النظافة ثقافة

15-10-2019
رغد حميد
ما أجمل النظافة، ولكن ما أعظمها عندما تكون في عقولنا" جورج برناردشو.
للنظافة تأثير إيجابي مردود على الانسان، وغالبا ما تنبع النظافة من الذات مركز السمو والدنو، فالصفاء المتمركز في الذات يتفرع ويثمر ليظهر على وجه الانسان، فالعائلة تأتي بالدرجة الاولى لتطبع النظافة في ظاهر الجسد والفكر، وتكمله المدرسة، ومن هنا نجد أغلب المشاكل وحلولها هي من مسؤولية الأسرة وثم المدرسة.
فالطفل حين يتطبع في المنزل على النظافة تصبح عادة يومية مستمرة.
ففي المنزل والمدرسة حيث نجد الطفل يتأثر بالأفعال أكثر من الأقوال، فمثلا لا يصح أن يسمع الطفل دروساً عن النظافة ولا يرى المكان نظيفاً، أو المدرسة لا تهتم بالنظافة، فيختلط على الطفل ما يسمع ويرى.
النظافة تشتمل على نظافة العقل والروح بالدرجة الاولى، إذ لا يمكن ان نقدم يد المعونة بقلب غير خالص وعقل غير نقي تشوبه نفايات فكرية، إذ ينعكس على رقي المجتمع من نظافته، فغالباً ما نشاهد مواقف لا تَسر الناظر، رمي النفايات من نافذة السيارة وهذا أيضا يعكس ثقافة الفرد، حيث لو اهتم كل فرد على حدة بالنظافة المنزل وامام المنزل نظافة المحل وامام المحل، لو شعر بالمسؤولية الفردية لانعكس على المجتمع، أنت فرد كجزء من العائلة، كجزء من المجتمع، كجزء من البلاد، عليك مهام فردية نابعة من الذات.
فلو تعاملنا مع كل الأمور بتلك الطريقة لأصبحنا يداً بيد بلا وعي وهذا هو الوعي المطلوب، وهذا يكفي لأن نكون يداً واحدة نتكاتف وننهض نهضة واحدة، بعض الأمور من مهام المسؤولين لكن هذه الوحدة تساعد في زيادة من سرعة النهضة.
وكما ذكرت لها مردود على صحة الانسان وانعاش العقل، كما نهتم بها ستهتم بنا وتراعي النفس والصحة، لذلك النظافة ثقافة فهي أساس في التغذية في الأماكن في الروح منها ينبع كثير من الأمور، والنظافة تتأثر بكثير من الأمور فالكذب يشوهها، والصدق ينميها، وهذا يعود لنظافة الروح، التفكير ايضا له تفرعاته السلبية والإيجابية تفكير إيجابي يرفعك وآخر سلبي يجعل الانسان بحاجة لرمي نفايات عقله بعيدا، لربما يكون بشعور الحاجة الى منظفات تزيل أتربة عالقة في عقله.
ولا أنسى أبداً دور التطبع في لحظة الاستيقاظ من الغفلة وهذه اللحظة هي التفكير، ومنها ينتج التغيير بالتفكير اللحظة الفاصلة حين تفكر تستنتج وتبدأ بالتخطيط، ابدأ بالأمور الصغيرة، واعتد عليها في بادئ الامر ستكون كالعبء وتحاول ان لا تنسى لكن سرعان ما يتحول الامر الى طبيعة سلسة لا تؤثر عليك ولا تأخذ من وقتك، فقط البداية بطيئة قليلا، وفيما بعد تصبح روتينا جيدا، وهذ الروتين يستدعي بقية الأمور الاكبر والاكثر ايجابية حينها عقلك يبدأ بالنضج ويتقبل الأمور بسهولة وتعمق، سيصبح النقاء جوهره.
"إن العقل يتوسع الى ما لانهاية في اعماقنا" كولن ولسون في كتابه طفيليات العقل.
فحين يكون الانسان معتادا على رمي النفايات من نافذة السيارات عليه ان يستعد للتغيير، وفي كل مرة على وشك الرمي يخبر نفسه ويحذرها، يفكر يوقظ نفسه ان عمله خاطئ وهكذا في كل مرة حتى يصل لمرحلة لا يحتاج لتذكير نفسه بما يجب عليه فعله.
بعضهم يمسك بما يود ان يرميه حتى يصل الى اقرب حاوية نفايات، فهذا يعكس اخلاق المرء وثقافته لو فكر قليلاً: "هل أنا بهذا السوء"..!
لماذا في شارعك او مكتبك او مكان عملك لا تود ان يرمي احد تلك النفايات في مكانك وان ترميه في مكان اخر ينتمي لشخص اخر .
وان لم يكن لشخص فهو لمجتمع يعود للجميع، وأهم من ذلك يعود عليك سواء بالخير او الشر حسب ما تقدمه، فلماذا نتسارع لننسب الجيد لنا ونبعد السلبيات عنا؟ كن نقطة فاصلة حقيقية واعية.
مثلاً، المدخن ليس صعبا عليه ان يرمي السجائر في المكان المخصص، لكنه صعب على عامل النظافة، فالاعتناء بهذا الأمر هو جزء من النظافة الشخصية مردود على النظافة العامة وبذلك انت تقرر ان تكن جزءاً من بناء ثقافة الدولة وتقدمها نحو الافضل، او جزء من هدمها بأمور بسيطة يومية روتينية لا تأخذ من وقتك كثيراً، وتقدمك وبلدك للأفضل.
ليس سيئا ان أولد في سلوكيات سيئة، السيء حقا أن أصر وأتمسك ولا أغير من سلوكياتي، فكثير من الامور تنبع من ذات الفرد وتأثيرها يشمل المجتمع وربما الدولة. فمثلاً لو انك حدثت رجلاً سياحياً في دولتك بلغة همجية وعكست أخلاقا متدنية، فالشخص في بلدته لا ينقل نظرته عنك كشخص بل ينقل نظرته عن البلدة اكملها ويقول البلد كذا اساء بكذا وكذا، فهل من الصعب السيطرة على النفس التي هي منشأ العلل والكوارث..؟
فالنظافة ما هي الا دليل حضارتنا، وترسم ثقافتنا.