المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تجدّد تأكيدها أنّ الشعبَ هو مصدرُ السُّلُطات ومنه تستمدّ الحكومةُ شرعيّتها، وأقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة هو الرجوعُ إليه..
05-01-2020
شبكة الكفيل العالمية
جدّدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تأكيدها بأنّ الشعب هو مصدرُ السُّلُطات، ومنه تستمدّ الحكومة شرعيّتها - كما ينصّ عليه الدستور -، وعلى ذلك فإنّ أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخليّ - لا سمح الله - هو الرجوع إليه، من خلال إجراء انتخاباتٍ مبكّرة ووضع قانونٍ منصفٍ لها وتشكيل مفوّضيةٍ مستقلّة لإجرائها، ووضع آليّة مراقبةٍ فاعلة على جميع مراحل عملها تسمح باستعادة الثقة بالعمليّة الانتخابيّة.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة هذا اليوم (23 ربيع الآخر 1441هـ) الموافق لـ(20 كانون الأوّل 2019م)، التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الطاهر، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه)، وهذا نصّها: أيّها الإخوة والأخوات، نقرأ عليكم نصّ ما وردنا من مكتب سماحة آية الله السيد السيستاني(دام ظلّه) في النجف الأشرف:
بسم الله الرّحمن الرّحيم..
لا يزالُ البلدُ يعيش أوضاعاً صعبةً ومُقلِقَة، حيث تستمرّ فئاتٌ مختلفة من المواطنين بالمشاركة في التظاهرات والاعتصامات السلميّة المُطالِبة بالإصلاح، في حين يتعرّض بعض الفاعلين فيها للاغتيال والخطف والتهديد، وفي المقابل تُجبَر العديدُ من الدوائر الحكوميّة والمؤسّسات التعليميّة على غلق أبوابها من دون ضرورةٍ تدعو الى ذلك، وتتعرّض ممتلكاتُ بعض المواطنين للحرق والتخريب، ويشتكي الكثيرون من ضعف هيبة الدولة، وتمرّد البعض على القوانين والضوابط المنظّمة للحياة العامّة في البلد بلا رادعٍ أو مانع.
وقد أشرنا في خطبةٍ سابقة الى أنّ الشعب هو مصدرُ السُّلُطات ومنه تستمدّ شرعيّتها - كما ينصّ عليه الدستور -، وعلى ذلك فإنّ أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي - لا سمح الله -، هو الرجوع الى الشعب بإجراء انتخاباتٍ مبكّرة، بعد تشريع قانونٍ مُنصِفٍ لها، وتشكيل مفوّضيةٍ مستقلّةٍ لإجرائها، ووضع آليّة مراقبةٍ فاعلةٍ على جميع مراحل عملها تسمح باستعادة الثقة بالعمليّة الانتخابيّة.
ولكن الملاحظ تعرقل إقرار قانون الانتخابات الى اليوم وتفاقم الخلاف بشأن بعض موادّه الرئيسة، وهنا نؤكّد مرّةً أخرى على ضرورة الإسراع في إقراره وأن يكون منسجماً مع تطلّعات الناخبين، يقرّبهم من ممثّليهم، ويرعى حرمة أصواتهم، ولا يسمح بالالتفاف عليها، إنّ إقرار قانونٍ لا يكون بهذه الصفة لن يساعد على تجاوز الأزمة الحاليّة.
وإذا تمّ إقرارُ قانون الانتخابات على الوجه المقبول يأتي الدور للنُّخَب الفكريّة والكفاءات الوطنيّة الراغبة في العمل السياسيّ، لتنظّم صفوفها وتعدّ برامجها للنهوض بالبلد وحلّ مشاكله المتفاقمة في إطار خططٍ عمليّة مدروسة؛ لكي تكون على استعدادٍ لعرضها على الناخبين في أوان الانتخابات، ويتمّ التثقيف على التنافس فيها لا على أساس الانتماءات المناطقيّة أو العشائريّة أو المذهبيّة للمرشّحين، بل بالنظر الى ما يتّصفون به من كفاءة ومؤهّلات وما لديهم من برامج قابلة للتطبيق للعبور بالبلد الى مستقبلٍ أفضل، على أمل أن يقوم مجلسُ النوّاب القادم والحكومة المنبثقة منه بالدور المطلوب منهما في إجراء الإصلاحات الضروريّة، للخلاص من تبعات الفساد والمحاصصة وغياب العدالة الاجتماعيّة في المدّة السابقة.
وختاماً نأمل أن لا يتأخّر طويلاً تشكيلُ الحكومة الجديدة، التي لا بُدّ من أن تكون حكومةً غير جدليّة، تستجيب لاستحقاقات المرحلة الراهنة، وتتمكّن من استعادة هيبة الدولة وتهدئة الأوضاع، وإجراء الانتخابات القادمة في أجواء مطمئنة، بعيدة عن التأثيرات الجانبيّة للمال أو السلاح غير القانونيّ وعن التدخّلات الخارجيّة... والله وليّ التوفيق.
نسأل الله أن يوفّقنا لما يحبّ ويرضى إنّه سميعٌ مجيب، وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.