المشغل النقدي ...

23-09-2019
اللجنة الثقافية
يأخذ السرد الموضوعي العديد من الوظائف الفاعلة داخل النص التدويني، وهو عبارة عن وعي الكاتبة بما يمنحنا من التصور وجماليات الموقف، خلال عرض التفاصيل الاحتوائية، وتتبع قوة السرد لإمكانيات التنامي، وتبني روح المعرفة وسعة الأفق، في مشغلنا النقدي نتابع وظائف السرد عبر كل نص, طريقة تقديم الموضوع, اضاءة المفاهيم، أي الصيغ التي تدوّن الخطاب المضموني، كإجراء يعرض إمكانيات كل كاتبة، مثلاً: هل تقدر على ترسيخ المادة في ذهنية المتلقي وخضوعها لمكونات فهمية المقتبسة، وسنأخذ في الجزء الأول ست كاتبات لمعالجة الأساليب الستة نبحث عن إمكانية الصياغة والرؤية ومسعى التواصل مع المتلقي:

أولاً- الكاتبة زهراء سالم وموضوعها (علي الأكبر وعنفوان الشباب):
بدأ النص بتعريف هادئ لكنه سرعان ما استطاعت أن تسوغ هذا الانتماء الإنساني الى مفهوم الوقوف ضد الانحراف بجميع مكوناته، للتوضيح وللدراسة وبيان الأسباب كدراسة معالجة القضية, والبحث عن بؤر الفكر المستورد الذي جعل الأهداف مادية؛ بسبب اتخاذ القدوة الخطأ, فحوى يحقق معنى الكتابة للولوج الى عمق المشكلة ومعرفة الأسباب التي تبنتها عبر واقع معاشي، لمختلف الأفكار والمنهجيات التي تحاول أن تبعد الشباب عن التأثر بالرموز المقدسة.
عرضت التجربة باستخلاص سؤال محوري وجّهه الرمز المقدس علي الأكبر لأبيه الحسين C: (ألسنا على الحق)..؟ ليكون الجواب: (جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده).
تعتبر الكاتبة زهراء سالم ان عرض الموضوع بهذا الشكل هو عرض تكاملي يبحث في الارتداد الفكري داخل عقل القارئ، باعتبار ما عرضته هو ايحاء دلالي يحث الشباب على التمسك برموزه المقدسة, إنها كاتبة يتوقع لها المشغل النقدي مستقبلاً زاهراً.
ثانياً- الكاتبة زينب ضياء وموضوعها (الإدمان السلوكي):
من عناصر الخطاب المهمة هو تناول الكد الاجتماعي الذي يرصد السلوكيات الاجتماعية والحكم عليها وفق سلم القيم الاجتماعية، وفحص السائد الاجتماعي بمرجعية الواقع، امتلاك القدرة على الفعل المؤثر وخلق التفاعل المثمر مع النص، فهي تقدم تعريفاً لمعنى الإدمان أي التعويد, وتشرح أنواعاً مهمة من أنواع الإدمان، ثم تلج عمق الموضوع بالبحث عن الإدمان السلوكي هذا النوع من الحفر داخل المعنى هو تقصي البنى لإبراز القصدي: (ادمان الانترنت، الألعاب الالكترونية، مشاهدة المسلسلات... وغيرها).
اشد الناس اهتماما بالواقع وتوظيف هذا الفهم لبلورة المعلومة, مثل ذكرها أسباب قادرة على ان تساعد على الإدمان واهمهما (العزلة) الى درجة قطع صلته بالمجتمع, وتتحول حالته الى حالة مرضية، عندما يحضر الواقع في النص يكون له أهميته في الخطاب ومن ثم تبدأ بسرد طرق علاجية, تميزت إمكانية زينب ضياء بقدرتها على صياغة موضوع كان له تناصات كبيرة في عوالم الكتابة وتبين اسلوبها الخاص.
إنها كاتبة قادرة على صناعة غدها بقوة.
