النية الصادقة..
14-09-2019
حنان الزيرجاوي
منذ صغرها تعلقت بالإمام الحسين ع ، الحب الفطري الذي بداخلها، بدأ يتعاظم مع مرور السنين، تشاهد ذلك الحب الجنوني الذي ينتاب المحبين خصوصاً أيام عاشوراء، فتراها يسافر قلبها في شغاف حب ليس له نظير، تمتطي صهوة جواد ذلك العشق الأزلي، لتحط رحالها عند تراب القبر الطاهر لتعفر جبهتها به ليكون لها واقياً من لظى النار يوم القيامة.
هكذا كانت هواجسها وهي تسافر في كل ليلة بروحها إلى ذلك المعشوق الذي عشقته بعد عشقها لخالقها، كانت تسمع الحكايات الجميلة من جدتها وأمها وبعض أقاربها ممن كُنّ قد لثمْنَ الشباك، وطفْنَ حول الضريح، عندما تستمع تزداد شوقاً لفعل ذلك لعلها تطفئ بعض لهيب ذلك الشوق، هذا الحلم يراودها كثيراً، ولكن كان ذلك الأب العطوف الذي أثقلته هموم الحياة وضيق ذات اليد لا يحقق لها أحلامها، بعد سنوات وسنوات، بعد ما مضى من العمر ما مضى، أصبحت أكثر إدراكا وإيماناً وارتباطا بالله جاء خبر ما كنت تصبو اليه منذ صغرها، نداء الأب غداً سنذهب إلى كربلاء لن تصدق ما سمعته، أتت مسرعة إلى جنب أبيها وبغنوج البنت التي تلاطف أبيها: أفعلاً ما تقول؟!
:ـ نعم يا ابنتي..
لم تنم تلك الليلة، أبحرت تسبح في محيط أفكارها، كيف سأُقبّل الشباك؟ ماذا أناجي سيدي؟
هل أعطّر روحي بأنفاسه ووو...
مازالت هذه الأمنيات في طريق الطويل إلى أن وصلوا، كان الأب قد اتعبهم سيراً على الأقدام إلى أن وصلوا، نال التعب منهم الكثير فجلسوا بين الحرمين ليأخذوا قسطا من الراحة، لكن المرض داهمها، انهارت من البكاء وكاد يغمى عليها، هنا رفعت رأسها إلى السماء، نظرت ملياً ثم رمقت المرقد الشريف بنظرة ملؤها الحزن، أخذت تناجي المولى أبا عبد الله A:
أنت تعلم كم هو حبي وشوقي ولهفتي اليك، وكاد حلمي أن يتحقق بأن أُطّهر شفتيّ بلثمة من ضريحك الطاهر، ولكن يبدو أني لا أستحق هذا الشرف، ولكن أقسم عليك بغربة زينب أن تحمل حاجتي إلى الله تعالى بأن يسهّل لي أمر زيارتك ولقياك في قادم الأيام، وعادت لترفع رأسها وناجت معبودها:
إلهي بحق الحسين عليك أجب دعوتي..
تقول هذه الكلمات مختنقة بعبرتها ثم عادوا إلى بيتهم، لكن المفاجأة التي لم تكن تتوقعها هي أنه بعد شهرين استجيب دعاؤها وأي استجابة تهيأت الظروف؛ لأن تبقى في كربلاء لأشهر، وهي تلثم الضريح في كل يوم وتسجد لله شكراً على استجابة الدعاء.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين..