من أدب فتوى الدفاع المقدس ( حين يتدحرج الوقت )
14-09-2019
علي الخباز
ثمة لحظات جامدة يعيشها الانسان تحتاج الى موقف سريع يحركها الى يمين الى شمال الى اسفل يخضها لتتحرك وتكسر طوق جمودها، اخذنا الكلام ونسيت ان اعرفكم بنفسي انا المصور الحربي (حكمت محسن الكناني) من مواليد عام 1996م ولدت في بيجي والان انا على قيد الحياة شهيداً..!
كنت اقرأ كثيرا عن واقعة الطف وعن الشهداء الخالدين فأتعلم حقيقة واحدة انهم كانوا جميعهم يعلمون انهم سيقتلون ومع هذا تقدموا واثقين من النصر الذي هو الشهادة، يسيرون اليها بمرح فخور، وهذا الذي جعلني لا اخشى الموت.
كنت أقول مع نفسي: يا ليتني كنت هناك في واقعة الطف؛ لأوثق بكاميرتي انتصارهم، لنقل المواقف كلها أكيد كنت التقط صوراً جميلة مثلاً كنت احضر الى المشرعة لألتقط صورة للعباس A وهو يرمي الماء معترضا على عطش الحسين، الله.. كم ستكون الصورة جميلة..! وكنت التقط صورة مولاي الحسين وهو يواجه الصفوف وحيدا يقاتل جيشا بعدّه وعديده، الله.. كم كانت ستكون جميلة..! ولكنت التقط صورا كثيرة لعابس وجون وحبيب وجميع أصحاب الحسين، واما ابن سعد لا التقط له أي صورة؛ لأن العالم يعرف كل ما فيه.
المهم ان من تلك اللحظات الجامدة التي عايشتها، كان هناك توقع لهجوم كبير تشنه الدواعش على عتبات العيد، وفعلا منحني مسؤول قسم الاعلام، اجازتي وقال لي: اذهب الى العائلة وابلغهم سلامنا ونسألهم الدعاء.
شعرت بما تمتلك اللحظات الجامدة من قسوة وموت.. قلت: لابد ان اتدارك الامر وان احركها ادحرجها الى اسفل لأشيد موقفا، لا اريد الاجازة، اريد ان اقضي العيد هنا، اريد ان اوثق بهجة العيد في هذا الطف، اريد ان أرى كيف تستقبل السماء أرواح الشهداء، هذا هو الشعور الذي حدثتكم عنه.
كل مقاتلي الطف، كانوا يعرفون ساعة الرحيل الى الله، وانا كنت على يقين اني سأرحل الى الله يوم عيد، ومن ارض بيجي التي فيها ولدت ومنها رحلت الى السماء، رحلت وانا اتشبث بكاميرتي، اريد ان آخذها معي لكنها امتلأت دما وانزلقت من يدي الى اسفل، ركزت في بيجي مهدي ومثواي وكاميرتي وجميعهم امانة في ذمة التاريخ.