يرى اهل الحكمة ان الفراغ مفسدة، ويرى معظم علماء النفس ان الفراغ الفكري والمعرفي له دوافع نفسية شعورية قادرة على اخراج الانسان من جادة الصلاح الى دائرة الغواية، علماء الاجتماع يؤكدون ان الفراغ عند الشباب يسهل الانجرار نحو ارتكاب السلوكيات المذمومة التي تلفظها المجتمعات ويرفضها الانسان المستقيم.
ونجد اليوم ان هناك سلوكيات استغلت وسائل الترفيه من انترنت وأجهزة اتصال وقنوات فضائية سببت غزواً ثقافياً وتسميماً للأخلاق وتكريس الفكر المادي، وجميعها استغلت فعل الفراغ، وخربت السلوك الشبابي بما تمتلك من جواذب، نريد ان نقف عند هذه الظاهرة ونبحث عن تفسيرها في عقول الشباب ونفسياتهم عبر شريحة من المثقفين:
آلاء عبد عون – تربوية:
رغم أن الظاهرة منتشرة ومعرفة لكننا نبحث عن أسباب التأثير وآليات هذا التأثير والتي تتلخص في نقطة مهمة وهي غياب التوعية، الله سبحانه تعالى طالبنا بالتفكر والتدبر وهذا الفكر هو عبادة وإصلاح، ونحن لو استوعبنا هذه المضامين وادركنا من خلالها معنى وجود هذا الفراغ في حياتنا وهو يعني وجود الزمن الفائض لدى بعض الناس، وقصور ادراكهم في كيفية استثمار هذا الفائض من الوقت، أما الفراغ الفكري هو قصور معرفي وتخلف توعوي لا يجيد استثمار الوقت باكتساب المعرفة والتعلم والمطالعة المتواصلة ليتحول هذا الفراغ الى حيوية تستنهض الهمم.
عامر مجيد علوان - مشرق تربوي:
الشباب الذي لا يعرف كيف يستثمر حياته ووقته هو شباب خامل لا يستطيع ان يواكب سير الحياة، ولهذا لابد ان نقف عند ظاهرة شيوع أوقات الفراغ لدى الشباب والعجز عن استثمار هذا الوقت في ابسط المعاني بالتأمل والتفكر والمطالعة الحرة وهذه مسائل قادرة على ملء الفراغ بقيم حقيقية ترشدهم الى طريق الخير ويبعدهم عن الضياع.
سمية محمد راضي – مهندسة:
من حقنا أن نسأل: من اين يأتي الفراغ..؟ وهناك مكتبات علمية عامرة وكتب مترجمة ومؤلفة وبيوت علم ومنتديات ومجالس ثقافية وادبية واتحادات، والفراغ سبب من أسباب الجهل بالأثر الإيجابي لأهمية المطالعة واستثمار وقت الفراغ، ولهذا نجد حرص المؤسسات الثقافية على اعداد معارض الكتاب، فالقراءة مفتاح العلم واساس التربية، وأغلب المعلومات تردنا عن طريق القراءة.
رياض مسار تومين – كهرباء:
لنترك تعريف المشكلة فهي معرفة ونبدأ من معالجتها وانا اقصد بتدريب النفس وتمرينها على قضاء الوقت بأشياء نافعة، كانت سابقا النشاطات اللاصفية هي مخصصة أساساً لاستثمار وقت الفراغ عند الطالب، وكشف جواذب الانتماء النفسي نحو نشاط من تلك الأنشطة: (شعر، مسرح، رياضة، اعمال فنية) وابعادهم عن التصرف السلبي.
وممكن ان نستثمر اليوم الانترنت لسد الفراغ بأشياء مثمرة، هو أساساً لماذا الفراغ موجود، ونحن وسط هذا التطور، مثل: اختيار الرفقة الصالحة والعلاقات الإنسانية والاشتراك في نشاطات اجتماعية..؟
من الممكن أن يكون الانترنت سبباً مهماً في استعمال الفراغ، ويمكن ان يكون سبباً في الاجهاز على الفراغ، فالقضية رهينة بوعي الشاب وثقافته، لدينا الكثير من الشباب يشكو قصر الوقت فهو لا يكفيه ليملأ طموحه من اكتشاف ذاته.
الخلاصة:
جميع الشباب الواعي يدرك أهمية الوقت ووجود وسائل من الممكن ان تخدم استثمار هذا الوقت بالشكل الصحيح، ويرى اغلب الشباب أن سبب الفراغ هو ضعف الايمان وعدم الاتصال مع الدين، والعبادة اتصال روحي، والتواصل الوجداني الروحي قادر على ان يستنهض الهمم ويكسب المعرفة والايمان.