الحسين بن علي عليه السلام بين الثورة والحقيقة التاريخية

15-10-2019
ضياء محسن الاسدي
إن الحسين بن علي -ع- شخصية إسلامية وإنسانية مظلومة خلدها التأريخ على عصور قد مضت، حملت بين ثناياها مأساة وظلم وجور من أعدائه. وهو ليس دمعة حزن تراق على المآقي في كل شهر من السنة، تستدر من محبيه ومناصريه والمقرين بظلم التأريخ له، ولا شعائر ومراسيم تقام كل سنة تشوبها بعض الممارسات التي لا ترتقي إلى عظمة هذه الشخصية الثائرة بوجه الظلم والطغيان والانحراف الفكري والعقائدي الذي انتفض من أجله في تصحيح مسار العقيدة المحمدية كما سار عليها جده وأبوه وأخوه، ولا كلمات تفي بحقه على أعواد المنابر المقبوضة الأثمان باستدرار الحزن أو لعن أعدائه وإظهار جزء صغير من حياته التي انتهت بإراقة دمائه الزكية على يد أناس ملطخة أيديهم بالدماء والحقد على الدين الإسلامي وأهل البيت الأطهار الذين قدمهم الحسين قرابين في سبيل إعلاء كلمة الحق والعقيدة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن هذه الشخصية التاريخية المخلدة على مر الأزمان وضعت لها بصمتين إحداهما بصمة عار في جبين أعدائه وقتلته ومبغضيه حين أقدمت هذه العصابة على قتل هذه الروح الطاهرة النقية مع أهل بيته النجباء وأصحابه الميامين ترافقها لعنة إلى يوم الدين لكل من ساهم وأقدم ومد يد العون لهم.
أما البصمة الثانية فذلك الموقف الشجاع البطولي الإيماني الحريص على هيبة وبيضة الإسلام والعقيدة التي سُلبت من المجتمع آنذاك وحرفت المسلمين والإسلام من نهجه ومبادئه السامية.
إن شخصية الإمام الحسين ع قد ظلمتها الأمة الإسلامية مرتين مرة في إقدامها على قتله في ساحة الحرب، والأخرى حين ضيعت معالم هذه النهضة المباركة التي قام بها ودفنت كثيرا من الحقائق التي تقبع في بطون كتب التأريخ الحقيقي والسير المبعثرة على سطور سفر التأريخ تنادي بكل أسى على من يستنقذها وينفض عنها التراب لإظهارها للناس مشرقة ناصعة متوسمة ببعض العقول النيرة التي لا تأخذها مغريات الزمن الزائل وقدر من الشجاعة التي تمتلكها.
وما أحوجنا –نحن المسلمين- اليوم في إظهار حقيقة هذه النهضة الثورية وهذا القائد للعالم الإسلامي والإنساني ولهذا الجيل الذي بات يبتعد عن المجتمع وتأريخه الصحيح وينحرف مع التيار المادي ومنهجه العلماني بحجة المدنية المشوهة والذي يدور في فلك الغرب المعادي للإسلام وعقائده وشخصياته.
وهذا الجهد يُكلف به المتصدون من رجال الدين والمفكرين والباحثين عن الحقيقة وأصحاب العقول البعيدة عن الطائفية والمذهبية من باب الواجب الشرعي المكلف به أمام الله ورسوله محمد ص.