة القرار، إذا أردنا النجاح في مسيرة الحياة العامّة؛ لأنّ ميزة أهل العقل والحكمة أنّهم لا يعطون رأياً جزافاً ولا يتعاملون مع انفعالاتٍ قد لا تحلّ الإشكال، وأنّهم يدرسون الأمر من جميع أطرافه، فإذا قرّروا قرّروا بمقدارٍ يضمن لنا سلامة هذا القرار.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة هذا اليوم (30 ربيع الآخر 1441هـ) الموافق لـ(27 كانون الأوّل 2019م)، التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الطاهر وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، وهذا نصّها:
إخوتي أخواتي أودّ أن أكون بخدمتكم في الأمر الآتي:
الأمور الحياتيّة قطعاً تتشعّب سهولةً وصعوبة، وينبغي علينا في جميع مناحي الحياة أن نركن الى أهل العقل وأهل الحكمة، وأن لا نتجاوز المشورة؛ لأنّ تجاوزها يُفضي الى الندامة، قد أتصوّر أنّني قد أحطتُ بكلّ شيء فأبدأ أتصرّف وفق هذا المنظور، قد يكون غروراً بنفسي واتّكالاً على عقلي المجرّد، مع أنّه يوجد من هو أفضل منّي ومن هو أعقل منّي و أكثر حكمةً منّي، والأمر يعنيني وأنا لابُدّ أن أنجح في مسيرة حياتي عامّةً اقتصاديّاً اجتماعيّاً سياسيّاً أُسريّاً، أنا أريد أن أنجح، إذا كنت فعلاً أريد أن أنجح لابُدّ أن أرتّب حياتي بطريقةٍ أضمن لها سلامة القرار، وسلامة القرار تحتاج الى رويّة.
ميزة أهل العقل والحكمة أنّهم لا يعطون رأياً جزافاً ولا يتعاملون مع انفعالاتٍ قد لا تحلّ الإشكال، وأنّهم يدرسون الأمر من جميع أطرافه، فإذا قرّروا قرّروا بمقدارٍ يضمن لنا سلامة هذا القرار.
حقيقةً –إخواني- الإنسان في بعض الحالات يبحث عن ناصح ويبحث عن معلّم ويبحث عن مرشد ويبحث عن حكيم ويبحث عن عاقل، ومقصودي من العاقل ليس العقل في قبال الجنون، الناس كلّها بهذا المقدار عقلاء إلّا من جُنّ، ولكن مقصودي من أهل العقل أنّ هناك أناساً يمتازون بقدرتهم على تشخيص المشكلة وإيجاد الحلول الحقيقيّة لها.
أهل العقل وأهل الرويّة وأهل الحكمة نوعٌ من الرحمة في كلّ مجتمعٍ على اختلاف المجتمعات، أنّ الإنسان يلجأ الى هؤلاء حتّى يوجّهوه بمقدارٍ ما يجعل له حالة الإنقاذ من المشكلة التي هو فيها، واقرأوا تأريخ المجتمعات كثيراً ما تكون المشكلة ليست في أهل الحكمة والعقل، بل المشكلة في من لا يسمع أهل الحكمة والعقل، المشكلة أيضاً في من يدّعي أنّه من أهل العقل والحكمة، وهذا الادّعاء لا يجعله من أهل العقل والحكمة على العكس، هذا الادّعاء سيجعله أو يجعل نفسه تغيب عنها الحقائق كثيراً؛ لأنّه صدّ نفسه عن الرؤية الحقيقيّة.
لاحظوا إخواني، كلٌّ منّا يحتاج الى أن يشاور الآخرين، نعم.. من يشاورهم لابُدّ أن يكونوا أهلاً للمشورة.. وإذا لم تكن عندي هذه المعرفة ولا أعتمد على أهل العقل سأبقى صغيراً ما حييت، الإنسان يميَّزُ من تجربة يميَّزُ ويُعرف أنّ هذا من أهل العقل والحكمة، لاحظوا فليس من إنصاف نفسي أنّي لا أسمع لأهل العقل والحكمة، لابُدّ أن أنصف نفسي كما أختار لجسمي الطعام الجيّد لابُدّ أن أختار لعقلي ونفسي الفكرة الجيّدة، إن لم أستطع لابُدّ أن أسعى لها، فإذا توفّرت لابُدّ أن أعمل بها.
الإنسان عندما يرى نفسه في المرآة يراها على حجمها الحقيقيّ، المرآة تعكس له حجمه الحقيقيّ، أمّا إذا كانت المرآة لا تعكس حجمه الحقيقيّ تكون هذه المرآة مزيّفة، توجد بعض أنواع المرايا تضخّم شكل الإنسان وتعطيه شكلاً آخر فهذه المرآة تزيّف الحقائق، الحقائق كما هي ومن النعمة أنّ الإنسان عنده من أهل العقل وأهل الحكمة، لكن هذه ستكون مدعاة الى أن يؤشّر عليه سلباً إذا لم يستنرْ برأي أهل العقل وأهل الحكمة.
أنا قلت أنّ المشكلة ليست بأهل العقل والحكمة بل المشكلة في من لا يسمع أو من يسمع ولا يطبّق، كلٌّ منّا يمرّ في حياته بمشاكل يحتاج من يستشيره ويحتاج من ينبّهه، على أن كيف المخلَصُ من هذه المشكلة التي أنا فيها، والإنسان يكون سعيداً إذا أعطوه الحلّ، العاقل يكون سعيداً إذا حصل على الحلّ ويكون موفّقاً وأسعد إذا عمل بما قيل له.