(لقاء مفاجئ)

05-01-2020
سعدي عبد الكريم
وقعت عصاه من يده ربما لوهنه، وشيخوخته، أو ربما أحس بتعب مُفاجِئ، أسرعت الخطى إليه حاولت مساعدته، فرفعته من الأرض، نظر اليَّ نظرة مريبة لم أَألفَها من عيون أحد من قبل، رفعت العصا ووضعت مقبضها بيده اليمنى.
رفع رأسه اليَّ وراح يستغرق النَّظر بوجهي وسط الدَّهشة التي امتلكتني، ثم ابتسم ابتسامة شعرت بأن عمرها اكثر من أربعة آلاف عام قبل الميلاد إبان نشأة الحرف والكتابة عند السومريين الأوائل، أردف قائلاً وكأنه يسرني بسر قديم:
- ألم تعرفني؟
- لا.
قلتها بخجل فاضح.
قال بعد أن عادت الابتسامة الى محياه ثانية:
- أنا أستاذك في اللغة العربية إبان الدراسة المتوسطة.
وقفت في مكاني مُتَسَمِّراً وكأن الأرض تموج من تحتي، قبَّلت يده وانا أرتعد، بعدها هبطت من عينيّ دمعات بلون الحرف الذي علمني إياه أستاذ مجيد عبد الحميد مدرس اللغة العربية، يا له من لقاء مُفاجِئ جميل.
سِرْتُ في طريق العودة مَحْنِيّ الظهر، مغرورق المآقي، وأنا ألعن الزمن الذي يتآكل فيه الرجال..!