ثالثاً- الكاتبة سوسن بداح خيامي من لبنان وموضوعها (استغلال طاقات الشباب):
يجند الخطاب جميع قدراته ومساحات الحديث عن الموضوع المحوري استغلال طاقات الشباب؛ كونهم يشكلون صلاح الوطن فقيمة الشباب بما يقدمونه من بذل وعطاء, تنوع مكونات الخطاب أولاً حفظ مقدرات الأمة ومرحلة تكوينه وضعف التوجيه, وتغذية سلوك العنف والفوضى ثم تنتهي الى رؤية الحلول المعروضة.
ترى لابد من توفير المساحات لهم لاستثمار طاقاتهم، وتبدأ مرحلة الاستشهاد بمقولات العلماء ودراسات عديدة توفرت للموضوع كمرجع اساسي وما لاحظه الباحثون ايضاً في ان العزلة الاجتماعية تجعل الشاب بعيدا عن أهدافه وقيمه, العزلة تولد الخوف والاكتئاب.
واستنتج الباحثون في علم الاجتماع ان معالجة قضايا الشباب يجب أن تنطلق من الشباب أنفسهم، هي تريد أن تتحدث عن رؤى الاغتراب الداخلي ونفي العالم كله وفصله والتعامل معه ككائن غير منتمي، وبهذا دخلت البعد النفسي كمقدمة لظهور ابعاد ما بعد اجتماعية.
إنها كاتبة قديرة تقدر ان تقول ما تريد.. يتمنى المشغل لها غدا افضل.
رابعاً- شفاء طارق العمري وموضوعها (دموع النادمين):
عندما ينفصل الوعي عن الانسان يصبح مجردا عن المشاعر والقيم، ولا يحتاج الى كتابة الادب والابداع، البطل السلبي لابد ان يعيش الصراع مغلوبا على امره؛ كي يكتشف وضعه بنفسه بعدها تأتي الانقلابة الكبيرة لندم فاعل، وهذا هو تجلي الخطاب الدلالي، الذي يوصل الانسان السلبي الى نهاية، لتتحول هذه النهاية الى بداية حقيقية لنهوض الحكمة فيها.
الكثير من الشغل المبدع رغم ان الحكاية معروضة مثل هذه الحالات على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن المقدرة الإبداعية لهذه الكاتبة اعطتها قوة وقدرة على خلق دلالات جديدة تشد المتلقي رغم انه يعرف الحكاية مسبقاً.
إنها قدرة إبداعية لها شأن ومستقبل.
خامساً- زينب العارضي وموضوعها (اليك يا ابنتي):
أدب الرسائل هو لون من الألوان التدوينية والتي تمتلك لغة رصينة لكنها تنتمي الى ادب الرسائل، وهذا ليس عيبا من العيوب، وانما هو أسلوب له القدرة على البوح والانفتاح على الآخر يكشف مقدرة الكتابة، وعند الكاتبة زينب العارضي استثمار كامل لفكرة الوعظ والتوجيه فهي رسالة توجيهية الى ابنتها، ونجد أن المخاطبة المباشرة أضعفت بنية الخطاب السردي، وضيعت شيئاً ما من حلاوة الحبك لغة كانت في قوة مسارها الا انها كانت بحاجة الى الضغط والتكثيف.
إنها كاتبة لها مكان في عالم الابداع.
سادساً- فاطمة الركابي وموضوعها (أليس مقياساً للرفعة):
ولادة ظاهر الالحاد الغريبة عن الانتماء الفكري، وقد قوبلت بنهضة فكرية وصيغ متنوعة من صيغ الرد، وقد كرس الابداع جوهر معناه لصياغة أدب فكري متحرر يعمل على اثبات الذات الإلهية، والتعرض الى أي إشكالية يعاني منها الواقع هو مادة جاهزة للكتابة ويصبح جزءا معرفيا وتجربة لابد ان تحمل في طياتها الواقع والكتابة عن المعاناة تعني ابراز معالم الهوية.
الكاتبة فاطمة الركابي تأملت ببصيرة لتنقل الوعظ وخاصة وعظ الحكمة وقد أبدعت.