حوار عن المشغل النقدي

18-12-2019
سوسن عبد الله
تصورات كثيرة تدور في ذهنية التحاور، وخاصة عند محور المشغل النقدي مما يجعلنا نتصور أن مشغل صدى الروضتين عنده تحامل على النقد، فيعمل على ابقاء الاشتغال في محور القراءات الانطباعية، حاورنا الأديب علي حسين الخباز لنعرف:
مع الأديب علي حسين الخباز:
(القراءة الفاعلة تحتوي عدداً من الأساليب المتنوعة لتشخيص المخاضات الابداعية السليمة والقادرة على الخلق النصي؛ لتطوير المنجز الثقافي النسوي)
- هل ثمة قصور في الأدوات النقدية عند المشغل النقدي أم رؤية معينة لصدى الروضتين..؟
النقد الأدبي هو عبارة عن هرولة وراء المفاهيم والنظريات الغربية تم اجترارها وتطبيقها طوعاً وكرهاً، وهذا يعني أننا لا نمتلك نظرية نقدية عربية.
وقراءة النصوص الابداعية في مشغل جريدة صدى الروضتين لا تشكل سلطة خارجة على النصوص، بل هي مشغل قائم بما يستنتجه من مقاربات تأويلية تفرضها النصوص نفسها على القراءة، والقراءة الفاعلة تحتوي عدداً من الأساليب المتنوعة لتشخيص المخاضات الابداعية السليمة والقادرة على الخلق النصي؛ لتطوير المنجز الثقافي النسوي.
- هل تنحصر مهمة القراءة الانطباعية في ابراز محاسن النص..؟
القراءة الانطباعية لا تعني كشف العيوب وابراز المحاسن، مع هذا نحن لا نمتلك سلطة مكرسة في مواجهة المنجز، والبحث في مكامن القوة خير من محاكمة العمل ومصادرة حق القارئ في بناء رأي او تقييم، لنجعل مكانه رأياً رسمياً، قدمنا تجارب نسوية متباينة المستويات، وكل تجربة لها عوالمها، ففي تجربة الكاتبة المبدعة منتهى محسن (هتاف الحرية التليد):
انقسم الموضوع الى عدة مقاطع، وكل مقطع له توافقاته.. سأعطي مثلاً: هناك جملة مكانية (في مدخل الرواق الشريف) ترد متعلقاتها في النص: (الرجال، الهدير، انشودة الحياة) الارتفاع بفعل مضارع يرتفع لاستمرارية الارتفاع، وتلم اكثر من رزمة في الرواق الشريف جنازة الشهيد، علم الوطن.. تشخيصات كثيرة..
نحن لا نكتفي بالبحث عن الايجابيات؛ لكوننا نعمل لغاية الارتقاء بالكاتبة، هناك مثلاً كأن التشبيهية أضعفت الجملة، ليتنا نسعى الى إلغاء التشبيهات، فهي تقول: وكأن هاتفاً يهز كياني، كان بالإمكان أن تكون حقيقة (اسمع هاتفا يهز كياني) ومن ثم كتابة مفردة (يصيح بصوت رخيم: ألا من ناصر ينصرنا) مفردة (يصيح) لا تليق اقترانها بإمام معصوم، كان الاجدى استخدام مفردة (ونادى بصوت رخيم).
وفي نص الكاتبة (آمال كاظم الفتلاوي): (زيارة قلب الى سماحة العراق دام ظله الوارف) امتلكت العناصر البنائية والقدرة على مد خيوط التخييل؛ لتسلط ضوءها على الواقع، وهذه ميزة أن يكون التخييل الاستعاري غير منفصل عن الواقع، بل يكشف عن معناه حينها يعد قراءة واعية بتأملات عالية الانتقال من عالم الواقع المعاش الى العالم النصي، إذ تبدأ الكاتبة بشكل فني عبر كلمة (أدخل) لامتلاكها دلالات واضحة في زيارة الأئمة D.
يثير السرد الخيالي الاهتمام والامتاع والتثقيف وتجسيداً احترافياً يصل بنا الى صناعة الخيال المرئي، تكرار مفردة (يرى) بمرادفاتها المتعددة: (ينظر، يشهد.. الخ) هو ترسيخ ادراكي للرحلة المتخيلة الى بيت سماحة السيد علي السيستاني (دام عزه الوارف) تشكل رديفاً للواقع أي وجود نظائر موضوعية لكل ما مر في الرحلة الحلمية، وعبرت هذه النظائر عن سمات وصفات جوهرية عند سماحته: (نور، تألق، حنو، ود، عفو).. مراجعتنا لتلك الاشراقات لا تقف عند حدود القصدية، بل نحن نقرأ ما وصل الينا.
