قراءة انطباعية في نصّ مسرحية
(من أعالي القصر)
للشاعر: ياس السعيدي
يعمل الشعر على تفعيل النص المسرحي بقوة تحمل الشحنات الشعورية والشاعر (ياس السعيدي) في مسرحية (من أعالي القصر) المشاركة في مسابقة مهرجان المسرح الحسيني والذي أقيم في العتبة العباسية المقدسة استخدم الخطاب الشعري الحر، ليكون مطواعاً ويثير في نفس المتلقي من متعة، وهو يدرك تماماً أنه يكتب نصاً مسرحياً لابد أن يشحن فيه سطوته الشعرية عبر اساليب متنوعة فيها.
الحوار الداخلي:
حيث يستطيع المؤلف من خلاله الكشف عن مكونات الشخصية الداخلية بحيث يستطيع الجمهور للإحاطة بكافة تفاصيل الدقيقة المتعلقة بالشخصية وما يختلج في صدر الشخوص من المواقف.
(مسلم مخاطبا نفسه:- كُنْ وحشة ايها الليل؛ كوني حبالاً ايتها الطرقات, كوني سيلاً ايتها الخيول, تناسلي ايتها السيوف, تكاثري ايتها الرماح, فقلب الفتى الهاشمي أكبر من كل هذا الوجع).
وفي مقطع آخر نجد طوعة كأنها تخاطب نفسها:- ما أثقل الليل على الغريب الوحيد، وعبيد الله يحدث نفسه:- كنْ دهشة ايها الليل؛ كوني سلالاً ايتها الطرقات, كوني نخلا ايتها الخيول, تمايلي ايتها السيوف, تناثري ايتها الرماح, علَّ قلب الامير ينعم بساعة من الأمن أو سكرة من نعاس أو ثمالة من كأس الهدوء).
حوار خارجي:
يمتلك القدرة على تسليط الضوء على القضايا المعروضة والحوار المسرحي يعد هو مركز الدائرة، يفتتح اسلوب الحوار آفاقاً رحبة امام المتلقي ليجد ما يصبو من نفثات جمالية، ومضات ابداعية شعورية تقترب من القلب وتكرس قيم الانسان في التاريخ وهو من اساليب الشعر - المسرح، وله تأثيرات كبيرة على العقل والمشاعر والانفعالات:
عبيد الله:- أخيراً يا بن عقيل..
مسلم:- أولاً يا ابن زياد..
عبيد الله:- أتيتَ المصر ففرقتَ أهله..
مسلم:- أتينا لنجمع ما فرَّقت انت وأبوك وأميرك..
محمد بن الأشعث:- لقد أعطيتُه الأمان أيها الأمير..
عبيد الله :- هل تظن أن أمانك هو من كفانا سيفه.
أسلوب الاستفهام:
الاستفهام لاستعلام المعنى لضمير المخاطب، حصول التصور والاسلوب الاستفهامي يستنفر عقلية المتلقي لترسيخ مفهوم ما.
عبيد الله:- ألا توجد مدينة يموت فيها الموتى فعلاً؟ أ لا يوجد قصر لا يعود إليه أولئك الذين سقطوا من أعلاه؟ أ لا توجد أرض بلا موتى أحياء؟ سحقا أين يفر المرء من عودة الذي يجب أن لا يعود.
اللازمة:
اللازمة بناء تكراري مرتبط في مقاطع السرد يخدم النص المسرحي جماليا كما يكسر تكراره حالة الركود ويصاعد الخط الدرامي في النص المسرحي، وفي الاداء ويزيد من التأثيرية اي تكون مؤثرة في معناها ومبناها.
مسلم:- لا وقت لمن ساعته الموت وزمانه المنية.
لا وقتَ لمن صافحَهُ الموت
وخانته الطرقات
لا وقتَ لمن يشربه الحزن
وتطلبه الرايات
لا وقتَ لمن لا يعبأ بالموتِ
ولا وقت لمن داسته خيول الوقتِ
ولا وقت لمن لا يملك وقتا
كي يوصي خيرا بيتيمته الصغرى
لا وقت لمن يحمل في عينيه سلام الارض
ويهديه لأرض تمطره شرا
شعرية النص:
تحمل مفردات اللغة في النص المسرحي طاقات ايحائية ذات دلالات متعددة بالغة التأثير في نفسية المتلقي وفي تفاعلية النص المسرحي، في جميع الاساليب المعروضة في الحوار والاستفهام.
مسلم:- سقف سيفي أعلى من سطح قصر الامارة ورمحي الكثير عشيرتي وموتي صديقي الحميم, ماذا يصنع الله بصلاة ملطخة بالدم، وماذا يفعل بصيام لا يمتنع عن التلذذ بأكل أفراح المساكين.
مسلم:- أنا مَن سيوجع الموت, الموت يصغر حين يرى ضحاياه يقفون أمامه وهم يلبسون عباءة الكبرياء, يرونه جسرا للعبور الى النهايات الاجمل, لا يعيرونه اهتماما قَدْرَ ما يهتمون لأناقتهم أمامه.
عبيد الله:- يا للقوم والصلاة لا يتركونها حتى ساعة موتهم, آه يا حامل هذا السيف كم سأعطيك من الذهب لو أتيتني برأس الصلاة.
في الحتام.. نص مسرحي لشاعر مبدع كسب الاحترام في جميع ما يكتب.