- هل تجربة القراءة الانطباعية تجربة جديدة لها خصوصية معينة ام هي من السبل النقدية المعروفة..؟
المنهج الانطباعي أو التأثيري هو أقدم منهج للنقد، وبعدما ظهرت المذاهب الأدبية تعددت مناهج النقد، والانطباعية ليست وسيلة تقييم، وانما اتخذوه وسيلة لخلق أدب خاص يستوحونه من الاعمال التي يقرؤونها، والناقد الدكتور صالح الطائي اشتغل على المنهج الانطباعي ليضيف على النصوص التي يقرأها فسحة من ثقافته فلسفة التاريخ. وفي قراءة المشغل النقدي لصدى الروضتين تأملات في منجز الكاتبة وفاء عمر عاشور: (انتفاضة صامت) نجد اشتغال الاسلوب السردي على مهام تربوية، وهذا يسمى (التعليم الفعال) والقصة تعني تتبع الأثر، عرض فكرة، موضوع لهدف تربوي يمتلك الابداع التعبيري، ويصاغ بأسلوب لغوي يمنحنا الشعور بالمتعة وبانتظار ما يكتب من الأحداث.. حوادث متسلسلة مترابطة عبارة عن عدة مواقف ترص لتحقيق الهدف وضمان استجابة التلقي.
وفي نثرية (نديم الروح) للكاتبة بتول النويم استخدمت اللغة المباشرة الواضحة، وهو اسلوب تعبيري فني، ويعني أن المعاني تؤديها الألفاظ بشكل مباشر مع وجود الاشتغالات المجازية، وهناك تعابير تحمل أقصى المكنونات النفسية، وتخاطب الرمز بضمائر المخاطبة، لغة نثرية ذات طابع شعري حاولت الاقتراب الى سعي فلسفي يعتمد على اسلوبية التضاد: (جنون عابس هو عقل) وأسلوبية التوافق، ايقاظ الصمت سلام، والقيام زيارة.
وفي نص (شبابنا طاقة خلاقة نستثمرها) للكاتبة ازهار عبد الجبار والتي ارتكزت على الاسلوب التعرفي والذي يسمح لزيادة القوة التأثيرية سعياً لإحداث القناعة. ويرى معظم النقاد أن التعريف في التدوينات الثقافية يعني بيان الموقف وهذا الأسلوب يبعث حيوية في الأفكار المعروضة فتراها تعرف الشباب:ـ هم القوة المحركة، تعرف العولمة:ـ داء ينخر... والتعريف عمل أسلوبي يعمل على الوضوح من اجل الافهام.
- تخصص المشغل النقدي بالأدب النسوي، عمل لتسليط الضوء على الكتابة النسوية هل المرأة المبدعة امتلكت الهوية الابداعية..؟
ساهم الابداع النسوي الملتزم في المؤسسات الاعلامية التابعة للعتبات المقدسة والعتبة العباسية؛ لكون المتابعة الانطباعية لملفات تلك الشريحة المهمة من شرائح الابداع النسوي الملتزم لتأسيس بنى فكرية ترفع مستوى الوعي والذائقة بما ينسجم وقيم الانتماء لفكر اهل البيت D، نجد أن الكاتبة (سهاد عبد الجبار) اشتغلت في نصها: (وترحل الدموع) على الأسلوب الوصفي هو اسلوب فني لتغريب الحالة، ويكون الوصف دالاً يقدم صورة دقيقة للمتلقي والوصف كأسلوب يحتاج الى كلمات مؤثرة على التلقي فتصله بدقة، فرسمت المشهد بالوصف التكاملي لكل اجزاء اللوحة: (شحوب الوجه، العيون، لون البشرة، الشعر، قروح القدم، مضغ لقمة من طعام سام..) جميع هذه الصور تعمل كنظير موضوعي يعبر عن حال الدنيا، وهو تعبير مثالي.
والكاتبة مريم حسين الحسن قدمت نصوصها القصير بعنوان: (قصص قصيرة جدا) تم ابداعها اعتماداً على المقدرة الابداعية الواعية لأساليب التجديد والتجريب والانزياح قيمة فنية تحتاج الى مهارة بطريقة البناء واختزال الحدث والاشتغال على مساحة أقل لا تحتمل المناورة من المفردات التي تؤدي الى المعاني والقدرة على صنع الضربة النهائية بنجاح.
تنوعت التجارب وتقاربت الاشتغالات في حيز وابتعدت في حيز آخر، لكن جميعها اشتغلت على الاهتمام بالمساعي التوصيلية، والأساليب التعريفية، والاشتغال على توأمة المضمون وعلى أسلوب النظائر الموضوعية.. نستطيع أن نقول: اننا نمتلك تجارب ثقافية نسوية قادرة على تكوين عصب فكري ثقافي مهم ينطلق من بركات العتبة العباسية المقدسة.